كتب عمر حبنجر في “الانباء الكويتية”:
تلاشي السلطة الرسمية في لبنان، جعل اللبنانيين أمام طريقين، مقفلين: إما الاستكانة والصمت والتكيف مع المهانة والذل، على أبواب المخابز والصيدليات ومحطات توزيع الوقود، أو الخروج الى الساحات والشوارع وإحراق مؤسسات «التقصير» العام.
ويبدو ان مواطنين غاضبين سلكوا الطريق الثاني، حيث قاموا بإلقاء الزجاجات الحارقة على مبنى وزارة الاقتصاد، المسؤولة، عن ضبط الأسعار. وقام آخرون بمصادرة شاحنات المحروقات والحليب المعدة للتهريب، وبتوزيع حمولتها على المحتاجين على طريقة «روبن هود» كما حصل في عكار أمس. وبالتوازي أغلقت الطرق وأشعلت الحرائق في طرابلس وفي منطقة الذوق (جونية) وفي وسط العاصمة.
وفي محاولة لتهدئة الغضب، أعلنت رئاسة الجمهورية اتخاذ إجراءات استثنائية لتمكين مصرف لبنان من القيام بالترتيبات اللازمة للحد من تفاقم أزمة الوقود لحين انتهاء التشريعات التي تجري مناقشتها في مجلس النواب والتي من شأنها توفير الحلول الشاملة فيما يتعلق بموضوع الدعم الذي تتحمله الدولة للوقود.
جاء ذلك في اجتماع ترأسه رئيس الجمهورية ميشال عون ضم وزيري الطاقة والمياه بحكومة تصريف الأعمال اللبنانية وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لعرض وضع الوقود في البلاد وانعكاساته.
وناقش الاجتماع عددا من الاقتراحات التي تهدف إلى معالجة الأزمة.
أما في الشأن الحكومي فيتوقع اليوم أن يتطرق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى مبادرة الرئيس نبيه بري المتعثرة، بعد اتصال هاتفي به طمأنه فيها، بأن مبادرته لن تسقط، إلا بتخلي عرابها عنها او باعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري. وهنا تؤكد مصادر الرئيس بري على موقفه الثابت: إما بقاء الحريري مكلفا، وإما أن يعتذر بعد الاتفاق معه على البديل.
وقبل ذلك، أوفد نصرالله رئيس وحدة الارتباط في حزب الله وفيق صفا لتطييب خاطر رئيس التيار الحر النائب جبران باسيل، ناقلا له الجواب على مناشدته للأمين العام «ليكون الحكم».
ويقال هنا، ان صفا رغب الى باسيل «تطرية» موقفه لجهة تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين، وإلا تحولت الحكومة إلى مجلس ملة. بدوره بري نصح الحريري ووليد جنبلاط، باستئناف التواصل بينهما، وبتواصل الحريري مع سمير جعجع مجددا، تعزيزا لهذا المحور السياسي، على أبواب الانتخابات التشريعية المأمولة في الربيع المقبل. ويقول بري لصحيفة «الجمهورية» انه يتراجع عن مبادرته في حالة وحيدة، وهي ان تحضر مبادرة افضل منها او بديلة عنها، وتحقق الغاية المنشودة بتشكيل حكومة إصلاح وإنقاذ، من اختصاصيين، مستقلين، وبلا ثلث معطل لأي طرف.
واللافت ان الأزمة الحكومية اللبنانية، غابت عن القمة الأوروبية التي انعقدت امس، باستثناء بحث بند اللاجئين السوريين، وتدقيم الدعم بقيمة 5 مليارات دولار نصيب لبنان منها مع الأردن وسورية النصف، على ان يعود النصف الآخر لتركيا. وغرد جنبلاط عبر «تويتر» قائلا: «ها هو الاتحاد الأوروبي يدرس منح اللاجئين السوريين 5.7 مليارات دولار وكان يمكن الاستفادة من دعمه لكن الفرقاء الرئيسيين. في لبنان حرف لا يقرأ وإذا بهمة جوزيب بوريل تفشل وتضيع في أزقة المصالح الشخصية والحسابات الخاطئة».
ومبرر تغييب الملف اللبناني عن القمة تعزوه مصادر سياسية في بيروت، بأنه لا الأوروبيين ولا الأميركيين، وبالتالي لا العرب يمكن ان يتقبلوا حكومة لبنانية يؤلفها سعد الحريري، بدعم وتسهيل من بري المكلف بدوره من السيد حسن نصرالله.
والانطباعات تتزايد حول احتمال ان تستمر حكومة حسان دياب، في تصريف الأعمال، التي يمكن ان تشمل الانتخابات النيابية، إذا ما بقي متعذرا تشكيل حكومة جديدة وثمة جهات مختصة تدرس «التخريجة» الدستورية لذلك، في ظل إصرار جهات دولية على ان تكون الانتخابات النيابية المقبلة، تغييرية مفصلية.