كتب عمر البردان في “اللواء”:
بعدما بلغت حالة الاحتقان والغليان التي تعم الشارع اللبناني، حد الانفجار الذي لم يعد موعده بعيداً، تستمر معاناة الناس على نحو غير مسبوق، وسط هذا الكم الهائل من الأزمات التي تحاصر اللبنانيين من كل حدب وصوب. في وقت يخشى أن تؤدي الأحداث التي وقعت في عاصمة الشمال طرابلس، في اليومين الماضيين إلى تطورات ميدانية لا تحمد عقباها، بعدما بعثت هذه الأحداث، برسالة شديدة الخطورة والوضوح في آن، لما ينتظر البلد في الأيام المقبلة، في حال خروج الأمور عن السيطرة، مع تصاعد المؤشرات التي توحي بقرب حصول ذلك.
والأخطر من كل ذلك، أنه ومع تمدد الانهيار ليطال كافة المؤسسات والمرافق اللبنانية، وغياب أدنى إحساس بالمسؤولية من جانب الطبقة السياسية التي تضع مصالحها قبل تشكيل الحكومة، وفيما البلد على أبواب ثورة عارمة، لم يعد هناك أي ضوابط تكبح ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء، وقد بلغ أعتاب العشرين ألفاً، مع تفاقم أزمات المحروقات والدواء، في وقت بدأت المستشفيات تئن تحت وطأة فقدان الكهرباء بعد معاناتها المستمرة مع المعدات الطبية اللازمة للعمليات الجراحية.
وقد ساهم ارتفاع الورقة الخضراء على نحو غير مسبوق، بتصعيد الاحتجاجات الشعبية في كل المناطق اللبنانية، مترافقة مع قطع الطرقات في بيروت وبقية المحافظات، في وقت تنذر هذه الاحتجاجات بمضاعفات لا يمكن التكهن بنتائجها، في ظل تحذيرات عسكرية من أن هناك مخاوف جدية على الأمن، بعد الذي جرى في طرابلس وما يمكن أن يجري في مناطق أخرى، حيث التوتر قارب مستويات غير مسبوقة، يمكن أن تقود إلى انفجار شعبي سيأخذ كل شيء في طريقه. وهذا ما يحتم الإسراع في حصول توافق على تشكيل حكومة جديدة، قادرة على إخراج البلد من النفق، والمساهمة في إيجاد حلول للأزمات التي يتخبط بها لبنان على أكثر من صعيد. ويكفي أن يتم التوقف عند ما يعانيه اللبنانيون أمام محطات المحروقات من إذلال قل نظيره، والحال نفسه أمام الصيدليات والأفران ومحال تعبئة الغاز والمصارف، في حين لا يبدو أن هناك أي إمكانية لاستيراد البنزين من إيران، بسبب الكثير من العراقيل التي تحول دون ذلك، الأمر الذي يوجب البحث عن حلول أخرى، وتحديداً عبر البوابة العربية، لأنها الأقرب والأضمن.
ولا ترى أوساط سياسية متابعة لملف تشكيل الحكومة، كما تقول لـ«اللواء»، أن «هناك بوادر حلحلة في وقت قريب، باعتبار أن كل ما يقال في هذا الإطار، مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، لأن أساس المشكلة معروف، وهو أن فريق العهد ليس مستعجلاً على التأليف. ولذلك فإنه يبدو بارعاً في اختلاق العقبات أمام الرئيس المكلف سعد الحريري، وهو أمر لم يعد خافياً على أحد. بدليل أنه أجهض مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي رفعت عدد الوزراء إلى 24، وهو ما كان يطالب به الرئيس ميشال عون وفريقه السياسي. واليوم عندما قبل الرئيس الحريري بتوسيع الحكومة، عادوا وانقلبوا على ما تم التفاهم عليه، واضعين شروطاً جديدة من أجل مزيد من الإحراج للرئيس الحريري من أجل إخراجه. لكن هذا الأمر لا يبدو قابلاً للتحقق، أقله راهناً، إذا بقيت مبادرة الرئيس بري موضوعة على طاولة».
وتشير الأوساط، إلى «اتصالات يقوم بها «حزب الله» الذي أعاد أمينه العام السيد حسن نصرالله ضخ دماء جديدة في شرايين مبادرة رئيس البرلمان، في أكثر من اتجاه وتحديداً مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، لإقناعه بأن المبادرة مستمرة، وأن المطلوب من الجميع العمل لتوفير مقومات نجاحها، ما يفتح الباب أمام ولادة الحكومة، باعتبار أن أي تأخير إضافي، سيزيد من معاناة اللبنانيين ويفتح الأبواب أمام الدخول في المجهول».