كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
يظن الممسكون بالسلطة في لبنان أنهم محطّ اهتمام دول العالم، بينما الحقيقة أنهم وصلوا الى مرحلة فقدان الثقة بهم، ما يُفسّر عقد مؤتمرات وإقرار مساعدات لا تمرّ عبر الدولة اللبنانية.
شخصت أنظار العالم إلى اللقاء المهمّ الذي جمع الرئيس الأميركي جو بايدن مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وعلى رغم عدم إظهار أي فريق تنازله ولو بالشكل، إلا أن هذا اللقاء تطرّق إلى مسائل عالمية تهمّ البلدين، وذلك وفقاً لمنطق “كل دولة تنفّذ السياسة التي تحفظ مصالحها” .
وفي السياق، فإن الأجواء بدت إيجابية في ما خصّ الملفات العالقة، ومنها الأمن السيبراني وأمن أوروبا الشرقية وإعادة بث الروح في العلاقات الديبلوماسية ومسألة حقوق الإنسان ومنع الحروب النووية والإستمرار بالحوار.
لكن في الشقّ اللبناني فقد أتت النتيجة مخيّبة للآمال، فعلى رغم الضخ السياسي في لبنان بأن هذا الملف سيكون طبقاً أساسياً في اللقاء، فقد كانت الحقيقة مغايرة للأمنيات إذ أنه لم يأتِ أي من بايدن وبوتين على ذكر لبنان.
وفي قراءة لما حصل، تؤكّد مصادر ديبلوماسية مطّلعة أن هذه القمّة مختلفة عن قمّة هلسنكي التي عقدت في تموز من العام 2018 بين الرئيسين دونالد ترامب وبوتين، فتلك القمّة ذكرت بنداً مهمّاً لم يُطبّق وهو ضرورة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم ما يؤثّر إيجاباً على الملف اللبناني ويحلّ مشكلة عالقة ترهق خزينة الدولة.
ومن جهة أخرى، ترى المصادر أن هذه القمّة أعادت القضية اللبنانية إلى حجمها الحقيقي، بعدما حاول قادة لبنان الإيحاء بأن العالم ينظر إلى مشاكلهم، فعدم تناول الملف اللبناني يعني أنّه قابل للحلّ بحوار داخلي وتقديم تنازلات، ما يُفسّر أن جزءاً كبيراً من العرقلة مرتبط بشكل مباشر بالسياسيين اللبنانيين.
وفي سياق القراءة لما حصل، فإن النقطة الأبرز هي اتفاق كل من بايدن وبوتين على عدم إمتلاك طهران للسلاح النووي، وهذا الأمر يأتي من ضمن رغبة الرجلين في حماية أمن إسرائيل والمنطقة، لكن هذه النقطة تطرح تساؤلات كثيرة حول حصول أي إتفاق لـ”قصقصة” أجنحة طهران في المنطقة خصوصاً وأن واشنطن تريد ذلك، كما أن طهران تُزاحم موسكو على الأرض السورية، وبالتالي يُطرح مصير “حزب الله” جدّياً على طاولة البحث ودوره في سوريا والمنطقة.
ولم يصدر أي قرار حازم بشأن حلّ الأزمة السورية، ما يعني أن إرتدادات هذه الحرب ستبقى تؤثّر على لبنان، في حين أنه تمّ الحديث عن فتح ممرّات إنسانية من أجل تمرير المساعدات، ما يُسقط حجّة بعض النازحين بأن وجودهم في لبنان هو من أجل الحصول على المساعدات من الأمم المتحدة.
منذ سبعة أشهر راهن عدد من القادة اللبنانيين على الانتخابات الأميركية من أجل تسهيل ولادة الحكومة، فحصلت الإنتخابات ولم تحصل الولادة المرتقبة، واليوم هناك قسم كان يراهن على القمّة الأميركية – الروسية التي عُقدت، في حين أن قسماً آخر يضع رهانه الأساسي على اتفاق فيينا النووي المرتقب، لكن الحقيقة أن كل تلك الرهانات أثبتت فشلها ولم توصل إلى النتيجة المرجوة.
ومعلوم أن واشنطن فقدت ثقتها بالطبقة السياسية اللبنانية وتسعى إلى خلق طبقة بديلة، في حين أن موسكو تقوم بمحاولاتها الأخيرة معها من أجل تحقيق خرق في جدار الأزمة، من دون أن تصل لأي نتيجة في وقتنا الحالي، وبالتالي فإن سيناريو الإنهيار سيستمر على هذا الشكل وسترتفع وتيرته في الأسابيع والأشهر المقبلة.