كتبت باولا عطية في “نداء الوطن”:
نالت شركات التأمين في لبنان حصتها من الازمة الاقتصادية، التي “هشّلت” ما يقارب الـ 80% من شركاتها العالمية وأخرجتها من السوق اللبناني. فبين عام 2019 و2021 تلقّى قطاع التأمين في لبنان ضربات متتالية كان أصعبها ثورة 17 تشرين وما تبعها من حجز لأموال المودعين وانفجار مرفأ بيروت، وما خلفه من قتلى ودمار بالمؤسسات، وأزمة جائحة كورونا، والازمة النقدية والمالية التي تسببت برفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة.
من جهة أخرى يعاني قطاع شركات التأمين في لبنان من حالة ضياع في كيفية تسعير بوالصه، حيث ما من قوانين تنظّم عمله وتوحّد معايير التعويض فيه عن الأضرار، منذ فاجعة 4 آب. لتترك شروط العلاقة التعاقدية مع المضمونين للشركات، كلّ واحدة بحسب ما تراه مناسباً.
فما جديد أسعار بوالص التأمين؟ وكيف يتمّ التعويض على الزبائن؟ وما المشاكل التي يعاني منها القطاع بعد قرابة العامين على انفجار الأزمة الاقتصادية؟ وكيف يبدو حجم الاقبال اليوم على خدمات هذه الشركات؟
كما تدفع تغطى
في الإجابة عن هذه الأسئلة يشرح وسيط التأمين د. كفين صليبا في حديث لصحيفة “نداء الوطن” أنّ “المشكلة الأولى التي تواجهها شركات التأمين هي بتغطية الشخص المؤمن، وهنا نتحدّث عن بوليصة التأمين على الحياة. حيث كان الزبون يدفع بوليصته بالليرة اللبنانية وتتم تغطيته بالدولار، أما اليوم فأصبحت المعادلة “كما تدفع تغطى”.
فإذا كان الزبون قد أمّن على حياته بـ 100 ألف دولار (وفق سعر الصرف القديم أي الدولار بـ 1500 ليرة) أي بما يعادل 150 مليون ليرة، فقد أصبحت قيمة التعويض اليوم توازي 7 آلاف دولار، وبالتالي سيتم التعويض عليه باللبناني”، بحسب صليبا. ويضيف: “من يدفع اليوم بوليصة تأمينه بالفريش دولار تتم تغطيته بالفريش ومن يدفعها بالشيك أو اللولار تتم تغطيته باللولار”.
ويلفت صليبا إلى أنّ “شركات التأمين قدّمت بعض التسهيلات للمضمونين، حيث سمحت لهم برفع حجم تغطيتهم بدون شروط (وعادة ما تكون فحوصات دم وتحاليل مخبرية…) من 1500 ليرة إلى الـ 3900 ليرة. وبالتالي من كان سقف تأمينه 150 مليون ليرة يستطيع رفعه إلى 300 مليون ليرة. وإذا تخطت نسبة حجم التأمين المطلوب رفعها حدّ الـ 3900 ليرة، سيضطر عندها المؤمن للخضوع إلى شروط وتحقيقات لمعرفة الأسباب. وقد تتم الموافقة على الطلب بحسب كل حالة”.
إحذروا بعض برامج الاستثمار
ومن المشاكل التي يحذّر منها خبير التأمين، يذكر “بوالص التأمين على الحياة مع برامج الاستثمار”. ويقول: “نسمع بكثير من الشركات التي تشجّع المواطنين بإعلاناتها على الدفع باللولار على أن يسترجعوا الأموال بالفريش دولار بعد بضعة أعوام، وهذا كان ممكناً في السابق حيث كانت الشركات توظّف 50% من هذه الأموال في المصارف و50% في صناديق استثمارية في الخارج. إلا انه بعد الأزمة لم يعد بإمكان الشركات تحويل أموالها من لبنان واستثمارها في الخارج”، محذراً من “الوقوع في فخّ هذه الشركات التي تنصب زبائنها وتبيعهم أوهاماً كاذبة مستغلة الازمة”.
“القجة” حلّ للهروب من الـ”هيركات”
ويلفت صليبا إلى أنّ “حجم الاقبال على بوالص التأمين وبرامج الاستثمار جيّد نسبياً، لا سيّما وأنّ الافراد يسعون للمحافظة على قيمة أموالهم التي يأخذون عليها مردوداً للاستثمار بقيمة 7 إلى 9%. فبذلك يكون الزبون قد ضمن حياته وفي نفس الوقت ادّخر أمواله في صندوق، “كالقجة”، ضامناً أنه بعد استقرار وضع البلد سيسترجعها ليستثمرها من جديد. ويكون قد حمى أمواله من الهيركات”.
الدفع بالدولار أو…
أما بالنسبة للتأمين على الصحة فيشير إلى أنّ “الدفع كان بالليرة اللبنانية ومع بدء الازمة أصبحت الكلفة تدفع نصفها لبناني ونصفها دولار مع تغطية كاملة، وبعد رفع تسعيرة الاستشفاء في المستشفيات على سعر صرف الـ 3900 ليرة أصبحت كل شركة تتبع نظاماً خاصاً بها. حيث أن بعض الشركات تطلب الدفع بالدولار وتغطي الافراد على سعر الـ 3900 ليرة، ومن يدفع بالليرة لا تتم تغطيته، أما البعض الآخر من الشركات فيقبل الدفع بالليرة الا أنّ المؤمّن سيضطر الى تغطية فروقات كبيرة”.
فعلى سبيل المثال “من كانت عمليته الجراحية تكلّفه ألف دولار (مليون و500 الف ليرة) كانت الشركة تغطيه بنسبة تتراوح بين الـ 85 إلى 90%، اما اليوم ومع ارتفاع سعر المعدات الطبية التي يتم استيرادها بالدولار ومع ازمة شح المحروقات التي تعاني منها الشركات، أصبح فرق الاستشفاء يدفع وفق سعر صرف منصة المركزي أي 3900 ليرة للدولار الواحد، ليصل الفرق الذي يدفعه المريض في بعض الأحيان إلى مليونين و400 ألف ليرة”.
أما ضمان الدواء فيؤكّد صليبا أنه لا يزال مغطى بنسبة 100% من جميع شركات التأمين لأنّ الأدوية لا تزال مدعومة، والدفع على الـ 1500 ليرة. هذا وتساعد البرامج الجديدة برأي صليبا، “المواطن على أن يحصل على تغطية استشفائية كل يوم بيومه، حيث يتلقى مبلغاً معيناً يمكّنه من دفع الفروقات”.
ما جديد بوالص السيارات؟
على مقلب آخر ولدى سؤالنا إحدى شركات التأمين على السيارات العريقة في لبنان، عن طرق التغطية تبيّن ما يلي: أبقت الشركة على التغطية الكاملة ولو اضطرت الدفع بالدولار على كل بوالص التأمين القديمة “ALL risk”على السيارات، ولو أنّ رسم دفع الزبون كان بالليرة اللبنانية في محاولة للمحافظة على زبائنها وضمان الاستمرارية.
كما عوّضت لجميع متضرري انفجار مرفأ بيروت بدون انتظار صدور القرار القضائي ونتائج التحقيقات. حيث اعتبرت أنّ الوضع صعب على الجميع ومن مسؤوليتها الوقوف إلى جانب زبائنها في الأوضاع الحالية الصعبة. فيما كشفت أنّ تجديد بوالص السيارات أو إصدار بوالص جديدة أصبح وفق سعر صرف الـ 3900 ليرة لبنانية للدولار ابتداء من مطلع تموز الحالي.
ولفتت الشركة إلى أنّ “الاقبال على بوالص التأمين على السيارات انخفض، نتيجة انخفاض شراء السيارات لا سيما بعد توقف المصارف عن إعطاء قروض لتقسيط السيارات، ما أثّر سلباً على عمل الشركات”. ولفتت الى أنّ “نسبة الحوادث انخفضت بسبب جائحة كورونا وقرارات التعبئة العامة ومنع التجوّل، وبسبب أزمة البنزين التي أدّت إلى خفض حركة السير على الطرقات”.