Site icon IMLebanon

“الكباش” السياسي في لبنان يحوّله… “كبش فداء”

 

كيف سيَخْرج لبنان من «الدوامة الجهنّمية» التي دخلها على متن انهياره «التاريخي» الذي اكتسب «سُمْعَةً عالميةً»؟ وبأي أكلاف على «الفكرة» التي نشأ عليها ودوره وربما نظامه و… وجوده؟ هذا السؤال بدا مشروعاً مع إحكام الانهيار الشامل قبضته على «بلاد الأرز».

وما يعزّز الخوفَ على مصير لبنان، تمادي الطبقة السياسة بمحاولة الفصل بين المساريْن السياسي – الحكومي والمالي – الاقتصادي إمعاناً في «استثمار» السقوط المريع سواء لمشاريع سُلْطوية أو إقليمية.

 

والأكثر تعبيراً عن هذا الواقع المُفْجِع استمرار «الكباش» على أشدّه حول تشكيل الحكومة فيما الشعب يكاد أن يتحوّل «كبش فداء» في صراعٍ بات أشبه بـ «جاذبة صواعق» في السياسة والأمن.

وفيما بقيت الأزمةُ الحكوميةُ تراوح في دورانها العقيمِ فوق «حُطامِ» بلدٍ يكاد أن يتحوّل «دولة زومبي»، لم يَخْفُت تأجُّج الشارع الذي يَمْضي باحتجاجاتٍ يُخشى أن تنزلق إلى توتراتٍ أو «تُفَخَّخ» بعناصر تفجيرية.

وإذ كانت السلطةُ تُبَدّي «المقاربةَ الأمنيةَ» لغضبةِ الشارع، وفق ما عبّرتْ عنه مقررات اجتماع «المجلس الأعلى للدفاع»، بدتْ المَخارجُ «الترقيعيةُ» للأزمات غير كافيةٍ لامتصاص ولو جزء من «عصْف» الأرض الملتهبة.

وأفضل تعبيرٍ عن هذا الواقع الذي تتداخل فيه الأزمات الكبرى والصغرى على طريقة «الماتريوشكا»، ان ما كان يفترض أن يشكل حلاً «تخديرياً» لثلاثة أشهر لأزمة المحروقات سرعان ما أصابتْه إخفاقاتٌ على طريقة «أول دخوله تبايُن على طوله»، فيما كان رفْع سعر البنزين والمازوت يستدرج عمليات حسابية «انهمرتْ» معها أرقام الزيادات «بالطول والعرض» على أسعار كل السلع التي تحلّق أصلاً مع دولار السوق الموازية (بقي فوق 17 ألف ليرة أمس) ووثْباته التي يُخشى أنها ستصبح… بلا سقوف.

ولم تكد الأسواق أن تلتقط أنفاسها مع «زفّ بشرى» بدء تسليم المحروقات (بعد مباشرة إفراغ البواخر عقب فتْح الاعتمادات لها) وفق السعر الجديد (يؤمن المركزي 100 في المئة من قيمة الاستيراد على دولار 3900 بعدما كان يغطي 85 في المئة على سعر 1514 ليرة وتؤمن الشركات المستوردة نسبة 15 في المئة بالدولار الحقيقي)، حتى أُربكت حركة التوزيع التي لم تكتمل أساساً في ظل استمرار الطوابير أمام المحطات وتسجيل إشكالاتٍ أمام عدد منها، بفعل تطور «ملتبس» بدا معه وكأن المواطنين تجرَّعوا بدء رفْع الدعم عن المحروقات وفارق السعر الجديد على مرّتيْن:

• الأولى عبر جدول الأسعار الجديدة الذي صدر صباح أمس، وحدد ثمن صفيحة البنزين بـ 61100 ليرة لبنانية بزيادة تعادل 35 في المئة وسعر الديزل بـ 46100 ليرة، بارتفاع نحو 38 في المئة.

• والثانية عبر ما قيل عن هفوة في التسعير، فرْملت عمليات التسليم، وأُعلن معها أن جدولاً جديداً سيصدر اليوم وسترتفع معه الأسعار بما بين 6 و10 آلاف ليرة إضافية، قبل أن تنفي ذلك المديرية العامة للنفط، مؤكدة أن لا خطأ وأن أصحاب الشركات اعترضوا على احتساب بعض عناصر التسعيرة، وقد جرى تفهُّم «مطالبهم وإبداء الاستعداد لدرسها».

وفيما أريد لهذه المعالجة الجزئية لثلاثة أشهر أن تشكل معبراً نحو بدء العمل بالبطاقة التمويلية لنحو نصف مليون عائلة والتي يفترض أن يقرها البرلمان في جلسته التشريعية اليوم وغداً من دون حسم مسألة تمويلها بعد، فإن التشكيك ما زال قائماً في إمكان أن يفضي هذا الحل الموقت لإنهاء مشاهد «صفوف الذل» أمام المحطات ووقف شبح العتمة الشاملة التي لاحتْ مع شبه انقطاع المازوت عن المولدات الخاصة، وقطْع الطريق على تعطُّل كامل الدورة الاقتصادية وحتى العمل في الدوائر الرسمية بفعل التقنين المزدوج بالكهرباء من «الدولة» ثم من المولدات.

وإذ كانت دوائر عليمة تشير إلى أن رفْع الدعم الجزئي الذي حصل عن المحروقات، لا يوفّر لمصرف لبنان مخرجاً لأزمة استخدام الاحتياطي الالزامي من العملات الأجنبية (باعتبار أن دولار 3900 لن يوفّر إلا مزيداً من سحب الليرة اللبنانية من السوق)، حذّر عضو نقابة أصحاب محطات الوقود جورج براكس، من «أن التسعير على دولار 3900 ليرة ليس حلاً ناجعاً للخروج من الأزمة ما دام التهريب مستمرّاً»، مؤكداً في الوقت نفسه «وجوب أن يقوم مصرف لبنان بتأمين فتح عدد اعتماداتٍ كافٍ للشركات المستوردة لمادة البنزين، كما على سلطات الرقابة في الدولة أن تضمن وصول الكميات كاملة الى محطات الوقود وإلا لن تنتهي مشاهد الطوابير على المحطات».

وفي موازاة ذلك، وعشية الجلسة التشريعية للبرلمان التي تشكل البطاقة التمويلية أبرز بنودها والتي سيترافق بدء اعتمادها (بعد بت التمويل وتحديد المستفيدين) مع رفْع كامل للدعم عن المواد الغذائية (ما عدا القمح) ولنحو النصف عن الدواء مع ترشيده وزيادة خفْض الدعم عن المحروقات من دون استبعاد إنهائه، انهمك اللبنانيون بأخبارٍ متسارعة حول ارتفاع أسعار السلع بفعل تسعير البنزين والمازوت على دولار 3900.

… من الخبز الذي أعلن نقيب أصحاب الأفران علي إبراهيم أن «سعر ربطته يمكن أن يزيد بنحو 1000 ليرة (نحو الثلث) بسبب ارتفاع أسعار المحروقات»، الى تأكيد المزارعين أن أسعار المنتجات الزراعية ستزيد بما بين 5 إلى 10 في المئة وكذلك الأسعار في السوبرماركت… كلها عناصر أبقتْ الشارع على اشتعاله وسط تسجيل قطع طرق في أكثر من منطقة في بيروت والشمال والبقاع والجنوب وصولاً إلى اوتوستراد بيروت – الجنوب وسط ملامح شلل في الإدارات الرسمية قبيل إضراب دعت اليه رابطة موظفي الإدارة العامة ابتداء من اليوم ولغاية 9 يوليو.