كتب أكرم حمدان في نداء الوطن:
تتابع اللجان النيابية المشتركة مناقشة مشروع بطاقة “الذلّ والتسوّل” التمويلية لغالبية الشعب اللبناني، وسط شبه إجماع من النواب والكتل على الموافقة على المبدأ والإختلاف حول مقاربة مصادر تمويلها وتحديد آلية الإستفادة منها وداتا تحديد العائلات التي ستستفيد.
فاللجان التي قررت عقد جلسات مفتوحة ومتتابعة لهذه الغاية، أكد رئيسها ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أن “مجلس النواب ليس بصدد النقاش حول رفع الدعم، أو أن يكون رأس حربة رفع الدعم، لكن هناك أزمة حقيقية في البلد تحتاج إلى بطاقة تمويلية وهذا هو موضوع النقاش، والمجلس يحاول أن يساعد في السبل التي تؤدي إلى إقرار هذه البطاقة التمويلية كمصادر دعم وكمنصة بيانات”.
وتركزت المناقشات الأربعاء على جدول تقديري وإفتراضي قدمته الحكومة يبيّن توزع العائلات التي ستستفيد ومصادر التمويل المفترضة، وكذلك يطرح أسئلة إضافية حول إمكانية التنفيذ ودقة التقديرات.
ويتضمن هذا الجدول إستفادة نحو 182 ألف عائلة من برنامج شبكة الأمان الإجتماعي الممول من قرض البنك الدولي البالغ 246 مليون دولار، ونحو 71 ألف عائلة من برنامج العائلات الأكثر فقراً والممول بهبة من الإتحاد الأوروبي بقيمة نحو 55 مليون يورو، ويبقى نحو 496 ألف عائلة لنصل إلى رقم الـ750 ألفاً المقدر أو المتوقع أن تشملهم البطاقة.
وتشير المعلومات التي تم التداول بها خلال الجلسة إلى أنه إذا تمت إستفادة نحو 200 ألف عائلة من مبلغ الـ100 دولار شهرياً من حساباتهم وفقاً لإقتراح “التيار الوطني الحر” (تشمل من لديه حساب بين ألف و50 ألف دولار)، يبقى نحو 296 ألف عائلة ومبلغ نحو 360 مليون دولار يجري البحث في كيفية تأمينها ومن أي مصدر، وهل يمكن أن تكون من مصرف لبنان أو المصارف؟
وقد طرح نقاش هذا الجدول وتوزيعه جملة من الأسئلة وحتى المواقف من قبل الكتل والنواب، فهناك من يُحذر من تحول هذه البطاقة بطاقة إنتخابية، وهناك من يُحذر من المس بالإحتياطي الإلزامي وسط إستمرار الغموض في مصادر التمويل الإفتراضية وداتا المعلومات النهائية والدقيقة لتحديد المستفيدين.
كذلك يطرح إقتراح “التيار الوطني الحر” السؤال عن كيفية إختيار الـ200 ألف عائلة للإستفادة من مبلغ الـ100 دولار شهرياً من أصل نحو 800 ألف حساب، يجري الحديث عنها وفقاً لتصنيف الإقتراح.
ما تقدم يشي بوضوح بإستمرار تقاذف “كرة النار” والمسؤولية ما بين مجلس النواب والحكومة المستقيلة ومصرف لبنان والمصارف، بينما يدفع الفاتورة المواطن كل يوم، والنقاش يدور بين منطقين: الأول يقول بالسير في بت البطاقة بمعزل عن ترشيد الدعم، والثاني يربط الأمرين معاً.
فوزير الإقتصاد مثلاً لم يكلف نفسه عناء الرد على سؤال لدى خروجه من الجلسة حول ما قدمته وتقدّمه الحكومة وكأنه في كوكب آخر، والقوى السياسية والكتل النيابية سجلت مواقفها المبدئية من البطاقة.
اما عضو تكتل “الجمهورية القوية “النائب وهبي قاطيشا فدعا عبر “نداء الوطن” إلى إعلان حالة طوارئ دستورية من قبل مجلس النواب وعقد جلسات متواصلة ومفتوحة للتوصل إلى حلول لما يجري في البلد من كوارث وويلات.
بدوره، قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله لـ”نداء الوطن”: “ما يؤسف له الوصول إلى هذه المرحلة التي صار فيها الشعب اللبناني بحاجة إلى بطاقة تمويلية ولكن للضرورة أحكام، وما أوصلنا إلى هنا تراكم السياسات المالية والإقتصادية الخاطئة، ونحن ككتلة أيدنا إقرار البطاقة وتأمين التمويل لها بعيداً من أموال المودعين”.
كذلك أبلغ عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة وعضو كتلة “المستقبل” النائب سمير الجسر أن الجميع في المبدأ مع إقرار البطاقة، ولكن النقاش يدور حول مصادر التمويل وداتا المعلومات التي ستُحدّد المستفيدين.
وبعيد الجلسة، حذّر عضو تكتل “الجمهورية القوية ” النائب جورج عقيص من “أي مشروع مجتزأ يحوّل البطاقة التمويلية بما تبقى من وقت إلى بطاقة إنتخابية”، معتبراً أن “النقاشات التي حصلت اليوم تحت قبة البرلمان معيبة بحق الشعب اللبناني وبحق النواب، أننا نبحث بين 93 دولاراً و107 دولارات تعطى للأسرة”. وأعلن أن “كل ما يجري هو عملية ترقيع ونحن لن نقبل بتمرير قانون بطاقة تمويلية، بدون إصدار قانون صريح يمنع المس بالإحتياطي الإلزامي ومن دون إقرار قانون يتصدّى لمشروع الدعم”.
ودعا “الطبقة السياسية إلى أن تعترف بفشلها وترحل ونذهب إلى إنتخابات نيابية مبكرة تأتي منها سلطة جديدة تتصدّى لهذه المشاكل، لكي لا يبقى الترقيع هو السائد، وتبقى سياسة الهروب إلى الأمام هي السائدة عند كل الكتل النيابية وكل المراجع الدستورية وعند الحكومة”.
بدوره، رأى النائب فؤاد مخزومي أن”ما يجري بشأن البطاقة التمويلية هو محاولات لشراء الوقت قبل الإنتخابات، هناك عملية رفع دعم تدريجي عن بعض السلع، ومنظومة الدولة تنهار والكل يتمسك بالقشور ليحافظوا على بعضهم، عسى أن يجروا الإنتخابات مع بعضهم البعض”.
بموازاة النقاش الذي جرى حول البطاقة التمويلية، أقرّت اللجان المشتركة إقتراح قانون الشراء العام الذي رأى فيه النواب من مختلف الكتل أنه غاية في الأهمية وقانون إصلاحي بإمتياز، لكن هناك من حذّر ونبه من التوجّه للطعن بهذا القانون بعد إقراره من مجلس النواب، على خلفية تصفية حسابات خاصة من قبل “التيار الوطني الحر” مع رئيس دائرة المناقصات الحالي الذي سيتولى مسؤولية المرحلة الإنتقالية وفق هذا القانون.
وعلمت “نداء الوطن” أن المواد الخلافية ومنها المادتان 88 و89 اللتان تتحدثان عن المرحلة الإنتقالية وآلية تشكيل هيئة الشراء العام ستخضعان للنقاش مجدّداً في الهيئة العامة لمجلس النواب.
وفي السياق، أعلن النائب عقيص أن “قانون الشراء العام هو قانون إصلاحي وعصري نأمل من جميع الكتل النيابية أن تصوّت عليه وألا يتمّ الطعن فيه أمام المجلس الدستوري، ونتمنى على فخامة الرئيس أن ينشره بالسرعة الممكنة من دون أن يكون هناك أي بحث في تصفية حسابات مع موظفين أو مع الإدارة الحالية لمديرية المناقصات”.
من جهته، قال النائب أمين شري: “للمرة الأولى، هناك شمعة مضيئة في الدولة وهو قانون الشراء العام الذي نعتبره قانوناً إصلاحياً بإمتياز، إحدى ميزات هذا القانون أنه لم يعد هناك تصنيف لدى الوزارات أو المجالس، وسيكون ملك الشعب اللبناني، بمعنى أن لا مناقصة في هذا القانون أو مزايدة إلا ستنشرها على المنصات الجهة التي تشتري أو الجهة المعنية أو هيئة الشراء العام”.
تبقى الإشارة إلى أن مجلس النواب قد يعقد جلسة نيابية عامة الأسبوع المقبل في حال تم إقرار البطاقة التمويلية من قبل اللجان خلال الأيام المقبلة.