Site icon IMLebanon

صفقة النفط العراقي… بغداد تقبل بالليرة ولبنان “يطالب بالدولار”

كتب أيمن شروف في الحرة:

لا تزال قضية النفط الخام الذي سيقدمه العراق إلى لبنان في مكانها. لا جديد من الجانب اللبناني إلى الآن علماً أن العراقيين يتحدثون عن أنهم قدموا كثيرا من التسهيلات من أجل البدء بعملية الاستيراد، التي بالمجمل ستساعد في التخفيف من الواقع المزري الذي يعيشه اللبنانيون، سواء من ناحية شح البنزين أم الانقطاع شبه التام للتغذية الكهربائية وغيرها من أمور.

وسبق لموقع “الحرة” أن تناول الموضوع وكشف معلومات تُفيد بأن الجانب اللبناني لا يزال يُماطل في إنجاز الجزء المتعلّق به، فيما العراقيون ينتظرون الرد اللبناني وتوقيع بنود الاتفاق الذي ينقصه موافقة أحد المدراء العامين من الذين لم يصطحبهم معه وزير الطاقة ريمون غجر ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم في زيارتهم الشهيرة إلى العراق.

اللافت، أن مدير عام الأمن العام وفي حديث له مع القناة العراقية الإخبارية في 11 حزيران الحالي، أي قبل حوالي 20 يوماً، يقول: “النفط سيكون مدفوع الثمن مع تسهيلات، وهي لفتة كريمة من الرئيس الكاظمي، والآليّة ستكون عبر البنك المركزي العراقي والمصرف المركزي اللّبناني، وسَيَتوَلّى المَعنيّون تنظيم العمليّة من حيث طريقة ومهلة الدفع، وهذه العمليّة ستنتهي في غضون أيّام قليلة، ومن بعدها في أسبوع – لعشرة أيّام يمكن البدء في الاستيراد”.

ولكن انقضت الأيام العشرة، ومعها عشرة أيام إضافية من دون أي تطور يُذكر في هذا الملف، فيما الغموض أيضاً يلف الموضوع من الجانب اللبناني، وهو ما يُثير مرة أخرى قلق الجانب العراقي بالرغم من إعلان المتحدث باسم الحكومة العراقية حسن ناظم منذ أيام أن “لا عراقيل في ملف تصدير النفط إلى لبنان، لكن ما زالت هناك ترتيبات وتدابير فنية من الجانب اللبناني”.

وأضاف: “المسألة منتهية من جهتنا وفتح الاعتمادات المصرفية أسهل وطريقة الدفع ستكون ميسرة، وهناك تدابير ستتخذ في حينها بخصوص نوع العملات”، مشيراً إلى أن “القرار العراقي هو مساعدة لبنان في هذه الأزمة والمهم أن نعمل على نقل النفط بأسرع وقت ممكن، والشاحنات هي الطريقة الأسرع”.

ولا يُشير ناظم بالمباشر إلى الخلل، لكنه يغمز إلى أن التأخير الحاصل هو من الجانب اللبناني، وهو ما تؤكده مصادر عراقية رفيعة متابعة للملف، إذ تقول: “لقد سهلنا الأمور إلى أقصى حدود حتى أن طريقة الدفع لم تعد مشكلة وفتح الحساب في مصرف لبنان أيضاً ليس عائقاً لأن الدولة اللبنانية ستدفع بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف الرسمي (أي 1515 ليرة مقابل الدولار الواحد)”.

وهذا يعني أن قيمة النفط العراقي الخام المُقدم إلى لبنان هو فعلياً بكلفة قليلة جداً من كلفته الحقيقية كون سعر صرف الدولار في السوق السوداء بلغت اليوم أكثر من 17 ألف ليرة مقابل الدولار أي أن النفط الخام سيكون أقل من قيمته الفعلية بحوالي 11 ضعفاً، بالرغم من ذلك فإن الحكومة اللبنانية لم توقع بعد على الاتفاق.

وتنفي هذه المعلومات المستقاة من مصادر الحكومة العراقية أن تكون المشكلة كما يحاول الطرف اللبناني أن يختصرها بموضوع الحساب في مصرف لبنان بالدولار، وتخوف المصرف المركزي من هذا الأمر كونه لا يستطيع أن يؤمن الدولارات اللازمة.

يقول المصدر العراقي: “وافقنا على أن يكون الدفع بالليرة اللبنانية، ومن ثم اتفقنا على أن يُسدد المبلغ بشكل مُيسّر وأخيراً توصلنا لنوع من الاتفاق يقضي بأن يُسدد المبلغ على شكل مساعدات طبية واستشارية في المجال الطبي إلا أن المفاجأة كانت أن الجانب اللبناني يريد أن يحتسب المساعدات التي سيقدمها حسب سعر السوق السوداء للدولار أي ليس بقيمته الرسمية كما فعلنا نحن من جانبنا في ما خص تسعير النفط الخام الذي سنقدمه للحكومة اللبنانية”.

يبقى أن الطرف الثالث، الشركة التي ستُكرر النفط ويُرجح أن تكون يونانية وليست من ضمن الشركات التي رفعها الجانب العراقي إلى ممثلي الحكومة اللبنانية خلال المفاوضات، وهو أيضاً ما يطرح علامات استفهام أكثر، إذ يقول المصدر العراقي إن “الخلل بالجانب اللبناني الذي وافق معنا أنه سيدفع مقابل الخام ولكن على ما يبدو تغيرت الأمور ولديه مشكلة من المصفاة إلى المستهلك في كشف عن الكمية والتكلفة وسعر المشتقات”.

على الشق اللبناني، تنفي وزارة الصحة لموقع “الحرة” أن يكون هناك أي إشكال مع الجانب العراقي، وتقول إن “الأمور معهم جيدة وإلى الآن لم يحصل أي تعامل أو تبادل في ما خص الخدمات الطبية المزمع تقديمها من قبلنا”.

ماذا عن رئاسة الحكومة، وزارة الطاقة؟

لا جواب حول تساؤلات موقع “الحرة” في ما خص المفاوضات وما يحصل من تأخير والهواجس التي يطرحها الجانب العراقي.

أما في ما خص الأمن العام والمدير العام عباس إبراهيم الذي تقريباً يقود المفوضات، فتؤكد مصادر مقربة منه لموقع “الحرة” أن “الجانب العراقي قد أكمل كل استعداداته في هذا الخصوص والطابة اليوم في ملعب لبنان”.

وتقول مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الخبيرة في سياسات النفط، لوري هياتيان، لموقع “الحرة”: “نحن نعلم في لبنان كيف تُركَب السمسرات والطبخات. قلنا للوزير (وزير الطاقة ريمون غجر) في السابق، حين تبرم اتفاقاً عليكم أن تنشروه وتكونوا واضحين مع الناس، ولكن هذا لم يحصل وعلى الأرجح لن يحصل. الآن من الواجب عليهم أن يخبرونا من اختاروا شركة لعملية التكرير وهل فعلياً حصلت مناقصة، إذ على ما يبدو لم تحصل أي مناقصة وهذا أمر خطير، فمن هي هذه الشركة وما هي المواد التي سترسلها وكيف ومن سيُسعر. كلها أسئلة لن نجد جواباً عليها لأن سياسة السمسرة مستمرة”.