كتب عوني الكعكي في “الشرق”:
منذ أكثر من ثلاث سنوات، لا يمرّ يوم واحد، إلاّ وهناك اتهام ضد حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة.. والحاكم صامت، يعمل بهدوء ويعالج الأمور بشكل يليق بموقعه وأخلاقه وتربيته وعلمه وتاريخه في عالم المصارف.
إحدى الفضائح، كما تصر إحدى وسائل الإعلام التابعة للممانعة والصمود والتصدّي، والتي لا يغيب الحاكم بالصورة والعناوين المثيرة ضدّه يومياً… والحاكم صامت يعالج الأمور برويّة وهدوء…
سبحان الله كما يقولون… فإنّ الحقيقة لا بد لها من أن تظهر… وهذا ما حصل مع اللذين أثارا قضية الـ400 مليون دولار في سويسرا وهما المحامية زينة واكيم والمحامي وليد سنو اللذان يعملان في سويسرا وأسّسا جمعية تسمّى Accountability now أي «المحاسبة الآن» شائعات تتناول دور حاكم مصرف لبنان بالتصرّف بالأموال، وطاولت هذه الاتهامات بنك عودة في باريس الذي أُخْضِعَ للتحقيق..
واعترفت المحامية في كتابها أنّ تصرّفها وزميلها وليد سنو تصرّف لا يرتكز الى دراسات قانونية أو حسّ بالمسؤولية تجاه الآخرين. ومع الإشارة الى موضوع بنك عودة بتاريخ 2021/6/21 فمن المفيد الإشارة الى أنّ ترويج ادعاءاتهم بتبييض الأموال سبقت ذلك، ما اضطرهما الى مواجهة انذار بإقامة دعوى ضدهما بإساءة ذمة وتعدٍّ على الحقيقة ما سبّب ضرراً بالعمل المصرفي. كما اضطرهما الى توجيه رسالة لمحامي شركة في بريطانيا، أصابها اتهام يعتذران فيها عن الإساءات، وكأنها غير مقصودة والاعتراف بأنّ المعلومات مستقاة من مصادر صحافية غير موثوقة، و«يرجى هنا التركيز على أنّ المعلومات مستقاة من مصادر صحافية غير موثوقة».
ومن ثمّ يتعهدان بعدم استعمال اتهامات من هذا النوع واللجوء الى نشرها، بل حتى تهديد من وردت أسماؤهم في الادعاءات المختلفة رغبة في الإيذاء، وعدم الاستماع إليهم مستقبلاً.
وتصحيحاً لادعاءات «المحاسبة الآن» وصاحبيها المحاميين زينة واكيم ووليد سنو، نرفق نص رسالتهما الاعتذارية وطلبهما المساعدة من كل من ناله الضرر من نشرهما وثائق وادعاءات ظهر انها مزوّرة.
إنّ المطلوب من السلطات اللبنانية وبصورة خاصة وزيرة العدل، التي سارعت لتصويب الادعاءات وطلبت من المدعي العام المالي الفرنسي ايضاحات فأجابها أنّ ليس هناك قضية، كما تدّعين أو أوحي لك…
وكانت المحامية الدولية السويسرية المختصة بقضايا حقوقية دولية زينة واكيم أكدت مبدأ تبييض الأموال علماً أنّ واكيم لديها خبرة واسعة في قضايا حقوقية دولية، منها محاكمة مجرمي الحرب في ليبيريا، وقضية ملاحقة مؤسّس شبكة «ويكيليكس» جوليان اسانج في سياق محاولته الحصول على لجوء الى سويسرا.. هذا ما صرّحت به المحامية زينة واكيم لموقع (درج). وبحسب واكيم فإنّ التحقيق السويسري في قضية سلامة هو تحقيق لم يسبق، أن حصل له مثيل… أي ان يتم التحقيق مع حاكم مصرف مركزي في بلد ما… لكن المعطيات تؤكد اننا حيال قضية تبييض أموال بمبالغ ضخمة.
فما الذي حمل المدعي العام السويسري على فتح التحقيق في هذا التوقيت بالذات؟
يقولون هناك احتمالان: الاحتمال الاول هو أنّ أحد المصارف قام بتبليغ المكتب المركزي لدى الشرطة الفيدرالية (FedPol) إذ ان المصارف السويسرية ملزمة بحسب قانون تبييض الأموال بأن تبلغ مكتب السلطة الرقابية (MRO) عن أي تحويل. وهذا المكتب يراجع الحالة وإذا كانت جدية، بشكل كافٍ، يحوّلها الى مكتب المدعي العام لفتح تحقيق رسمي..
الاحتمال الثاني هو أن يكون مكتب المدعي العام قد علم بشكل مستقل عن إمكان وقوع جرائم جدية وقرّر فتح تحقيق..
طبعاً هذه البداية من انكشاف التركيبات التي تساق للإساءة الى سمعة حاكم مصرف لبنان وبنك عودة والقطاع المصرفي أيضاً.
ولنا عودة الى مزيد من المعلومات والفضائح لأكاذيب بعض الإعلام الغبي الذي لا همّ له إلاّ الإساءة لسمعة حاكم مصرف لبنان والإساءة أيضاً الى المصارف اللبنانية.. علماً انه قبل القرار القاتل الذي اتخذته حكومة حسان دياب والذي أعدم من خلاله القطاع المصرفي عندما تمنّع عن دفع سندات اليورو بوند المستحقة وتعرية المصارف اللبنانية في معاملاتها مع المصارف العالمية.
ملاحظة: هناك كتاب صدر منذ أيام اسمه LIBANON’S SIX YEARS OF DARKNESS وهو كتاب للزميل مروان اسكندر، وها نحن ننشر اليوم صورة لرسالة الاعتذار التي أرفقت بالكتاب المذكور… عسى أن يعمّم هذا التوضيح بعدما عمد المحاميان المذكوران الى تضخيم الصورة اصطياداً في الماء العكر. فلبنان لن يُنْقَذ بأفكار زينة واكيم ووليد سنو، كما أنّ لبنان لن ينقذ بتعليقات صحافية وتلفزيونية بعيدة كل البعد عن الحقيقة ومصلحة لبنان.