Site icon IMLebanon

لقاء خلدة محطة لترميم “البيت الدرزي” من موقع الاختلاف

كتب محمد شقير في صحيفة الشرق الأوسط:

ينعقد اللقاء الدرزي بعد غد السبت، في دارة أرسلان بخلدة، في ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية شديدة الصعوبة وغير مسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، في محاولة لإعادة ترميم «البيت الدرزي» تحت سقف تنظيم الاختلاف السياسي بين رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ورئيسي حزبي «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان و«التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب، الذي قد يشارك فيه رئيس «اللقاء النيابي الديمقراطي» تيمور جنبلاط، خصوصاً فيما يتعلَّق بالخيارات السياسية الاستراتيجية التي لا تزال تشكل تبايناً في المواقف منها، لكنها لن تقف سداً في وجه إنهاء «الاشتباك الأمني» رغم أنه لا يزال تحت السيطرة.

 

فلقاء خلدة يأتي في سياق الرغبة الصادقة التي يبديها جنبلاط الأب في الوصول إلى تسوية الحد الأدنى، التي تأتي انسجاماً مع التسوية التي كان طرحها لدى اجتماعه برئيس الجمهورية ميشال عون، لإخراج مأزق تشكيل الحكومة من الحصار الذي تتخبّط فيه ويحاكي من خلالها المبادرة التي كان طرحها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتسهيل ولادة حكومة مهمة تتلازم مع المبادرة الإنقاذية، التي رسمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لوقف انهيار البلد.

 

وفي هذا السياق، قالت مصادر قيادية في «التقدمي» لـ«الشرق الأوسط» إن جنبلاط الذي كان طرح تسوية لتجاوز العقبات التي تؤخر تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري لا يمكن إلا أن يبادر إلى التحرك لتحصين البيت الدرزي بسحب الذرائع التي كانت وراء ارتفاع منسوب الاحتقان بين الثلاثي الدرزي، وهذا لن يتحقق إلا بالتفاهم على تسوية يُراد منها تهدئة الأرض بين الدروز والمسيحيين، وتحديداً بين «التقدمي» و«التيار الوطني الحر» باعتبار أن لا مشكلة بين جنبلاط وحزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، على أن تنسحب فوراً على الجوار، أي بين «التقدمي» و«حزب الله» وحركة «أمل»، علماً بأن لا شائبة سياسية تشوب علاقته بالرئيس بري.

 

وكشفت أن «التقدمي» كان ولا يزال يلعب الدور الإطفائي في رفضه لمحاولات قطع الطريق الذي يربط جبل لبنان بالجنوب أو الآخر المعروف بطريق بيروت – الشام، وقالت إن تنظيم الاختلاف بين «التقدمي» و«حزب الله» يمكن أن ينسحب على علاقته بأرسلان ووهاب، علماً بأنه كان وراء إحباط جميع المحاولات التي لجأت إليها الأطراف المتضررة؛ بتحميل «التقدمي» مسؤولية قطع هذه الطرقات.

 

ولفتت المصادر نفسها إلى أن تنظيم الاختلاف في داخل البيت الدرزي يستدعي الالتفات فوراً إلى معالجة مكامن الاحتقان السياسي بداخله؛ بدءاً بتطويق ذيول الاشتباكات التي كانت حصلت أخيراً على خط التوتر الأمني الممتد من الشويفات إلى بلدتي قبرشمون والبساتين، مروراً بحادثة بلدة الجاهلية في الشوف بين وهاب وقوى الأمن الداخلي وصولاً إلى استيعاب تداعياتها ومفاعيلها الأمنية والسياسية.

 

وأكدت أن ملف هذه الاشتباكات السابقة سيُدرج كبند أساسي على جدول أعمال لقاء خلدة للسيطرة على تداعياتها السلبية بما يؤمن حالة من الانفراج تدفع باتجاه إعادة تطبيع العلاقة بين الثلاثي الدرزي من موقع الاختلاف، مع أن جنبلاط كان وراء اقتراح رفع عدد الوزراء في حكومة مهمة من 18 وزيراً إلى 24، لضمان تمثيل أرسلان في الحكومة، وهو يتناغم في هذا الخصوص مع بري من دون أن يلقى معارضة من الحريري الذي يربط موافقته بقطع الطريق على أي طرف سياسي للحصول على «الثلث الضامن» أو المعطّل في الحكومة، في حال أُعيدت الروح السياسية إلى مشاورات التأليف.

 

وكشفت أن جدول الأعمال سيتضمن أيضاً إعادة توحيد مشيخة العقل لدى طائفة الموحّدين الدروز، مع اقتراب انتهاء ولاية الشيخ نعيم حسن الذي يتمتع باعتراف رسمي مدعوم بموقف من المجلس المذهبي الدرزي، وقالت إن جنبلاط يبدي مرونة وانفتاحاً على المقترحات المؤدية إلى توحيد المشيخة، إضافة إلى تعيين قاضيين في المجلس المذهبي خلفاً لاثنين من القضاة انتهت ولايتهما.

 

وأكدت المصادر في «التقدمي» أن لدى جنبلاط كل استعداد لتوسيع المشاركة في المجلس المذهبي، نافية ما ذهب إليه البعض في تحميله زيارة وفد منه لمقر «التيار الوطني» في الدامور أكثر مما يحتمل، وصولاً إلى التعامل مع الأجواء التي سادتها وكأنها مؤشر لقيام تحالف انتخابي لخوض الانتخابات النيابية المقررة في ربيع 2022، على لوائح موحدة في دائرتي الشوف – عاليه والمتن الجنوبي – بعبدا.

 

واستغربت المصادر ما أثير من تسريبات في هذا الخصوص، وقالت إن الزيارات تأتي في سياق لقاءات مماثلة تُعقد بين «التقدمي» وتيار «المستقبل» وحزب «القوات»، وقالت إنه من السابق لأوانه إقحام الحرص الجنبلاطي على التهدئة في الشوف وعاليه في بازار التحالفات الانتخابية، وعزت السبب إلى أن الأولوية لجنبلاط حتى إشعار آخر تكمن في تأمين لقمة العيش للسواد الأعظم من اللبنانيين، وتوفير الحد الأدنى من احتياجاتهم المعيشية، لمنع انهيار البلد، لأنه من غير الجائز أن تجري الانتخابات فيما يتدحرج نحو السقوط النهائي.