كتب منير الربيع في “المدن”:
ازدواجية “كلام النواعم وكلام المظالم” غير مقبولة. والمساس بنبيه برّي من المحرمات. وما قَبل تفويض برّي من قِبَل حسن نصر الله غير ما بعده.
3 رسائل
هذه رسائل ثلاث سياسية وأساسية، حملها مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله، وفيق صفا، إلى جبران باسيل. حصل لقاؤهما بعد موقف عنيف أطلقه باسيل، فُهم منه أنه يخيّر حزب الله بين التحالف معه أو مع رئيس مجلس النواب. وهذا يعتبر من الكبائر لدى حزب الله، لأنه يحاول زرع الفتنة داخل البيئة الشيعية.
“شكر” صفا باسيل على “محاسن” موقفه يوم الأحد الفائت، وأكد له أن حزبه فوجئ بالكلام الذي أطلقه. فحزب الله يعمل على طي صفحة الخلافات القابلة لإثارة التوتر والتشنج، اللذين ينعكسان سلباً على الستاتيكو القائم.
ولم يرق لحزب الله كذلك مواقف قياديين في التيار العوني، لكنه تغاضى عنها. أما ما لم يتمكن من التغاضي عنه، فهو مخاطبة باسيل نصرالله عبر الإعلام في مواضيع حساسة تطال المعضلات الراهنة. وكان لا بد من أن يضع حزب الله النقاط على الحروف، على قاعدة القول المأثور: “ما هكذا تورد الإبل يا جبران”. ونصرالله لا يمكن مخاطبته بهذه الطريقة، مهما كانت الظروف.
دفاع باسيل
حاول باسيل الدفاع عن نفسه. قال إنه أعلن في مؤتمره الصحافي ثقته الكاملة بنصرالله. وحاول أن يعكس الجو الداخلي في تياره، الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول أداء حزب الله. وشدد باسيل على حرصه على علاقة التحالف المتينة بين تياره والحزب إياه.
لكن جواب حزب الله كان واضحاً: لا يمكن قول الكلام الجميل في اللقاءات البينية المغلقة، وإذاعة المواقف التصعيدية في العلانية الإعلامية، وبأسلوب شعبوي لا يمكن حزب الله قبوله.
برّي يمثل نصرالله
النقطة الثانية التي أكد عليها حزب الله، هي رفضه المساس بأي شكل وتحت أي ذريعة بنبيه برّي. ولا يمكنه أن يرضى بما أطلقه باسيل وفريقه السياسي. مع تأكيد على ضرورة وقف هذا الأسلوب الخطابي الشعبوي، وخصوصاً عن رئيس المجلس الذي لم يرد لا هو ولا نوابه أو كوادر حركة أمل على ما قاله باسيل.
وشدد حزب الله على القول: على التيار العوني وسواه من الأطراف ألا يتناسوا أن ما بعد تفويض نصر الله لبرّي غير ما قبله. وبري في مبادرته لا يمثل ذاته فقط، بل يمثل حزب الله ونصر الله شخصياً.
لا حكومة
وسأل صفا باسيل ما إذا ما كان جدياً في البحث عن معالجة المشاكل، وتشكيل حكومة؟
وحاول باسيل شرح وجهة نظره بأنه جاهز ويريد حكومة برئاسة الحريري، ولم يقصد الإساءة لأحد، ولكنه يرفض انحياز برّي إلى الحريري. لذا لا يمكنه تقديم التنازلات التي يطلبها الآخرون، خصوصاً تسمية الوزيرين المسيحيين.
هذا كلام في غاية الوضوح. وبمعزل عن السعي لمعالجة المشاكل التي ظهرت مؤخراً، يبقى تشكيل الحكومة مؤجلاً، بسبب استمرار التعقيدات على حالها.
وتستمر المساعي لوقف التشنج الإعلامي والسياسي بين برّي ورئيس الجمهورية وفريقه. ولكن من دون الوصول إلى تشكيلة حكومية. ويستمر برّي بمبادرته. ويستمر الحريري على موقفه رئيساً مكلفاً: إما إلى أن تحين لحظة تسوية تفرض تشكيل حكومة، أو تفرض الاتفاق على شخصية يوافق عليها الحريري وحلفاؤه، وتعمل على تشكيل حكومة ترضي الجميع.
محكوم بحزب الله
ويريد حزب الله دوزنة العلاقة بين حلفائه وموازنتها، كي لا تنفجر ولا يُحرج أكثر. وهو حتماً لا يريد أي خلاف داخل البيئة الشيعية. ولا يريد أي صدع يصيب علاقته بالتيار العوني. فهو متمسك بالتحالف وحريص عليه، وعلى يقين بأن باسيل محكوم بحزب الله.
ذلك لأنه غير قادر على الخروج من تحت مظلة الحزب إياه. فالخروج يضعفه ويقوي خصومه على الساحة المسيحية. وباسيل غير قادر حتماً على التلاقي مع خصومه في الساحة المسيحية، أو في سواها من الساحات، لتشكيل جبهة ضد حزب الله.