Site icon IMLebanon

بوريل يحلّ “ضيفاً ثقيلاً ” على بعض اللبنانيين

ما زال بعض القادة اللبنانيين يعتقدون ان العالم يدور من حول الازمة اللبنانية فيحاولون تطويع المبادرات والمحطات الدولية وحتى القمم الكبرى من أجل تفسير ما يجري على الساحة اللبنانية رغم خلو معظم جداول أعمالها من ملف اسمه “ملف لبنان”.

وتعتقد مصادر ديبلوماسية غربية في تحليلها لهذه المعادلة عبر “المركزية”، ان اللبنانيين لم يتعبوا بعد من رهانهم على المواقف والمحطات الخارجية رغم معرفتهم ان أقصر الطرق المؤدية الى التعافي والإنقاذ ما زالت في ايديهم ويمكن ولوجها بالتخفيف من سلة المطالب والطموحات الشخصية والتراجع عن الكثير من “العنجهية” و”الديماغوجية” في التعاطي مع القضايا الوطنية من اجل اثبات قدرتهم على إدارة شؤون البلاد والعباد استدراجا لثقة فقدت من الداخل والخارج.

على هذه الخلفيات، يتطلع المراقبون الديبلوماسيون الى زيارة الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الاوروبية جوزيب بوريل في بداية زيارته الرسمية الى لبنان اليوم حيث يمضي يومين يلتقي خلالها كبار المسؤولين في اليوم الأول منها قبل ان يتوسع في لقاءاته مع قادة الاحزاب والشخصيات اللبنانية.

ولا يستطيع المراقبون تجاهل القول ان اللقاءات مع ممثلي “القوى التغييرية” في لبنان باتت مواعيد ثابتة في جداول اعمال زيارة اي موفد اوروبي او دولي الى لبنان. والدافع لم يعد سرا في ظل فقدان الثقة باركان السلطة وصولا الى مرحلة تمنى فيها البعض منهم – وبدون اي حرج او خجل – تجاهل وجودهم لو لم يكن البروتوكول يفرض هذه الزيارات عند الوصول إلى اي بلد ما في العالم. فلم تخرج اللقاءات معهم عن صفتها البروتوكولية التي لا يحتمل مضمونها حجم الصورة التذكارية التي لا بد منها.

وانطلاقا من هذه النظرية التي أثبتت الزيارات الاخيرة لموفدين دوليين واوروبيين دقتها فقد جاءت زيارة بوريل هذه المرة لتضيف تأكيدا آخر على هذه المعادلات. فلقاءاته الرسمية خصصت لها مواعيد قصيرة للغاية للانتهاء منها بساعتين تقريبا من اصل الـ 48 ساعة التي سيمضيها في لبنان قبل ان يتوسع في لقاءاته الأخرى السياسية والحزبية ومع القوى التغييرية.

فجدول اعماله ومضمون رسالته سبقته إلى بيروت فهو يحمل في جعبته ما يشبه التحذير الاخير من مخاطر فشل مساعي تشكيل الحكومة دون بلوغ النتيجة المنتظرة منذ أكثر من ثمانية اشهر قياسا على موعد تكليف الرئيس سعد الحريري وعشرة اشهر على تفاهم “قصر الصنوبر” الذي رعاه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والذي اعتبر مبادرة فرنسية مغلفة بالغطاء الأوروبي والدعم الدولي، وعشرة أشهر على الإنفجار التدميري الذي أصاب مرفأ بيروت وشكل محطة يحتسب ما كان قائما قبلها من أزمات على مختلف المستويات النقدية والسياسية والصحية والحكومية المتمادية وما تلاها من تطورات باتت تهدد وحدة البلاد ومؤسساتها وشل قطاع الخدمات فيها الى درجة رفع فيها الصوت من اجل حماية الجيش والمؤسسات الامنية وتوفير الحد الأدنى من الخدمات العامة والتي توحي بتوصيف يتجاهله البعض لما آلت اليه الدولة الفاشلة والمارقة.

وقياسا على ما تقدم لا تخفي المراجع الديبلوماسية قلقلها على استهتار البعض بزيارة دوريل شانه كاي موفد دولي في هذه المرحلة. فالمخاوف الجدية تتزايد من تجاهل بعض أركان السلطة للتحذيرات الدولية للحد من الانهيارات المتتالية على أكثر من صعيد. ولا يتعب هؤلاء في البحث عن الأسباب التبريرية، فبعض من يقبضون على مفاصل السلطة اهملوا المبادرات الدولية إلى ان تفاقمت الأمور لمجرد انها تطالبهم بالتواضع في مطالبهم واحلامهم بهدف توفير القاعدة الاساسية التي يمكن الانطلاق منها للتأسيس لمرحلة الإنقاذ وهي لا تترجم سوى بتشكيل حكومة كاملة المواصفات الدستورية لتقوم بالاصلاحات المطلوبة أيا كان ثمنها والانطلاق بمفاوضاته مع صندوق النقد الدولي من أجل استرجاع الحد الأدنى من الثقة بإمكان احياء الدولة ومؤسساتها ؟.

وعليه لا تستغرب بعض المصادر ان تكون زيارة بوريل مزعجة للبعض وخصوصا ان كشفت عن حجم العقوبات الاوروبية المنتظرة بحق بعض اللبنانيين المستهدفين من مواقع مختلفة والتي قيل ان السفيرة الفرنسية في بيروت قد ابلغت بعض المعنيين ممن شملتهم هذه العقوبات وما سيترتب عليها عند بدء تطبيقها. ولذلك فان اي محاولة للبننة ما سيقترحه من إجراءات وتمييعها ستؤدي الى فشل الزيارة لتحتسب موعدا عابرا لموفد دولي زار لبنان وفشل في اقناع اللبنانيين بمساعدة أنفسهم قبل ان يأتيهم الدعم الدولي.

وتبقى الإشارة ضرورية إلى ان رهان اللبنانيين الدائم على مجموعة التحركات والمؤتمرات الدولية ليس في محله فهم واهمون انهم حضروا على طاولة المفاوضات بشأن الملف النووي الايراني وفي المفاوضات السعودية – الايرانية في بغداد وصولا الى القمة الاميركية – الروسية التي عقدت في جنيف. وبالرغم من التبليغات شبه الرسمية التي نقلها سفراء وموفدون غربيون وما حملته تقارير ديبلوماسية من عواصم المؤتمرات والدول المعنية فانهم لم يفهموا بعد أنه ليس هناك من ملف او ورقة إسمها لبنان على هذه طاولاتها قبل ان يسوي أطرافها الملفات العالقة بين بلدانهم وهي كثيرة بانتظار معرفة انعكاسات ما سيجري في الأشهر المقبلة على لبنان. فهل سيتعظون؟