كتب عمر البردان في “اللواء”:
غياب الرئيس المكلف سعد الحريري عن لبنان، بانتظار ما ستسفر عنه لقاءات «حزب الله» مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بما يتصل بالملف الحكومي، يشير إلى أنه ليس على يقين بأنها ستفضي إلى نتيجة إيجابية، لأنه يبدو جلياً أن فريق العهد لا يريد تسهيل الولادة الحكومية، وبالتالي يتوقع ألا تسفر اجتماعات مسؤول الارتباط بالحزب وفيق صفا مع باسيل عن تقدم، من شأنه تسهيل الولادة الحكومية . وحزب الله الذي أكد على لسان أمينه العام السيد حسن نصرالله أنه داعم وبقوة لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، في المقابل لا يريد كسر شوكة حليفه «العوني»، ولا يريد إظهاره بمظهر الخاسر من هذا الصراع السياسي القائم الذي تبدو فيه الحكومة تفصيلاً صغيراً، بانتظار الاستحقاقات التي ينتظرها البلد، حيث يحاول كل فريق الحصول على أكبر عدد من الأوراق التي تخوله الدخول بقوة على خط هذه الاستحقاقات، وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية المقبلة .
ومع أن فريق العهد هو الذي يظهر أنه يمسك بعصا التعطيل حتى الاستجابة لمطالبه، إلا أنه ووفقاً لما تقوله أوساط قيادية في «تيار المستقبل»، لـ«اللواء»، فإن «حزب الله» يتحمل «المسؤولية الأساسية في التعطيل القائم . وإذا كان فعلاً داعماً لمبادرة رئيس المجلس النيابي، فلماذا لا يضغط على حليفه «الوطني الحر»؟ وهذا ما يطرح علامات استفهام كبيرة عن أسباب هذا التعنت «العوني» الرافض لكل المبادرات من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة» . وتشير إلى أنه «لو لم يكن النائب باسيل مقتنعاً من تفهم الحزب لمطالبه، لما زاد في تعنته وإمعانه في التعطيل، ظناً منه أن الرئيس المكلف، سيضطر في النهاية للرضوخ، ما سيسمح لهذا الفريق بالحصول على الثلث المعطل في الحكومة الجديدة» . لكنها تؤكد في المقابل، أن «الرئيس الحريري لا يمكن أن يلين، وهو اليوم أكثر إصراراً على شروطه، ولن يرضخ لا لباسيل أو لغيره» .
وتشدد، على أن «الرئيس المكلف داعم هو الآخر لمبادرة الرئيس بري، كونها تأتي استكمالاً للمبادرة الفرنسية، ولا يزال ينتظر المساعي الجارية من أجل وضع الحل على السكة الصحيحة، مع أنه ليس متفائلاً كثيراً بالنظر إلى تجاربه السابقة مع هذا الفريق الذي ليس غريباً عليه أن يعطل كل شيء في البلد، حتى يحصل على ما يريد، وللبنانيين في تجارب الحكومات السابقة، وكيف كان «العونيون» يتصرفون، المثل الأبلغ في التعطيل ورهن المؤسسات من أجل مصالحهم»، مؤكدة في الوقت نفسه أن «الرئيس الحريري لا يمكن أن يبقى مكتوف الأيدي، إزاء إصرار النائب باسيل وفريقه على شروطه، وإلا لن تكون هناك حكومة . ولذلك فإنه وإن كان دائماً يضع مصلحة لبنان أولوية، فلن يتردد هذه المرة في تقديم اعتذاره، إذا أيقن أنه غير قادر على تشكيل حكومة وفق الشروط التي وضعها عند تكليفه، وهو لن يقدم على هذه الخطوة، إلا إذا كان مقتنعاً بأن مبادرة الرئيس بري، لم تعد موجودة على الطاولة» .
وعليه، فإن «حزب الله»، مطالب كما تقول الأوساط، بأن «يدفع بمبادرة حليفه رئيس المجلس قدماً، بما يجبر رئيس «العوني» على السير بها من أجل مصلحة البلد، باعتبار أنها الخرطوشة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإلا فإن الشكوك ستتزايد إذا لم يحصل تقدم حقيقي، ما سيضع الحزب مجدداً في قفص الاتهام، بأنه لا يريد تشكيل حكومة. وثمة من يسأل : هل أنه حان أوان تأليف الحكومة مع بروز موشرات عن قرب حصول انفراجة في مفاوضات «النووي» الإيراني، أم أن أنه لم يحن بعد أوان ولادة الحكومة، بالرغم من كل الكوارث التي حلت بلبنان؟ .
وفيما زادت مواقف النائب باسيل الأخيرة من حدة الاحتقان على الساحة المسيحية، علم أن بكركي لم ترحب باستنجاد رئيس «التيار الوطني الحر»، بالأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله، في الملف الحكومي، ولتحصيل حقوق هذا الفريق على حد قول باسيل . باعتبار أن حقوق المسيحيين تكون من خلال حقوق جميع اللبنانيين، في وطن سيد حر مستقل، لا يكون قراره بيد غيره، ولا أن تكون الدويلة فيه أقوى من الدولة . وبالتالي فإن هذه الحقوق تتأمن عندما يكون القرار للجيش اللبناني والأجهزة العسكرية والأمنية، وليس أن يكون قرار الحرب والسلم بيد مجموعة، على حساب الدولة والمؤسسات .
وأشارت المعلومات، أن لدى البطريركية المارونية، عتباً كبيراً على المعنيين بالشأن الحكومي الذين أوصلوا الوضع إلى ما وصل إليه، في ظل قطيعة عربية ودولية، لم يواجهها لبنان في تاريخه، بسبب إصرار الطبقة السياسية على تقديم مصالحها على حساب مصلحة البلد والناس .
وتكشف أوساط روحية مسيحية، أن البطريركية المارونية تعتبر مواقف باسيل تخصه وحده، ولا يمكن تبنيها، لأن بكركي ليست معنية بها، وتعتبر أن أحداً غير مخول بتحصيل حقوق المسيحيين، لأن المسيحيين أدرى بحقوقهم وقادرين على تحقيقها من خلال حقوق جميع اللبنانيين.