كتبت ماجدة عازار في نداء الوطن:
بعد إعلان دول عدة رصد إصابات بالمتحور “دلتا” المعروف باسم “المتحور الهندي” من فيروس كورونا، يبقى السؤال الى اي مدى سيبقى لبنان بعيداً من دخول هذا المتحور الى اراضيه، لا سيما بعد الحديث عن رصده في أكثر من 90 دولة في العالم حتى الآن؟
فصور مشاهد الاكتظاظ في قاعة وصول المسافرين في مطار بيروت استفزّت كثيرين وتوالت التحذيرات والدعوات الى ضرورة اتخاذ اجراءات اكثر قساوة وصرامة، فيما اتصل رئيس الجمهورية ميشال عون بوزير الصحة العامة حمد حسن الموجود في زيارة رسمية في تركيا وطلب إليه اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الازدحام الشديد الذي يشهده مطار رفيق الحريري الدولي في قاعة وصول المسافرين وذلك لإجراء فحوصات الـPCR الضرورية للآتين من الخارج، وذلك من خلال زيادة أعداد الفرق الصحية التي يتولى أفرادها إجراء الفحوصات، والاستعانة عند الضرورة، ولا سيما خلال أوقات الذروة، بفرق إضافية لتفادي إنتظار الواصلين إلى المطار.
وفي هذا السياق، اكد وزير الصحة السابق الدكتور جميل جبق ان المتحور الهندي هو نفسه الوباء الموجود حالياً لكن عوارضه تكون اكثر حدّة، واوضح لـ”نداء الوطن” انه لا يمكننا من اليوم التقييم ما اذا كان سيكون اكثر حدة في لبنان ام في اوروبا كما حصل في الهند، مبدياً اعتقاده بان الاجراءات الوقائية في الداخل كما في دول العالم هي التي تدرأ مخاطره، وإذ قلل من نسبة مخاطره في لبنان بفِعل، إما اصابة نسبة كبيرة من اللبنانيين بفيروس “كورونا” واما بأخذ اللقاح ضده، حذر من ان مكمن الخطورة يبقى في ما لو تمكّن المتحور الهندي من استهداف اعداد كبيرة حتى لو لم يكن مميتاً، لان المصابين به سيحتاجون عندها حتماً للعلاج بالادوية والاوكسيجين على اسرة المستشفيات وليس في الممرات ومواقف السيارات او في البيوت كما شهدنا في الفترة الماضية إذ لا يمكن للمصاب بالمتحور الهندي ان يعالج في المنزل لشدة العوارض التي ستظهر عليه، هذا اضافة الى الوضع الاقتصادي والمادي الصعب المشكو منه اليوم، فهل ان اعداد الاسرّة في المستشفيات اليوم يمكن ان تتحمل هذا الكم الهائل من الاصابات بالمتحور؟
وانتقد جبق الاجراءات والتدابير المتخذة في المطار مشيراً الى اننا دولة متخلفة سائلاً عن معنى اعادة اجراء فحوصات PCR للقادمين من اميركا وفرنسا ودول اوروبية اخرى الذين تظهر نتائج فحوصاتهم التي يجرونها قبل وصولهم بـ 24 او 48 ساعة بانها سلبية؟ وقال: هذا سؤال اريد ان اتوجه به الى المعنيين ليشرحوا لنا ما هي الحكمة والغاية من اعادة طلب اجراء الفحوصات فور وصولهم وعرقلة دخولهم الى لبنان، هذا عدا عن التشكيك بالانظمة الصحية في بلادهم؟ كذلك سأل: اما الوافدون من دول افريقية وخليجية والذين تظهر نتائج فحوصاتهم سلبية، ففي اي فنادق يقيمون؟ ومن يراقبهم وكيف تتم عملية تتبّعهم طيلة فترة حجرهم؟
وعليه، رأى جبق ان امام السلطات طريقتين فقط لا غير: اما اقفال المطار ومنع اي كان من الدخول والخروج واما الاكتفاء بنتائج فحوصات الـ PCR التي تتبين انها سلبية وتوجيه العائدين بالارشادات المناسبة ما يخفف من نسبة الازدحام والعرقلة في المطار.
واما عن المناعة المجتمعية فعزا جبق اسباب تحقيقها الى نسبة عدد الاصابات بكورونا التي سُجّلت في لبنان وليس الى نسبة عدد المتلقحين، وذكّر باقتراحه “الاستعانة بالبلديات في المناطق والتلقيح وفق اعتماد لوائح الشطب وهي اسهل طريقة للتلقيح خلافاً لاعتماد نظام المنصة المعقد”.
رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي اكد بدوره ان مشهد المطار غير مقبول، وقال لـ”نداء الوطن”: “المتحور الهندي اصبح في 92 دولة في العالم ولبنان ليس معزولاً عن العالم خصوصاً وان اللبنانيين منتشرون في كل اصقاع الارض، لذلك عندي تخوف كبير من وصول المتحور الهندي الى لبنان، خصوصاً بعدما تبين انه اسرع 60 في المئة من المتحور الانكليزي الاسرع 40 في المئة من متحور يوهان، لذلك هو متحور سريع التفشي وقد اثبتت ذلك بريطانيا التي ارجأت قرار اعادة افتتاح البلاد، حتى الولايات المتحدة تتحدث عن ان معظم الاصابات فيها بسبب المتحور الهندي، وهذه ليست بدلالة جيدة ابداً فالمتحور بات في 92 دولة ما يشكل علامة خطر لاعادة التفشي، وعليه وجب اتخاذ احتياطات قاسية جداً في المطار.
وهنا شدد عراجي على وجوب اجراء فحوصات الـPCR في المطار لجميع العائدين مشيراً الى نسبة النتائج الايجابية المرتفعة داعياً الى تنظيم صفوف العائدين والمغادرين بشكل ادق وترك مسافات آمنة بينهم، منبهاً من ان فصل الخريف يشهد تفشياً لكل انواع الفيروسات، ونحن لا نريد تفشيه مجدداً. ولفت الى صعوبة معرفة دخول المتحور الهندي الى لبنان ففحوصات الـPCR تظهر لنا اما ايجابية او سلبية النتيجة لكنها لا تبين ما اذا كان الفيروس قد تحور ام لا، ولا امكانية لدينا للترصد الجيني.
ونبه عراجي الى ان “كورونا” لم ينته في لبنان متخوفاً في ضوء الفلتان الحاصل من دفع الثمن مجدداً في الخريف المقبل مشدداً على “وجوب الالتزام بالكمامات حتى الذين تلقوا اللقاح في الاماكن العامة”.
كذلك دفع الوضع غير المضبوط في المطار بمدير مستشفى بيروت الحكومي الدكتور فراس الابيض الى التنبيه اخيراً بان السلالة الهندية لن تتأخر قبل أن تصل إلى لبنان مؤكداً أن “كورونا لم ينته وطالما هو يتحوّر فهذا يعني اننا لسنا بامان”.
وقال الأبيض لـ”نداء الوطن” عندما نرى ان المتحور الهندي يتنقل في بعض دول العالم، ونسمع برصد عدد من الاصابات به في دول الجوار ونظراً لافتقار لبنان الى القدرة على الترصّد الجيني لا يمكننا للاسف معرفة ما اذا كان المتحور وصل الى لبنان ام لا، وابواب المطار مشرّعة، لذلك لا بد من التحذير والتنبيه.
واضاف: نحن لا نقول باقفال المطار بل نقول بوجوب الاحتراز، فالعائد من الخارج نجري له فحوصات الـ PCR ونطلب منه البقاء في المنزل فمن سيتأكد انه ملتزم بإجراءات الحجر الصحي والتدابير الوقائية الاخرى؟ كما ان من تظهر نتائجه ايجابية من يتابعه؟ وكيف يتم التأكد انه مواطن صالح ام سيضرب بالاجراءات عرض الحائط؟ لا تزال مشاهد السنة الماضية ماثلة للعيان من اعراس ومطاعم واماكن سهر، وهي تتكرر اليوم للاسف وكأن كورونا انتهى لكن “كورونا” لم يصبح وراءنا ابداً يجب ان نبقى حذرين خصوصاً وان نسبة التلقيح للاسف لا تزال دون المستوى المطلوب ونسبة الذين تلقوا الجرعتين من اللقاح اقل من عشرة بالمئة وهذه النسبة معرّضة اكثر من غيرها للاصابة بالمتحور الهندي. وبغض النظر عن اسباب انخفاض هذه النسبة علينا التأقلم مع الواقع وما نقوله ان الحذر واجب، نحن لا نقول يجب اقفال المطار لكن لا يمكن التصرف وكأن كورونا انتهى واصبح خلفنا، كلا لم ينته.
واوضح الابيض ان اللقاح يخفف من نسبة الاصابة الشديدة بالمتحور لكن حتى هناك اشخاص تلقوا اللقاح وان كانت نسبتهم ضئيلة يمكن ان يصابوا بشدة لان مناعتهم اصلاً ضئيلة.
وإذ ذكر الابيض هنا بالآلية التي طرحها التفتيش المركزي لتتبع الوافدين الى مطار بيروت، حض التفتيش المركزي وزارة الصحة العامة على تفعيلها وتحفيز البلديات على متابعة الاشخاص المحجورين ضمن نطاقها.
ودعا الابيض اخيراً الى ضرورة ان نستفيد من دروس الماضي سائلاً: بماذا يختلف الوضع في المطار اليوم عما كان يحصل منذ سنة؟ وناشد كبار السن الذين لم يتلقوا اللقاح بعد بالتسجيل لان الخطر سيتهددهم لا سمح الله، هم اكثر عرضة لخطر الاصابة بالمتحور الهندي لا سمح الله اذا اصيبوا به كما تمنى على جيل الشباب الذين لم يحن دورهم للتلقيح بعد بان يكونوا اكثر حذراً ويلتزموا بالتدابير الوقائية اللازمة خصوصاً في اماكن التجمعات.