كتبت كلير شكر في نداء الوطن:
بينما تسعى مؤسسة كهرباء لبنان إلى “مغط” سلفة المئتي مليون دولار التي أقرّها مجلس النواب والمخصصة لشراء المحروقات، وبينما يقنّن مصرف لبنان فتح الاعتمادات إلى أقصى الحدود، لكونه الجهة الرسمية الوحيدة التي تملك الدولار والمسؤولة عن تأمين الفارق بين سعر صرفه الرسمي وذلك المتداول في السوق الموازية، وبينما لا تزال الدائرة القانونية في المصرف المركزي تدقق في الصيغة التي سيتمّ اعتمادها في العقد المفترض توقيعه مع الحكومة العراقية لتأمين مليون طنّ من النفط الخام على اعتبار أنّ مصرف لبنان هو من سيتولى فتح الحساب بالعملة الصعبة، قررت “شركة كارباورشيب” استئناف إمداد لبنان بالطاقة الكهربائية من باخرتيها، فاطمة غول سلطان وأورهان باي. وقد اتخذت هذا القرار “في بادرة حسن نية فيما تتطلع إلى نقاش بنّاء مع الدولة اللبنانية من أجل تحديد حلول للقضايا القائمة خلال الأيام والأسابيع المقبلة”.
في الواقع، فإنّ عاملين اثنين فرضا على الشركة التي بدأت العمل مع وزارة الطاقة اللبنانية منذ العام 2010 وقف عملها:
أولهما القرار القضائي القاضي بالحجز على الباخرتين العاملتين، ربطاً ببند جزائي يقضي بدفع 25 مليون دولار للدولة اللبنانية في حال تبيّن وجود سمسرات وعمولات.
ثانيهما المستحقات المتأخرة على الدولة اللبنانية لصالح الشركة التركية والبالغة أكثر من 100 مليون دولار، وهي كلفة تشغيل المعامل فقط، من دون الفيول اويل الذي تتكبد ثمنه مؤسسة كهرباء لبنان، في ضوء اصرار مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان على دفع هذه المتأخرات بالعملة اللبنانية على اعتبار أنّ ما تقدمه هذه الشركة هو خدمة service لا يتضمن كلفة الفيول. ما يعني يمكن ايداع قيمة هذه المطلوبات بالعملة المحلية.
ومع ذلك يقول خبير إداري إنّ العقد الموقع مع الشركة هو عقد اداري دولي لتسيير مرفق عام، وبالتالي لا يمكن للطرف الثاني من العقد أن “يحرد” ويعلن توقفه عن العمل، واذا لحق ضرر مادي أو معنوي، يمكن المطالبة بتعويض مادي. وفي حال لم تدفع الدولة اللبنانية مستحقاتها، فيحق للمتعاقد معها المطالبة بغرامات. والأرجح أنّ الشركة التركية استخدمت عذر المستحقات لوقف محركاتها العائمة خصوصاً وأن العقد يلزم الشركة بمتابعة عملها حتى انتهاء العقد في شهر أيلول المقبل.
وقد تبيّن أنّ القاضي علي ابراهيم رفع الحجز عن الباخرتين لكنه أبقى على البند الجزائي وطلب منهما العودة إلى العمل. وهذا ما حصل. في المقابل، ينفي أحد أعضاء مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان أن يكون المجلس قد اتخذ أي قرار في ما خصّ المستحقات المالية للشركة التركية.
وفي مطلق الأحوال، فإنّ كلفة استئجار هذه البواخر والتي يتردد انّها تخطت الـ3 مليارات دولار على مدى الأعوام العشرة الماضية، سلّطت الضوء على مزاريب الهدر التي تتيحها هذه المعامل العائمة. ويتردد أنّ هذه الشركة كانت تتقاضى “بونس” في حال تمكنت من توفير الوقود وهذا ما حصل أكثر من مرة ما دفع إلى السؤال عن امتناعها عن توفير الوقود، طالما أنّه بامكانها القيام بذلك، في السنوات الأولى لرسوها على الشاطئ اللبناني.
في هذه الأثناء، لا تزال الدائرة القانونية في مصرف لبنان تراجع الصيغة المُراد اعتمادها للعقد الذي سيوقع مع الحكومة العراقية، ذلك لأن مصرف لبنان يخشى أن يفتح حساباً بالدولار بقيمة النفط المستورد، فيتم سحبه من الجانب العراقي ولو أنّ الأخير يعرف أنّ هذه الصيغة هي شكلية فقط وأنّ ما يقوم به هو دعم لدولة مفلسة. ولذا تبرّع بتقديم الصيغة القانونية التي تتضمن تعهداً بعدم تحويل المبلغ المودع في حساب مصرف لبنان على أن تتم مبادلة تلك القيمة بعد عام بخدمات طبية واستشارية.
ووفق المتابعين، فإن هذه الصيغة لا تزال موضع دراسة وتدقيق بانتظار موافقة مصرف لبنان المبدئية قبل التوقيع عليها من جانب الطرفين ليبدأ توريد النفط، مشيرين إلى أنّ العراق سيسلم لبنان لائحة بشركات تكرير للنفط ليختار احداها ليتمكن من الحصول على الفيول الذي تستخدمه معامل انتاج الطاقة في لبنان.
وفي هذا السياق، أعلن المتحدث باسم الحكومة العراقية حسن ناظم منذ يومين أنه “لا عراقيل في ملف تصدير النفط إلى لبنان”، مشيراً إلى أنه “ما زالت هناك ترتيبات وتدابير فنية من الجانب اللبناني”. وقال إن “لا عراقيل في ملف تصدير النفط إلى لبنان وتم فتح حساب مصرفي في لبنان، كما تبقى ترتيبات وتدابير فنية من الجانب اللبناني”. وأضاف أن “المسألة منتهية من جهتنا وفتح الاعتمادات المصرفية أسهل وطريقة الدفع ستكون ميسرة، وهناك تدابير ستتخذ في حينها بخصوص نوع العملات”.
وتابع أن “القرار العراقي هو مساعدة لبنان في هذه الأزمة والمهم أن نعمل على نقل النفط بأسرع وقت ممكن، والشاحنات هي الطريقة الأسرع”.