كتبت رنا سعرتي في الجمهورية:
مع توقيع قرار دعم المحروقات على سعر 3900 ليرة للدولار بدلاً من 1500، هل سيشهد البلد حلاً فعلياً لأزمة المحروقات؟ وهل هذا الاجراء سيوفّر كميات أكبر تلبّي حاجة السوق المحلي وتزيل طوابير الاذلال أمام المحطات؟ وهل خفض نسبة الدعم سيحدّ من التهريب القائم الى سوريا؟
أعطى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الموافقة الاستثنائية على اقتراح وزير المالية بما يسمح بتأمين تمويل استيراد المحروقات على أساس تسعيرة 3900 ليرة لبنانية، بدلاً من 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد، استناداً للمادة 91 من قانون النقد والتسليف، وذلك بالتوافق مع رئيس الجمهورية ميشال عون على صيغة جديدة، و”انطلاقاً من مسؤولياته الوطنية، وبالتزامن مع إقرار البطاقة التمويلية في اللجان النيابية المشتركة تمهيداً لإقرارها في جلسة نيابية عامة الأسبوع المقبل، وبما ينسجم مع توجّه الرئيس حسان دياب بهذا الخصوص، وفي سياق المساهمة بتخطي الأزمة التي تمر بها البلاد، والتي ستساعد في ضبط عملية شراء الدولار الأميركي في السوق الموازية وفقاً لِما ورد في كتاب المديرية العامة لرئاسة الجمهورية. وبهدف تأمين المحروقات للمواطنين لفترة الثلاثة أشهر المقبلة، خصوصاً أننا على أبواب موسم صيفي سيسمح بزيادة قيمة العملات الصعبة التي ستأتي إلى لبنان مع قدوم المغتربين والسيّاح، مع ما يترتب على ذلك من نتائج إيجابية”.
هذا القرار سيؤدي فعلياً الى خفض الدعم عن المحروقات بنسبة حوالى 32 في المئة، وبالتالي الى ارتفاع سعر صفيحة البنزين الى 60 الف ليرة.
لكن يبقى السؤال: هل هذا هو الحلّ الفعلي لأزمة المحروقات؟ وهل هذا هو الحلّ الذي سيوفر كميات أكبر تلبّي حاجة السوق المحلي وتزيل الطوابير عن المحطات؟ هل خفض الدعم على استيراد المحروقات من 1500 ليرة الى 3900 ليرة لكل دولار سيجعل مصرف لبنان يوقّع عدداً أكبر من الاعتمادات لاستيراد كميات اكبر؟ وهل خفض نسبة الدعم هذه سيحدّ من التهريب القائم الى سوريا؟
الجواب على كافة هذه الاسئلة هو: كلّا.
التقنين باستيراد المحروقات وفتح الاعتمادات سيبقى قائماً لأنّ خفض الدعم من 1500 الى 3900 ليرة لكلّ دولار اميركي لن ينعش احتياطي مصرف لبنان من العملات الاجنبية، بل سيطيل أمد استخدامها ليمهّد لمرحلة الرفع الكلي للدعم ويؤجّلها 3 أشهر. وبالتالي، فإنّ طوابير الذل ستبقى قائمة لأنّ فتح الاعتمادات سيستمرّ “بالقطّارة”. كما انّ قرار خفض الدعم من 1500 الى 3900 ليرة لكلّ دولار، لن يؤثر في تهريب المحروقات الى سوريا ولن يؤدي الى خفض نسبة التهريب ولو 1 في المئة، بل سيخفض فقط هامش الربح الذي كان يحققه المهربون. وبدلاً من ان تكون كلفة دعم 5 ملايين صفيحة من البنزين يُقدّر تهريبها سنوياً الى سوريا بنحو 35 مليون دولار، فإنّ هذه الكلفة ستتراجع الى حوالى 25 مليون دولار. وبدلاً من ان تكون كلفة دعم نحو 28 مليون صفيحة من المازوت المهرّب الى سوريا سنوياً 200 مليون دولار، ستتراجع بعد اعتماد سعر صرف الـ3900 ليرة الى 140 مليون دولار.
وإثر اعلان قرار خفض الدعم عن المحروقات، أقدمت معظم محطات المحروقات على تعليق خراطيمها وتوقفت عن تزويد طوابير السيارات بمادة البنزين، بانتظار الاعلان رسمياً عن الجدول الجديد لأسعار المحروقات، وتخزين ما أمكن من البنزين والمازوت المتوفر في مخازنها، والذي تمّ شراؤه على سعر صرف الـ1500 ليرة بغية تحقيق الارباح عند البدء في تطبيق التسعيرة الجديدة.
إلا انّ عضو نقابة أصحاب المحطات جورج براكس أكد لـ”الجمهورية” ان معظم المحطات مقفل، ولو كانت تملك مخزوناً لَما كانت السيارات اصطفّت بالطوابير امامها، معتبراً ان لا إمكانية لها لتخزين المحروقات للاستفادة من التسعيرة الجديدة لأنّ عملية التوزيع تتم بالقطّارة، مع الاشارة الى انّ أجهزة الرقابة مولجة لغاية صدور التسعيرة الجديدة بتفعيل عملها والحرص على عدم تخزين المحروقات والامتناع عن تزويدها للمواطنين الى حين صدور جدول الاسعار الجديد. وشرح انّ الاعلان عن التسعيرة الجديدة رهن بسرعة توقيع المرسوم التطبيقي، مرجّحاً صدوره أوائل الاسبوع المقبل.
وبالنسبة للشركات المستوردة، أوضح براكس انه لا توجد امكانية لتخزين المحروقات لبيعها بالسعر الجديد، لأنّ وزارة الطاقة تتحقق يومياً من مخزون الشركات ويمكنها بالتالي تعديل الاسعار على اساسه.
وشدّد على انّ التخلّص من الطوابير على المحطات يحتاج الى خفض الدعم، وتوقيع مصرف لبنان على اعتمادات كافية للشركات كافة وليس لبعضها من اجل التمكن من توزيع المحروقات على جميع المحطات، بالاضافة الى تأكد الاجهزة الرقابية للدولة من وصول كميات المحروقات التي يتم توزيعها في السوق المحلي الى المحطات وليس الى مكان آخر.
واشار الى انّ خفض الدعم من 1500 الى 3900 ليرة لن يحلّ أزمة التهريب الى سوريا، “فصفيحة البنزين التي تباع في سوريا بـ270 الف ليرة لن تمنع المهّربين من مواصلة بيعها بهامش ربح يقلّ بـ30 الف ليرة فقط!”.