كتب أسامة القادري في نداء الوطن:
أن يطلق أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري زياراته المناطقية بطلة الى البقاع الأوسط، ليس بالأمر المستهجن في الأيام العادية، لكون البقاع يعد بالنسبة للتيار الازرق “خزانه البشري”، وعنوان انتكاسته في الانتخابات الاخيرة بعدما أمّن على حسابه من جمهوره فوز الوطني الحر بمقعدين، فيما هو فاز بمقعد واحد.
لم تكن الزيارة هذه المرة لـ”ترقيع” زلات وهفوات النائب جبران باسيل تجاه السنة ووصفهم بالدواعش كما حصل في البقاع الغربي، التي تلت التسوية وسبقت الإنتخابات النيابية السابقة، وأجهدت الأمين العام لإقناع الشارع و”تطبيقه” بقبول التحالف مع التيار “البرتقالي”، ورضوخ الجمهور لإنتخاب سليم عون عن المقعد الماروني في زحلة بإعتباره من أحد شروط التسوية آنذاك، أما أن تأتي زيارته للبقاع اليوم ولبنان يعيش مخاضاً “عسيراً” بين ولادة حكومة أصبحت مستحيلة، او إعتذار عن التكليف من رئيس التيار سعد الحريري، لها دلالاتها ومعطياتها في الشارع البقاعي وتحديداً ذي الغالبية السنية، حيث بدت في الشكل تفقدية لواقع الحال، ومدى تأثر الشارع بـ”ثبات الحريري بوجه الضغوط” و لـ”جس نبض”، وما اذا كان يقبل بإعتذار الحريري ام لا، بعدما أعاد الدم الى شرايين التيار اثر تصلب الرئيس الحريري بوجه بعبدا وميرنا الشالوحي.
حرص الحريري على انطلاق لقاءاته بدءاً من زيارته لمفتي زحلة والبقاع خليل الميس قبل يومين في دارته في مكسة يرافقه منسق عام التيار في البقاع الأوسط سعيد ياسين، واللقاء برؤساء بلديات ومخاتير محسوبين على التيار، بكافة القطاعات والنقابات في التيار، والإستماع الى هواجس الجميع في مقر المنسقية في تعنايل في البقاع الأوسط.
وأفصحت مصادر مستقبلية لـ”نداء الوطن” أن الزيارة هدفها استمزاج الجمهور المستقبلي والمحازبين، في الملف الحكومي والإطلاع على رأي الشارع البقاعي عن قرب وبدون وسيط بموضوع إعتذار الحريري عن التكليف، ليبنى على الشيء مقتضاه، وأشارت المصادر أن الرئيس الحريري لم يحسم موضوع اعتذاره من عدم الاعتذار، وذلك مرهون لما يراه جمهوره من خلال استطلاع الوضع، للتفرغ الى هيكلة المسألة التنظيمية للتيار في البقاع، من خلال وضع خطط تنظيمية تعبوية تساهم في قبول المستقبليين وما ينتج عن ترتيب وضع البيت الداخلي للقيادات السنية واحتوائها منعاً للاصطياد في الماء العكر كما حصل سابقاً في محطات مختلفة.
“زمن النكسات والاحباط ولى بدون رجعة”، عبارة كثيراً ما رددها أحمد الحريري على مسامع الذين التقاهم في المنسقية لرفع معنويات المحازبين والمؤيدين ليقول ان لا تسويات مع هذا العهد بعد اليوم، وأشارت المعطيات ان الحريري ثابت عند أولويات الدستور ومعاييره في تشكيل الحكومة.
فيما قرأ متابعون ان زيارة الحريري الى البقاع انتخابية تصب في عملية استنهاض الشارع مبكراً لرفع مسؤولية التعطيل عن كاهله امام جمهوره، ولفتح ابواب الحديث عن التقارب مع قوى جديدة كحركة أمل وشخصيات سنية معروفة بخصومتها لتيار المستقبل، ومن بينها الوزير السابق حسن مراد نجل النائب عبد الرحيم مراد والذي كان “شعرة التواصل” بين الحريري ومراد الأب ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي.
وأشارت مصادر مستقبلية ان الحريري كان حذراً في حديثه عن التحالفات الانتخابية المقبلة، وأبقى أبواب التقارب مع “القوات” وامكانية التحالفات الانتخابية مفتوحة، محاذراً الغوص في موضوع مطالب الشارع بتعديل القانون الانتخابي، بإعتباره بحسب مصادر مستقبلية أن “التيار لن يغوص في معركة تعديل القانون الانتخابي وذلك مرعاة لـ”القوات” ولإعتباراتها وهواجسها رغم أن القانون الحالي أقرّ بهدف الإطاحة بكتلة المستقبل لما فيها من تنوع طائفي، واجحافه بحق الناخب السني”، وتابعت المصادر أن الحديث عن تعديل القانون الإنتخابي، يعطي النائب جبران باسيل” دهنة على فطيرة”، ليأخذ هذا الأمر حجة للصراخ مدعياً الدفاع عن حقوق المسيحيين، من هذه المقاربة يرفض “المستقبليون” المطالبة بتعديله.