كتب محمد دهشة في نداء الوطن:
انفجر الغضب الشعبي في صيدا احتجاجاً على تردي الاوضاع المعيشية والاقتصادية، معطوفاً على شح البنزين والتقنين القاسي بالتيار الكهربائي، وقد أضيف اليه تقنين اشتراكات المولدات الخاصة بعد نفاد مادة المازوت، ناهيك عن الغلاء وارتفاع الاسعار، فتدحرج الغضب على غير المتوقع من حي الى آخر، ولم يقتصر على ساحتي الثورة في “الشهداء” و”ايليا”.
ولكن انفجار الغضب بقي مضبوطا وفي منأى عن الفوضى او الشغب بل كان تعبيراً عن الاستياء من الاوضاع المعيشية والمطالبة بحقوق المدينة وحصتها من الكهرباء والبنزين والمازوت وسواها.
وتوزع المحتجون على مجموعات كل في منطقته وحيه، يجمعهم غضب واحد، الاحتجاج على ما وصلت اليه أوضاعهم المعيشية والخدماتية، فأقفلوا الطرقات بما تيسر لهم: سيارات، حاويات النفايات، الاحجار واغصان الاشجار، فيما كان الجيش اللبناني حازماً بمنع قطع الطريق باي عوائق مهما كانت، مع التأكيد على حق المحتجين بالتعبير عن رأيهم وموقفهم من دون اقفالها واعاقة حركة السير تفادياً لاي حوادث سير او صدم، ما اضطرهم الى افتراش الارض بأجسادهم وعدم التصادم مع عناصر الجيش الذين اعادوا فتح الطرقات. وقال مصطفى عنتر لـ”نداء الوطن”: “لم نعد قادرين على التحمل أكثر، لقد خنقونا بالازمات المتلاحقة: لا بنزين، لا مازوت وكهرباء الدولة مقطوعة، لقد تضررت مصالحنا التي نسترزق منها، وبتنا عاطلين عن العمل”، مشيرا الى ان الناس انفجرت من شدة الازمات، متسائلا ولماذا الصمت بعد والصبر؟
وشدد عثمان صعب على ان النزول الى الشارع يهدف الى الحفاظ على كرامتنا، قائلا “اذا لم نحافظ عليها لن نستطيع تحقيق اهدافنا المحقة، وسنتجه نحو المزيد من طوابير الاذلال على محطات الوقود والمستشفيات والصيدليات والافران والسوبرماركات، لقد اهانوا كرامتنا ومسحوا بها الارض بين الدول والشعوب”، متسائلا متى كان لبنان دولة فاشلة، كنا نفتخر بالانتماء اليه، الآن اصبحنا نخجل من ذلك؟
وصبّ ابراهيم الصياد جام غضبه على الناس التي ما زالت صامتة عن الحق تراقب، تتوجع، تجوع ولا تتحرك، وقال لــ”نداء الوطن”:”لم يتركوا لنا شيئا من الحياة الكريمة الا وسلبونا اياه”، داعيا الناس الى النزول الى الشارع والتعبير عن احتجاجهم وغضبهم حتى إجبار الطبقة السياسية الحاكمة على الرحيل، قائلاً: “لقد سئمنا منهم.. بكفي”. وسرعان ما تدحرج اقفال الطرقات من زاروب “النجاصة” الى “ساحة الشهداء”، “حي البراد”، تقاطع “ايليا”، وشارع رياض الصلح وقرب دار الافتاء وصولا الى تعمير عين الحلوة وسط صيحات الاحتجاج، وقال محمد الجنزوري لـ”نداء الوطن”: “لقد انفجر غضب الناس في الشارع، ولن يهدأ او يحاصر، نتطلع الى تحقيق اهدافنا في العيش الكريم، لقد فقدنا أبسط مقومات الحياة بسبب الغلاء، وحتى الادوية والبنزين والمازوت نحتاج الى ساعات للحصول عليها في طوابير الذل”.
وتؤكد مصادر صيداوية لـ “نداء الوطن”، ان ازمة شح المازوت وفتح ابواب الحصول عليها من السوق السوداء بما يزيد عن 25 الفاً عن سعرها الرسمي (33 الفاً وفي السوق السوداء 48 الف) دفع اصحاب المولدات الخاصة الى تقنين الاشتراكات بعد شح او نفاد المادة ورفض شرائها من السوق السوداء، على قاعدة ان الازمة مستمرة وليست مرحلية يمكن تحملها، الأمر الذي انعكس على عمل مولدات الكهرباء التي تغذي احياء المدينة خلال فترات انقطاع كهرباء الدولة، ما دفع بأصحاب بعضها الى زيادة ساعات التقنين بعملها نهاراً وليلاً، بينما اضطر آخرون لإطفائها كلياً لحين تأمين المازوت.
وأوضح رئيس تجمع اصحاب المولدات الخاصة في صيدا علي بوجي انه ليس هناك قرار بتقنين الاشتراكات ولكن للأسف المازوت نفد لدى البعض فاطفأ المولدات وشح لدى البعض الآخر فعمد الى التقنين.
وتسببت أزمة المازوت ايضا في توقف المولدات التي تغذي مضخات مياه الشفة، وباتت تهدد ايضا بتوقف “معمل زهرة” لإنتاج الأوكسجين وهو المعمل الوحيد الذي يزود المستشفيات والمؤسسات بالاوكسجين في الجنوب والثاني في لبنان بعدما قارب مخزونه من المازوت على النفاد.
وعلى خط المعالجة، عقد محافظ الجنوب منصور ضو اجتماعاً في مكتبه في سرايا صيدا ضمَ مدير عام مؤسسة مياه لبنان الجنوبي وسيم ضاهر، رئيس مؤسسة كهرباء لبنان في صيدا سامر عبدالله، القائمقامين، ورؤساء اتحادات البلديات ضمن محافظة لبنان الجنوبي واتفق على التنسيق بين البلديات ومؤسستي المياه والكهرباء لتجاوز هذه المحنة، والعمل على تأمين مادتي المازوت والبنزين لتسيير المرفق العام.