أفادت معلومات «الجمهورية»، بأن حركة مشاورات مكثفة جرت في عطلة نهاية الاسبوع على مستوى «حزب الله» وحركة «أمل»، وبين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، وكذلك عبر الهاتف بين عين التينة والرئيس المكلّف سعد الحريري.
واذا كانت أولوية عين التينة «أن نأكل العنب الحكومي وفق مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، بوصفها القشّة الوحيدة التي يتعلق فيها الملف الحكومي في بحر التعقيدات العميق، وجسر الخروج من الازمة الراهنة والعبور الى حكومة انقاذية»، فإنّ التشكيك المتبادل في جدّية سلوك مسار التأليف، لا يزال يطبع موقفي الرئيس المكلّف ورئيس الجمهوريّة وفريقه السياسي. إذ أنّ الرئيس المكلّف لم يلمس بعد ما يؤكّد توجّه عون وفريقه نحو تشكيل حكومة برئاسته، وفي المقابل يتهم الرئيس المكلّف بأنّه يتعمّد تضييع الوقت ويهرب من تشكيل حكومة.
ووفق معلومات «الجمهورية»، فإنّ الاتصالات التي قام بها «حزب الله» على إثر الاطلالة الأخيرة للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، وإبداء استعداده الى تقديم المساعدة، مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ركّزت على النقطتين العالقتين، باعتبار انّ سائر النقاط التي كانت محل خلاف قد أمكن تذليلها وحُسم الاتفاق بصورة نهائية عليها:
النقطة الاولى: تسمية الوزيرين المسيحيين الماروني والارثوذكسي. حيث انّ المسعى الجديد ينطلق من أحقية الرئيس المكلّف تسمية وزراء مسيحيين، وعدم القبول بتقييده وانتزاع هذا الحق منه. وتشير المعلومات في هذا السياق، الى انّ باسيل نفى أن يكون توجّه رئيس الجمهورية وفريقه حرمان الرئيس المكلّف هذا الحق. واقترح تبعاً لذلك بأن يسمّي الرئيس المكلّف 5 اسماء لشخصيات مارونية، و5 اسماء لشخصيات ارثوذكسية، وفي الوقت نفسه يسمّي رئيس الجمهورية 5 اسماء مارونية و5 أسماء أرثوذكسية.
وتفيد المعلومات، بأنّ هذا الطرح خضع لنقاش مطوّل، خلص في نهايته ان يتولّى الرئيس المكلّف تسمية 5 شخصيات مارونية و5 شخصيات ارثوذكسية، ويعرضها على رئيس الجمهورية ليختار من بينها شخصيتين يتمّ التوافق عليهما بينه وبين الرئيس المكلّف. فإن لم يوافق على الاسماء المطروحة، يطرح الرئيس المكلّف اسماء جديدة، وهكذا دواليك، حتى يتفقان على إسمي الوزيرين، وتحلّ هذه العقدة. وتؤكّد مصادر المعلومات، أنّ رئيس الجمهورية لا يمانع هذا الطرح.
وقالت المصادر عينها، انّ هذا الطرح يُعدّ المخرج الملائم والحل الوسط لعقدة الوزيرين، وحسمه ينتظر عودة الرئيس المكلّف ليُعرض عليه والبت به سلباً ام ايجاباً.
النقطة الثانية، هي مسألة منح الثقة للحكومة، إذ تأكّد في هذه الاتصالات انّ باسيل عكس موقفه في هذا الشأن لجهة عدم منح «التيار الوطني الحر» الثقة لحكومة الحريري إن تشكّلت.
وتشير المعلومات في هذه المسألة، الى انّ النقاش حول هذه المسألة كان طويلاً ومضنياً، حيث عكس النقاش، انّ باسيل حاسم في موقفه لناحية عدم منح الثقة للحريري في اي حال من الاحوال. والنقاش في هذه النقطة معه انطلق من عدم جواز ذلك، طالما انّه مشارك في الحكومة، فكيف يكون مشاركاً في الحكومة ولا يمنحها الثقة؟ علماً انّ «التيار الوطني الحر» و»تكتل لبنان القوي» ممثلان في الحكومة عبر وزراء رئيس الجمهورية، وهو التمثيل الأعلى من سائر الاطراف، حيث ينال وحده ثلث الحكومة أي 8 وزراء من 24 وزيراً. وفي هذه الحالة لا يستطيع باسيل أن يفصل نفسه عن رئيس الجمهورية.
وبدا من النقاش، أنّ المسألة في هذا الجانب، بقدر ما هي سياسية، فهي بقدر أعلى شخصية. ومن هنا، فإنّ باسيل شخصيّاً، مصرٌ على عدم منح الثقة للحريري. وإزاء ذلك، طُرح مخرج على طاولة النقاش، يقول بأن يبقى باسيل على موقفه لناحية عدم منح الثقة، ولكن في الوقت نفسه، يعطي لنواب «تكتل لبنان القوي» حرية التصويت بمنح الثقة او حجبها.
الى ذلك، أكّدت مصادر معنيّة بالاتصالات الجارية لـ«الجمهورية»، انّ خلاصة هذه الاتصالات يفترض ان تتبلور نتيجتها ضمن فترة لا تتجاوز نهاية الاسبوع الجاري، ما يعني أنّ هذا الاسبوع هو الذي ستتحدّد فيه وجهة البوصلة الحكومية، اما في اتجاه التأليف، وهذا معناه وضع لبنان على سكة الخروج من الأزمة، وإما في اتجاه عدم التأليف، مع ما سيرافق ذلك من تعميق اضافي للحفرة التي سقط فيها، واشعال اكبر للأزمة وما يترتب عنه من فلتان سياسي واقتصادي ومالي وربما أمني، وفوضى عارمة في الشارع، تسرّع في الإرتطام المدمّر للبنان.