كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
لا تزال جميع الوساطات المحلية والإقليمية والدولية تصطدم بحائط من الجليد، ومن الصعب كسره مع هذه الطبقة الحاكمة التي تمعن في التعطيل، وتحاول وضع العسكر في مواجهة الناس.
بعد مرور نحو أسبوعين على القمة الشهيرة التي عُقدت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جو بايدن، تلفت مصادر دبلوماسية متابعة للشأن الروسي، الى أن السياسة الروسية تنصرف حالياً الى دراسة نتائج قمة بايدن – بوتين والتي تنظر اليها موسكو بإيجابية في بعض جوانبها، على رغم بعض الخلافات وعدم التوافق على نقاط عدّة، وتعتبر موسكو أن هذا الأمر طبيعي ويحصل بين الدول العظمى ولا يدعو إلى القلق.
وبالنسبة إلى الشرق الأوسط تُشدّد المصادر عبر “نداء الوطن” على عدم وجود أي معطى جديد في روسيا باستثناء المحاولات التي تجرى ما بعد القمة، وذلك لتطبيق الإتفاق الأميركي – الروسي القاضي بفتح المعابر الجديدة من اجل إدخال المساعدات الانسانية إلى سوريا عبر تركيا، علماً أن روسيا قد استعملت سابقاً حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن، ولم تمدّد للقرار الذي كان يقضي بإدخال المساعدات وحصره بممر واحد عبر تركيا. وتضغط روسيا باستمرار من أجل أن تمرّ المساعدات عبر دمشق وليس عبر تركيا وهذا الأمر ترفضه أميركا وأوروبا وكل الدول المعنية بالملف السوري، في حين أن الحل السياسي، بحسب المسؤولين الروس، لا يزال بعيد المنال، وقد تأكّد ذلك بعد مفاوضات جنيف المستمرة منذ سنتين، كما أن المسؤول الأممي غير بيترسون قال خلال لقاء سوتشي الأخير أن السوريين لم يتفقوا على أول سطر من الدستور السوري، وكل ما يحصل هو تمرير للوقت بانتظار المتغيّر الأكبر.
وبالنسبة الى لبنان، تكشف المصادر الديبلوماسية عن أن الموقف الروسي لم يتغيّر، ويعود ذلك إلى تمسّك روسيا بالأفكار التي أطلقتها إضافة إلى انشغالها بملفات أكبر من لبنان، وقد تراجع الإهتمام المباشر بسبب إصابة نائب وزير الخارجية الروسي ومبعوث بوتين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف بـ”كورونا”، لكنّ وضعه تحسّن ويقوم بنقاهة لأسبوعين ويسكن في داتشا إحدى ضواحي موسكو، ويستلم الآن الديبلوماسي فورشيشن ملف المنطقة لكن بوغدانوف حاضر لأي طارئ. وتؤكد المصادر الديبلوماسية أن الروس يراقبون بحذر بالغ الوضع اللبناني ويحذرون من تفاقم الأوضاع وحدوث إنفجار في أي ساعة لكنهم وصلوا إلى قناعة بأن السياسيين اللبنانيين لا يريدون إيجاد حلّ حكومي ما يدفع الوضع إلى مزيد من الإنهيار.
وبحسب المصادر، فإن كل الكلام عن “طحشة” روسية في لبنان عبر بعض الشركات لا أساس له من الصحة، لأن هذه الشركات التي يتم الحديث عنها ليست موضع ثقة حتى في موسكو، كما أن القيادة الروسية تعرف مدى حساسية الوضع اللبناني وصعوبة تركيبته وتغلغل النفوذ الأميركي، لذلك لن تأخذ أي قرار مركزي بالدخول عنوةً والإستثمار في بيروت من دون رضى أميركي، فهذا الأمر قد يعرّض لبنان لعقوبات خصوصاً وأن التوقعات في موسكو ترجّح ازدياد وتيرة العقوبات الأميركية عليها لأن هناك تهديداً جدّياً بعقوبات على خلفية سجن المعارض الروسي الكسي نافالني.
وستشمل العقوبات ليس فقط الشركات الروسية بل ستطال قضايا أخرى وستصل إلى كل دعاة المحور الشرقي واستطراداً محور “الممانعة”، وبالتالي فإن الروس يراعون الواقع اللبناني إلى أقصى حدّ ولا يريدون إستفزاز الأميركيين من جهة، ولا يرغبون بتعريض لبنان لعقوبات قد تعجّل الإنهيار، بل يريدون التعاون مع الاميركي من أجل إيجاد حلّ للأزمة اللبنانية وعدم إنفجار الوضع أكثر.