أعلن مجلسا نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، برئاسة النقيبين ملحم خلف ومحمد المراد في حضور نقباء سابقين من النقابتين وأعضاء المجلسين، في بيان أنه “على امتداد قرن من الزمان أكدت نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس بالقول والفعل، أنهما واحد في الرسالة والهم والرؤية والهدف، وحافظتا معا باستمرار إلى اليوم على تكامل تامفي أدائهما ودورهما الرامي إلى تحقيق العدالة بالدفاع عن كرامات الناس وحقوقهم، وإلى حماية القيم الوطنية والإنسانية، وإلى إعلاء سلطة القانون فوق كلِّ شيء، ولقد تعرضتا، كما تعرض المحامون المنتمون إليهما، طوال هذه المدة من هنا ومن هناك إن قصدا وإن خطأ، إلى تدابير وإجراءات تنال من فاعلية هذا الدور ومن حصانة المحامين، فجابهتا ذلك كله بالموقف الموحد المبني على وجوب احترام القواعد القانونية النافذة، باعتبارها الإطار الوحيد الناظم لعلاقات الأفراد والسلطات والمؤسسات، ولا ينبغي الا أن نؤكد أن أعمال القضاء في أمكنة متعددة قد تجاوزت المبادئ الأساسية، وقد يكون ذلك لعلة وجود نقابتي المحامين.”
وأضاف البيان: “انطلاقا من هذا الدور المؤسس على قاعدة القيم، لم تأل النقابتان جهدا في الدفاع عن استقلالية القضاء ومهابته، وتصدتا متضامنين لكل ما يمس به من أي جهة أتى، ذلك على الرغم من المحطات الخلافية التي شابت علاقة القضاء بالمحاماة وعدتها النقابتان والسلطة القضائية أيضا أمرا طبيعيا يعالج بالتواصل والتفاهم المرتكزين إلى أحكام القانون، لكن الذي حدث أخيرا، من لجوء قضاة التحقيق الى منع المحامين من ممارسة المحاماة بصورة موقتة، ومن دخول قصور العدل لمدة معينة، عبر تفسير المادة 111 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تفسيرا متعسفا يخرجها عن مقاصدها ومديات تطبيقها، ويحول هذا التدبير إلى عقوبة فورية مبرمة، إنما يشكل تجاوزا غير مقبول لصلاحيات المؤسسات النقابية المكرسة في قانون تنظيم المهنة، الذي نصت أحكامه على أن المنع من مزاولة المحاماة عقوبة تأديبية ليس لأحد أن ينزلها بالمحامي إلا المجلس التأديبي في كل من النقابتين، الخاضعة قراراته لرقابة محكمة الاستئناف المدنية. ذلك أن تدبير المنع من مزاولة أي مهنة لا يكون إلا لأسباب تتعلق حصرا بأخطاء مهنية، أما الأخطاء السلوكية فتخضع للمحاكمة التأديبية أمام المرجع المختص الذي ليس حتما قضاة التحقيق أو قضاة الملاحقة، فضلا عن أن التدبير المستعاض به عن التوقيف، المتعلق بمنع أي كان من دخول أي مكان، يهدف إلى حماية الشخص الممنوع أو أهل المكان من خطر الواحد منهما على الآخر، في حين أن المحامي ليس خطرا على القضاء ولا القضاء بخطر عليه، فإن هذا التفسير المتعسف بالواقع قد نقل المشكلة من خلاف بين قاض ومحام إلى خلاف واسع بين القضاء والمحاماة، اضطرت فيه النقابتان إلى تصعيد مواقفهما حفاظا على دورهما المهني والوطني والقيمي والإنساني، وحماية للمؤسسات النقابية من أي تجاوز على صلاحياتها. وهذا ما شددت عليه النقابتان سابقا وتشددان عليه الآن ودائما، تشديدا قاطعا مطلقا، فضلا على أن هناك الكثير من التجاوزات المتعلقة بأحكام المواد 75، 77، 79، من قانون تنظيم مهنة المحاماة.”
وتابع: “إن إضراب المحامين وامتناعهم عن حضور الجلسات أمام المحاكم ليس غاية بحد ذاته بل وسيلة للدفع باتجاه تحقيق المطالب النقابية المحقة، والحفاظ على حقوق الناس والدفاع عنهم، فالمحامون ونقابتاهما ومجلساهما من دعاة العمل المنتج ضنا بمصالح الناس لا سيما في ظل هذه الظروف القاسية، ولكن، بما أن ما جرى استنفد مفاعيله، ومن أجل المستقبل فقط، فإن النقابتين تعلنان يوم غد الثلثاء الواقع في 29/6/2021، يوم تضامن المحامين في لبنان، داعيتين إلى الإضراب في هذا اليوم والامتناع عن حضور الجلسات أمام المحاكم وعن إجراء المراجعات لدى الأقلام والإدارات، مؤكدتين أن الإضراب وفكه على السواء هو تعبير واضح عن تضامن المحامين ودعوة صريحة لجميع المرجعيات في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولمجلس القضاء الأعلى أيضا، إلى عمل دؤوب مسؤول ما يلزم لتلافي تكرار ما حدث ؛ ذلك أنه لا يحق لأحد، ولا حتى للنقابتين نفسيهما، التفريط قيد أنملة بالحقوق المنصوص عليها في قانون تنظيم مهنة المحاماة.”
وختم البيان: “إن هذا الموقف هو موقف أولي، يشكل إفساحا في المجال للمساعي المشكورة التي قد تؤدي بإذن الله الى النتائج المرجوة”.