كتب بيار بو عاصي في نداء الوطن:
إنه رئيس حزب ولحزبه هذا اكبر كتلة في البرلمان، لا يوازي حجمها سوى خيبة أمل ناخبيها والمؤيدين ونقمة الجميع.
يعتقد الكثيرون أن جبران متمترس ابداً خلف ميرنا الشالوحي، ولكنه يفاجئهم منتفضاً فيلفّ ويدور، ليس حول مستديرة الصالومي، بل يتحول بذاته الى سالومي ابنة هيرودية، فيغدو عمّه هيرودس الملك.
كما رقصة سالومي، تخطف رقصة جبران الأنفاس. راقص بالفطرة هو، لا يثبت في مكان، يتمايل ويتخايل على ايقاع شهواته كالثعبان.
في رقصته اثارة للغرائز دون الأذهان، فالاثارة فنّ التجرّد من الحياء دون استئذان.
يوم رقص رقصته المحمومة ذُهِل هيرودوس وكان له ما أراد، بلدٌ من دون حكومة لشهور، ان لم يزينها هو كالخنجر المكسور. ولكل هزّة خصر وكتفين وساقين ثمن.
الطاقة طاقة، الاتصالات اتصالات، الخارجية خارجية، هدايا باهظة الأثمان يغدقها الملك المفتون من رصيد شعب مذبوح.
ولكن الولد المهروق يبقى هو هو أيّاً كان موقع العم او حجم كأس السم.
كسر لعبة الطاقة وكسر لعبة الاتصالات ولم يبالِ أصلاً بالخارجية واستسهل التفريط بعلاقاتها حتى الاضمحلال.
وفي يوم عيد مار يوحنا المعمدان استذكر سالومي فتقمّص شخصها وشخصيتها من جديد.
دخل على عمّه هيرودوس الملك، مجرّداً من كل لباس الا القليل الشفّاف وصاح “أهم شي الشفافية”.
وانطلق في رقصة إغراء شيطانية كأنه يتلذذ بألم لسعات ألسنة نار جهنّم. ترامت الأذرع والسيقان القصيرة في الهواء، داست الأقدام الصغيرة الارض برشاقة وايحاء، لينهي رقصته زاحفاً لاهثاً كالحرباء.
رفعه هيرودوس المفتون به وقال له، أطلب مني ما شئت، حتى نصف مملكتي، لا بل كلها.
فكر جبران في قرارة نفسه قائلاً: “المملكة لاحق عليها”. التفت الى صاحب التاج والصولجان وقال له، أريد منك مولاي ان تأمر السياف حسن بقطع رأس نبيه وليأت لي به على طبق من فضة.
ارتبك هيرودوس وقال: “فعلاً انك بلا مخ. اذا قلتلو هيك للسيد بيقطع راسك وراسي. ما تكون مفكرو بيشتغل عندي”.
فبكى جبران بكاء شديداً ومن يومها هو مسكون بفكرة قطع رأس عمه ونبيه وحسن.
بس ما عم يخلوه.