أطلقت مؤسسة خبراء فرنسا -Expertise France اليوم دراسة قانونية تستند إلى تحليل قانوني مقارن لقضايا العنف الأسري في لبنان، “جزءا من مشروع الإتحاد الأوروبي لتمكين المرأة (EU4WE)، الذي يموله الإتحاد الأوروبي (EU) في لبنان. تظهر الدراسة، التي تحمل عنوان “تعزيز الوصول إلى العدالة للناجيات من العنف الأسري أمام المحاكم اللبنانية – نهج عملي”، كيف تطبق أحيانا تطبيق القوانين اللبنانية بطريقة “تتعارض مع الإتفاقات الدولية لحقوق الإنسان المعتمدة”، وتلقي الضوء على “الثغرات والتناقضات في تطبيقها”.
وتضمنت الندوة الإلكترونية التي عقدت في المناسبة، كلمات ألقاها رئيس قسم الحوكمة والأمن والتنمية الإجتماعية والمجتمع المدني راين نيلاند ممثلا الإتحاد الأوروبي، تلتها ملاحظات من الضيفة الفخرية رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز.
بعد ذلك، قدمت المحامية جويل شويفاتي الخبيرة القانونية في EU4WE وفريق من المحامين عرضا تقديميا عن النتائج والتوصيات الرئيسية، تلاها رئيس وحدة قسم العدل وحقوق الإنسان في منظمة خبراء فرنسا أوليفييه ليتشين.
وأدار الجلسة رئيس قسم الأبحاث والدروس في قوى الأمن الداخلي العقيد الدكتور إيلي الأسمر.
وتحلل الدراسة “إجتهاد قضاة الأمور المستعجلة اللبنانيين تطبيقا للقانون 293/2014 الصادر في شأن العنف الأسري، فضلا عن اجتهادات مختلف المحاكم المذهبية اللبنانية في ما يتعلق بقضايا العنف الأسري”. هدف الدراسة “تحديد الثغرات القانونية الحالية غير الدقيقة في ممارسات هؤلاء القضاة والمحاكم، في محاولة لتحسين نتائج القضايا للناجيات من العنف الأسري ضمن إطار مكافحة العنف القائم على النوع الإجتماعي، والذي يعد أحد الإلتزامات الرئيسية للإتحاد الأوروبي، وموضوع خطة العمل الأخيرة للمساواة بين الجنسين بين 2021-2025.
في كلمته، أكد نيلاند “جهود الإتحاد الأوروبي في مكافحة العنف القائم على النوع الإجتماعي، قائلا: “تواجه النساء في لبنان، كما هي الحال في أجزاء أخرى من العالم، العنف القائم على النوع الاجتماعي ويفتقرن إلى الدعم القانوني والموارد والمساعدات للوصول إلى العدالة بفاعلية. يهدف دعم الاتحاد الأوروبي إلى النهوض بحقوق الإنسان وسيادة القانون والمبادئ الديموقراطية”.
تركز الدراسة أيضا على “الوصول إلى العدالة للناجيات من العنف الأسري أمام المحاكم المذهبية اللبنانية، إذ انها تعرض، باختصار، قوانين الأحوال الشخصية للطوائف الدينية الأربعة الرئيسية في لبنان: الدروز والسنة والجعفريين الشيعة والمسيحيين”.
وتحلل الدراسة “الأحكام الصادرة عن هذه المحاكم في قضايا الأحوال الشخصية والمتضمنة عناصر عنف أسري (الطلاق،النفقة، الطاعة، حضانة الأطفال، إلخ)”، وتحدد “الممارسات غير الدقيقة القائمة على قوانين الأحوال الشخصية. والأهم أنها تقترح توصيات للمواءمة على أساس القوانين نفسها للأحوال الشخصية والقانون الدولي (“سيداو”).
بدورها، شددت عون روكز على “أهمية دور الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في التواصل مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية من أجل تعزيز الدعم وتطوير استراتيجية وطنية متماسكة، وقالت “الميزة الكبرى لهذه الدراسة هي أن التوصيات المستخلصة قابلة للتطبيق مباشرة ولا تستدعي أي تعديل في القانون بل تدعو إلى العمل به وبروحيته”.
تتمثل إحدى النتائج الرئيسية للدراسة، وفق معديها، “في تناقضات المحاكم المذهبية في تطبيق قوانين الأحوال الشخصية الدينية الخاصة بها وتفسيرها، أو أفضل الممارسات لديها، وتجاهل الإلتزامات البسيطة الموجودة بموجب قوانين الأحوال الشخصية والاتفاقات الدولية. نتيجة وتأثير هذه الثغرات والتناقضات هو إضعاف وصول النساء الناجيات من العنف الأسري إلى العدالة”.
في المرحلة المقبلة، سيختار فريق EU4WE مجموعة من المحامين المنتسبين الى نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس “لتدريبهم على سبل تمثيل ضحايا العنف الأسري بشكل مناسب أمام السلطات المختصة، بما في ذلك المحاكم الجنائية والمدنية والمذهبية، لبناء قدراتهم عبر النصوص القانونية المحلية والدولية ذات الصلة والتقاضي الإستراتيجي”.
ويهدف التدريب إلى تخريج مجموعة من المحامين المؤهلين (زهاء 20) من شأنها أن تشكل “فرقة عمل” لبنانية معنية بالعنف القائم على النوع الإجتماعي، تملك المعرفة والخبرة للتعامل مع مثل هذه القضايا.
سيؤدي إنشاء فريق العمل هذا إلى “تعزيز الوصول إلى العدالة لضحايا العنف القائم على النوع الإجتماعي أمام السلطات، مثل قوى الأمن الداخلي أو الشرطة القضائية، وكذلك المحاكم الأخرى ذات الاختصاص القضائي”.
وخلال مداخلته، تحدث ليتشين عن “الرؤية الحالية لمنظمة خبراء فرنسا لدعم لبنان خلال أزمته المتعددة الطبقات”، مبرزا على “أهمية وجود استراتيجية شاملة في التنفيذ”. وأضاف: “نحن ملتزمون مواصلة دعم لبنان في هذه الأوقات الصعبة من جائحة كورونا والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والآثار المدمرة لتفجير بيروت. إذ كما نعلم جميعا ان هذه التحديات تؤثر على النساء والفتيات بطريقة غير متكافئة”.