جاء في نداء الوطن:
بنكهته الفولكلورية المعتادة، خرج المجلس الأعلى للدفاع بجردة حساب استعراضية لحالة الانهيار المستشرية في البلد، ليخلص في المحصّلة إلى وعظة “سفسطائية” تتفلسف على الناس و”تتفصحن” في مقاربة أوجاعهم ومآسيهم. فقارب المجلس حالة الذل التي يعايشها المواطنون من باب التعاطف ورفع العتب والمسؤولية عن أهل الحكم، مع إبقاء باب التهديد بالقمع موارباً في وجه كل من تسوّل له نفسه التعبير عن غضبه في الشارع، تحت طائلة تصنيفه في خانة المخربين والمخلين بالأمن ومثيري الفوضى، حسبما حذر رئيس الجمهورية ميشال عون اللبنانيين… فكان “أمره اليوم” للأجهزة: نظّموا الفوضى.
لكن وبما أن الاجتماع عُقد على بُعد نحو شهر من الذكرى السنوية الاولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب، طغى هاجس الانفجار وما يرافقه من تحميل مسؤوليات بالتقصير والاهمال على مداولات المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا، وتبيّن، بحسب مصدر معني لـ”نداء الوطن”، أنّ الدافع الأساس للاجتماع كان “التقرير الذي أعدّه مدير عام الجمارك بالإنابة ريمون خوري عن خزانات الوقود المنتشرة على طول الساحل اللبناني، وسط تمدّد المباني المأهولة باتجاهها حتى أنّ بعضها صار محاطاً بالأبنية السكنية، الامر الذي يهدد بوقوع كارثة بشرية مشابهة لما حصل في انفجار المرفأ في حال حصل أي خلل”.
وفي ما يتصل بالتوترات الميدانية نتيجة الاحتقان الشعبي والتدهور المعيشي، عُرض تقرير عن الاكتظاظ عند محطات الوقود والاشكالات التي حصلت، والاجراءات التي اتخذت وانتشر بموجبها عناصر من جهاز أمن الدولة عند 1192 محطة وقود للحد من التوتر والاشكالات وتسهيل عملية تعبئة الوقود، مع إبداء المجتمعين أملهم بأن تؤدي عملية رفع الأسعار إلى الحد من الاكتظاظ ووطأة الأزمة.
ونقل المصدر أنّ “قادة الاجهزة العسكرية والأمنية تطرقوا من جهتهم إلى استنزاف العسكريين جراء استمرارهم في حالة جهوزية دائمة واستنفار على مدار الساعة بسبب الأحداث المستمرة، ونبهوا إلى أنّ العسكريين يعانون من الضائقة المعيشية نفسها التي يعاني منها المدنيون، فتم طرح موضوع معالجة أزمة رواتبهم التي لم تعد تكفي لسدّ الحاجات الحياتية الأساسية جداً، فتم التأكيد على وجوب درس سبل تعزيز الوضع الخاص بالعناصر العسكرية والأمنية وخصوصاً لجهة تأمين الدواء والغذاء والمساعدات اللازمة لهم”. كما جرى حديث عن الاعتداءات على الأجهزة العسكرية والأمنية والقاء قنابل المولوتوف عليها ما تسبب في الآونة الأخيرة بإصابة العشرات من العسكريين، وعُرض تقرير في هذا المجال يشير إلى وجود “جهات مندسة” بين المحتجين تتولى عمليات الاعتداء على الأجهزة.
وفي المداولات أيضاً، نقل المصدر أنّ وزير الداخلية محمد فهمي “عرض تقريراً عن السرقات وحوادث النشل التي تزايدت بشكل كبير جراء تعاظم الضائقة الاقتصادية والاجتماعية والتي تتخذ منها عصابات السرقة والسطو ذريعة لتكثيف جرائمها، لافتاً إلى توقيف أفراد من هذه العصابات، وإلى اتخاذ إجراءات معلنة وأخرى احترازية غير مرئية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة”. كما طُرحت شكاوى المواطنين حول ما يجري في مطار رفيق الحريري الدولي، لجهة طريقة تعامل الموظفين مع القادمين والمغادرين، ومشكلة فحص الـPCR، فتقرر أن يصار إلى معالجة الأمر من خلال استقدام 70 متطوعاً من كليات الطب والصيدلة والتمريض في الجامعة اللبنانية لمساعدة فرق وزارة الصحة الموجودة في المطار، مع التأكيد على وجوب استخدام آلات السكانر بدل التفتيش اليدوي، لا سيما وأنّ التشدد في التفتيش جاء نتيجة الهاجس المتزايد من عمليات تهريب المخدرات عبر لبنان.
وفي الغضون، استرعت الانتباه مشاورات أميركية – سعودية – فرنسية حول ملفات المنطقة ومن بينها لبنان، إذ كشف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه أجرى محادثات حول قضايا ذات اهتمام مشترك مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، بحضور وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة الـ20 في إيطاليا. فأجمع الوزراء الثلاثة في ما يتعلق بالملف اللبناني على وجوب أن يتحمّل المسؤولون مسؤولياتهم في مواجهة الأزمة والمسارعة في الإصلاح لإنقاذ شعبهم.
وإثر اجتماع ثلاثي لم يكن معداً لانعقاده مسبقاً، حضّ وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية المسؤولين اللبنانيين المتناحرين على التعاون في ما بينهم لمعالجة الأزمات التي يشهدها بلدهم، وأكدوا “ضرورة إبداء القادة السياسيين اللبنانيين مزايا القيادة الحقيقية عبر تطبيق إصلاحات طال انتظارها لإيجاد استقرار اقتصادي (في البلاد) وتوفير الدعم الذي يحتاج إليه الشعب اللبناني بشدة”، وفق ما جاء في تغريدة لوزير الخارجية الأميركية.