جاء في “المركزية”:
تغييب ملف لبنان عن القمة الاوروبية بعد اعلان اكثر من مسؤول لاسيما فرنسي بأن تشكيل حكومة في لبنان سيكون على جدول الاعمال وان عقوبات ستفرض في حق المعرقلين ترك علامات استفهام كثيرة. وقد زار الممثل الاعلى للسياسة الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل لبنان للاستماع من المسؤولين الى وجهة نظرهم، لكنه في المقابل، لم يلتق ايا من القيادات ولا ايا من مجموعات الثورة. فلماذا تمّ تغييب لبنان عن القمة؟ وماذا عن خطوة اتخاذ العقوبات؟
مدير “معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية” سامي نادر قال لـ”المركزية” ان “الملف اللبناني لم يحن وقته بعد”، معتبرا ان “الفرنسي من اكثر المهتمين به وأطلق مبادرة لكنه عاد فارغ اليدين، وبالتالي جل ما تحاول اوروبا القيام به اليوم في ظل غياب القدرة على إحداث أي خرق على مستوى تشكيل الحكومة او إعادة الحياة الى المؤسسات الدستورية هو إنقاذ الاقتصاد. وأقصى ما تمكنت فرنسا من السعي اليه هو دعم الجيش كي يستمر في تأدية وظيفته، لأنه الوحيد القادر على ضبط التداعيات الامنية”، مشيراً الى “ان الاوروبيين لم يستطيعوا إحداث أي خرق على مستوى تشكيل الحكومة بسبب الانسداد الحاصل، وبالتالي لا يحملون أي ملف لمناقشته في القمة. لو نجحت مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لكان الملف اللبناني العنوان الاساسي ان لم يكن الاهم بغية شحذ الدعم والهمم في القمة، لكننا اليوم شهدنا مساراً معاكساً”.
لماذا يعجز الاوروبيون عن إحداث خرق؟ أجاب نادر: “لأن ورقة تشكيل الحكومة لدى الايرانيين، والايرانيون يهمهم عقد صفقة مع الاميركيين وليس مع الاوروبيين. يفاوضون الاوروبيين وعينهم على الاميركيين، وبالتالي مسألة تشكيل الحكومة ما زالت عالقة على طاولة المفاوضات الايرانية – الاميركية ولم يحن دورها بعد في فيينا. الاوروبيون يهتمون بلبنان اكثر من الاميركيين، الاميركيون مهتمون ايضا لكن لبنان ليس اولوية. اهتمام اوروبا نابع من خوفهم بسبب وجود اللاجئين السورييين، لأن في حال انفجار الوضع الامني في لبنان، سيتدفق اللاجئون الى الداخل الاوروبي بسبب موقعنا الجغرافي على الحدود الجنوبية لاوروبا، وهذا الامر اصبح يشكل هاجسا وهوسا لاوروبا. قضية الهجرة ليست سهلة ، لأنها تسقط أنظمة وتبدل حكومات، وقد أوصلت الى البريكست”.
أضاف نادر: “لذلك حاول الاوروبيون القيام بخرق حكومي لوضع حل، لكنهم ذهبوا للتفاوض مع ايران، إنما لم يكن في جعبتهم ما يرضيها، فهي تريد منهم رفع العقوبات الضاغطة عليها،فيما اوروبا لم تتمكن من تحقيق ذلك، ومن ثم حاولوا فصل المسار اللبناني عن النووي لكنهم لم ينجحوا ايضا. وبالتالي كل ما يستطيعون القيام به هو تقديم اعانات للجيش اللبناني اليوم، وليس تشكيل حكومة”، لافتاً “الى ان القارة العجوز لديها مصلحة في اعادة تشغيل الاتفاق النووي لتتمكن من الدخول الى السوق الايراني. وهذا الامر لم يعد خفيا . ومن يقف بوجهها هي العقوبات الاميركية، ولرفع العقوبات تحتاج الى اتفاق بين اميركا وايران وبالتالي ليس باستطاعة الاوروبيين القيام باتفاق مع ايران لأنه ليس باستطاعتهم رفع العقوبات عنها، ولذلك فشل ماكرون في لبنان، لأنه ذهب للتفاوض مع ايران وهو لا يملك اي شيء بيده. ليس هذا فقط ، لكنه عندما التقى حزب الله في قصر الصنوبر، لاقاه الرئيس الاميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات على اثنين من حلفاء حزب الله هما الوزيران يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل”.
ولماذا لم يلتقِ بوريل “الثورة”، قال: “وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان التقاهم، واعتقد ان بوريل جاء في مهمة تحميل المسؤولية الى السلطة وان يقول لهم بأن لدى اوروبا ايضا عقوبات على الطاولة، لكن حتى الساعة الاوروبيون غير موحدين حول سياسة واحدة والى اي درجة يمكنهم مواجهة ايران. في مسألة مواجهة ايران، هناك البريطانيون الذين ذهبوا بعيدا، واطراف اخرى ما زالت تحاور ايران ولا تريد ان تقطع معها شعرة معاوية، وتختلف المواقف حول الصدام في المواجهة من عدمه، لذلك نرى انهم لم يعلنوا بعد عن عقوبات. يتحدثون عنها لكننا لم نعرف ما هي ومن تطال. اذا يمكن القول ان لا عقوبات.
لم تنجح العصا والجزرة اذاً؟ أجاب نادر: “الاوروبيون ليس لديهم عصا فقط جزرة. قالوا ان لديهم عصا لكن لن نقول ما هي وضد من سنرفعها…لا احد يأخذهم على محمل الجد”.
وختم: “باختصار، الحل اللبناني على طاولة المفاوضات الايرانية – الاميركية التي لم تفتح ملف لبنان بعد لأننا لسنا اولوية لا بالنسبة للولايات المتحدة ولا ايران. وما عقد الامور اكثر في لبنان هو اختلاف الافرقاء السياسيين وكله بهدف الانتخابات، ما يعني ان ليس هناك اي حل قبل الانتخابات، هذا ان حصلت في موعدها”.