كتبت غادة حلاوي في نداء الوطن:
يمكن وصف اجتماع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل مع مسؤول وحدة الارتباط في “حزب الله” الحاج وفيق صفا بأنه اجتماع فشة خلق وتوضيح للمواقف. وأن يعقد الاجتماع في أعقاب الخلاف بين بعبدا وعين التينة فحكماً ان البحث شرح أسباب الخلاف ليدلو كل طرف بدلوه، لا سيما بعد كلمة باسيل الاخيرة وما حملته من مواقف ورسائل متعددة. وما بين الطرفين حضرت الرئاسة الاولى وكيف يتم التعاطي معها بمسألة تشكيل الحكومة. لم يرشح عن الاجتماع ما يبعث على التفاؤل لكنه بالمقابل لم يكن سلبياً بقدر ما شهد وضع النقاط على الحروف وتوضيحاً للمواقف وتبريرها.
مجدداً تُمنح الجهود الآيلة الى تذليل العقبات المتعلقة بتشكيل الحكومة فرصة اضافية. ايام معدودات يفترض ان يتضح بعدها الخيط الاسود من الخيط الابيض، بعد ان خرق “حزب الله” الاجواء المتشنجة وساهم في تهدئة النفوس تمهيداً للانطلاق في مساعٍ جديدة. تلك المساعي التي جاءت في اعقاب نداء الاستغاثة الذي أطلقه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي فوّض أمره لأمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله بعد عبارته الشهيرة “يا سيد أرضى بما ترضاه لنفسك”.
إنتظر “حزب الله” ريثما تهدأ النفوس وقصد مسؤول الارتباط فيه الحاج وفيق صفا صديقه الاقرب جبران باسيل للوقوف على حقيقة ما اعلنه والمقصود منه. إجتماع مطول بدأه صفا بشكر باسيل على الثقة التي أبداها بـ”حزب الله” وأمينه العام وكيف ان موقفه هذا جاء مفاجئاً، ليدخل الطرفان بعدها بفحوى ما قاله باسيل والمغزى منه. فسأل صفا رئيس “التيار” عما اذا كان لديه طرح جديد متعلق بالحكومة واذا ما كان بوارد تقديم تنازلات معينة او ان لديه تصوراً يود البحث بشأنه. وشرح صفا كيف يصعب على “حزب الله” العمل فيما الاجواء متشنجة بين الجميع وان الاتصالات يلزمها هدوء.
بدوره شرح باسيل ما حصل خلال الفترة الاخيرة موضحاً ان هدفه بالسؤال عما اذا كان السيد يرضى بطريقة التعاطي التي تحصل مع “التيار” ورئيس الجمهورية في ما يتعلق بالوزيرين المسيحيين، لا سيما لناحية الموقف الذي صدر عن رئيس مجلس النواب نبيه بري وقوله ان رئيس الجمهورية لا يحق له بوزير واحد.
تبادل الطرفان حرب البيانات بين بعبدا وعين التينة ومسألة تمسك بري بالرئيس سعد الحريري.
لم يقدم باسيل طرحاً جديداً ولا مبادرة رغم كونها جمدت، الا ان مبادرة بري لا تزال تنتظر تفعيلها و”حزب الله” لا يزال على موقفه المؤيد لهذه المبادرة وأخذ على نفسه تدوير الزوايا بشأنها، مع فارق ان توتر العلاقة بين بعبدا وعين التينة صعّب عليه مهمته وجعله في موقع يتوجب عليه الاختيار، و”التيار الوطني” الذي يقدّر مسألة العلاقة بين الثنائي الشيعي وحساسيتها فهو وعلى عكس ما يقوله البعض لم يبادر الى الطلب من “حزب الله” الاختيار بينه وبين علاقته برئيس المجلس، ولكن هل يمكن لـ”حزب الله” ان يتبنى موقف بري المتمسك بالحريري ولو تحوّل البلد الى رهينة، بينما الرئيس المكلف عاجز عن التشكيل ويتجنّبه؟ وهل يرضى “حزب الله” ان يتم التعاطي مع رئيس الجمهورية على نحو ما يتم التعاطي به الجميع؟ خاصة وان الفكرة التي باتت متداولة ان الحريري هو مرشح الشيعة في لبنان.
متسع من الوقت استغرقه النقاش وتبادل الطروحات دون ان يفوت الحاضرَين التأكيد على دور رئيس المجلس ومبادرته، التي تتطلب مزيداً من الوقت وتقديم التنازلات لإنجاحها.
لم يطرح خلال اللقاء أي جديد بل تأكيد على القديم والعودة الى صيغة الحكومة من 24 وزيراً على ان يتم اختيار وزيرين غير محسوبين على اي جهة سياسية، وهو ما اعاد بري التأكيد عليه خلال مقابلته الاخيرة والذي استشفّ منه مرونة في التعاطي مع بعبدا بعد الاشكال الاخير. لم يخرج الاجتماع بنتائج محدّدة وفيما يفضّل “حزب الله” عدم الاغراق بالتفاؤل معتبراً ان مجرد استمرار التشاور يبعث على الامل، فقد تمّ الاتفاق على ان يلي الاجتماع الاخير سلسلة من الاجتماعات، وان “حزب الله” سيجري مروحة اتصالات ستشمل حكماً رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري، الى ان يتضح سير الامور ليبنى على اساسها والعودة بموقف واضح تجاه استمرار الحريري في مسعاه لتشكيل الحكومة وكيفية تعاطيه في المرحلة المقبلة.