جاء في “المركزية”:
تشدّد العواصم الكبرى كلّها، على ضرورة احترام الآجال الدستورية وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها. وهي تبلغ اهلَ المنظومة عبر موفديها الى بيروت، ان الاستحقاق يجب ان يحصل في ايار المقبل. آخرُ النداءات في هذا الشأن، نقله الى لبنان مسؤولُ السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل الذي قال من قصر بعبدا اثر لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون “على الانتخابات النيابية المتوقعة في 2022 أن تحصل في موعدها من دون أي تأجيل ومستعدون لإرسال لجنة مراقبة، في حال طلب منا ذلك، لمراقبة الانتخابات والتأكد من انها تتم بشفافية”… قبله باسابيع، كانت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان تعرب عن اساها إزاء استمرار الجمود السياسي في عملية تشكيل الحكومة، داعية القادة اللبنانيين الى تنحية خلافاتهم جانباً من أجل المصلحة الوطنية وألا يتأخروا أكثر من ذلك في تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على الاصلاح، مشددة في الوقت عينه على اجراء الانتخابات في مواعيدها حفاظا على ديموقراطية لبنان في سياق أزمته المستمرة، وقد حثّت جميع السلطات اللبنانية المعنية على البدء بالأعمال التحضيرية في الوقت المناسب وفقًا للجدول الزمني المحدد للانتخابات.
وما بين الموقفين، كانت الامم المتحدة على لسان ممثلتها في بيروت تصرّ ايضا على أولوية اجراء الاستحقاق النيابي في موعده.
ومع ان رئيس الجمهورية اكد مرارا في الاسابيع الماضية، أمام زواره وفي احاديثه الصحافية، ان “الاستحقاقات الانتخابية النيابية والبلدية في عام 2022 ستجري في موعدها”، الا ان مصادر سياسية معارضة تشير لـ”المركزية”، الى ان انذارات المجتمع الدولي المبكرة هذه، تبدو مبرّرة ومشروعة، في ظل معلومات تصل اليه عن محاولات اركان المنظومة لتطيير الانتخابات، المعوَّل عليها لتكون المدخل الى التغيير السياسي الشامل في بيروت، والمحطة التي منها سينطلق رسميا قطار اخراج لبنان من مأساته الاقتصادية والمالية والمعيشية…
ووفق المصادر، مساعي نسف الانتخابات ستشتدَ في المرحلة المقبلة، وكلّما اقتربنا من ايار 2022، الموعد المفترض لها، خاصة اذا لم يشعر اهلُ السلطة ان نتائج الصناديق ستصبّ في صالحهم. الثنائي الشيعي مرتاح الى وضعه، تتابع المصادر، الا ان حزب الله يريد ان يضمن إمساكه بأكثرية مريحة في البرلمان تطمئنه الى استمرار امساكه بورقة رئاسة الجمهورية اصالح مرشح 8 اذار، وان يبقى يتمتّع ايضا بالغطاء المسيحي الذي يؤمّنه له اليوم التيار الوطني الحر. اي ان الحزب يريد لحلفائه، مسيحيين وسنّة ودروزا، ان يحصدوا سكورات جيدة في الانتخابات… وهو الامر الذي يريده طبعا هؤلاء ايضا… فهل هذه الاهداف مضمونة في ظل تصاعد كتلة مؤيّدي المجتمع المدني والقوى الثورية، من جهة، وتراجُع شعبيّة “البرتقالي” ورئيسه النائب جبران باسيل، من جهة ثانية؟ قطعا لا، تجيب المصادر.
من هنا، من غير المستبعد ان تُفتَح في قابل الايام، اوراقُ قانون الانتخاب العتيد، مجددا على طاولة البحث، بدفعٍ من رئيس مجلس النواب نبيه بري، غير الراضي على القانون الحالي منذ ان ابصر النور. ووفق المصادر، قد يُصار ايضا الى رمي اقتراحاتٍ من قَبيل خفض سن الاقتراع او رفع عدد الاصوات التفضيلية ليصبح 2 بدلا من 1 أو التخلّي عن فكرة اقتراع المغتربين، من ضمن حملةٍ “بريئة” في الشكل تحت شعار “تأمين التمثيل الاصحّ والافضل”، لكن “شرّيرة” في المضمون، هدفُها الحقيقي تطييرُ الاستحقاق (لأن اقرار اي قانون جديد سيحتاج اشهرا اضافية) او “تدجينُه” عبر تفصيل قانونٍ على قياس مصالح احزاب السلطة، علما ان فريق 8 اذار يتحدث عن ان لا فراغ في السلطة وهو لن يتنازل عن غالبيته قبل ان تتضح صورة التسويات الاقليمية والدولية.
القوى الدولية والاممية، تماما كما الصرح البطريركي والاحزاب المعارِضة والتيارات الثوريّة، حذّرت سلفا المنظومةَ من “دعسة ناقصة” كهذه.. لكن مع الاخيرة، أثبتتِ التجارب ان لا النداءات ولا التنبيهات ولا التظاهرات والثورات، تنفع. واذا لم تطمئن بالَها الى انها عائدة الى البرلمان، وربّما ايضا الى بعبدا، فإن ضربَها الاستحقاقَ الدستوري عرض الحائط واردٌ وواردٌ جدا، تختم المصادر.