كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:
ما أضيق العيش لولا اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع المتكررة. فالمواطنون الباقون في جهنم الله على هذه الأرض المتمسّكون بنموذج العيش الفريد، ما كان لبقائهم معنى ولتمسّكهم جدوى لولا متعة انتظار ما يتمخّض عن اجتماعات هذا المجلس من مقررات سريّة وعلنية تزرع السعادة في كل بيت، مثل سانيتا.
من فوائد اجتماعات المجلس، أنه يوفر أولاً على رئيس الجمهورية إعطاء توجيهاته بالمفرّق، فيجمع كل شهر مروحة من الوزراء ورؤساء الأجهزة والمسؤولين. يوجههم يسدّد خطاهم. يؤنبهم إن لمس تقصيراً. ويضع كلاً منهم أمام مسؤولياته.
ويتّسم ما يصدر عن المجلس بالأهمية القصوى، التي توازي إعلان التعبئة العامة لاستكمال حرب التحرير أو تأميم المصارف أو إعلان الأحكام العرفية أو وضع المرشحين لرئاسة الجمهورية والحكومة قيد الإقامة الجبرية.
في آخر اجتماع، وفي خطوة تنمّ عن استشعار بالخطر الوجودي طلب المجلس كإجراء إستثنائي تسريع فحوصات الـ PCR للوافدين إلى المطار.
ومعالجة التأخير في استلام الشنط. “سكّت” ركبتا وزير النقل ميشال نجار وما عادتا تحملانه، وارتعدت فرائص وزير الصحة حمد حسن و”كدّ” الإثنين العرَق عندما رمقهما فخامة الرئيس بنظرة غضب.
المجلس الأعلى للدفاع عين ساهرة على وطن سبقه صيته كمصدّر لأجود أنواع الكبتاغون، ومع كل تهريبة ناجحة إلى إحدى دول مجلس التعاون الخليجي ومع إفشال كل عملية، يُدعى المجلس إلى اجتماع في بعبدا ويخرج بأحلى الكلام على أهمية التنسيق بين الأجهزة.
بعد كل “همروجة” قطع طرقــــات يجتمع المجلس.
مع تزايد طول الطوابير على محطات الوقود.
في إثر أي مواجهة يتخللها حلش شعر وسحب سكاكين إم طقة بسبب تعبئة قوارير غاز. وأساس مهام المجلس “التعبئة” بموازاة معارك حليب البودرة وتنامي سرقة الريغارات.
وللمجلس، كسلطة عسكرية، أن يستدعي لاعبي الإحتياط للإستئناس برأيهم والإفادة من خبرتهم، كالوزير السابق الياس بو صعب وهو مرجع في مكافحة التهريب عبر المعابر غير الشرعية وله صولات وجولات وخبرة ميدانية لا تتوافر لدى كبار القادة، أو يمكن الإستعانة بالوزير شربل وهبه كقيمة مضافة لمجلس الدفاع نظراً إلى مونته على ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن. يعرفهم واحداً واحداً وسيستضيفهم على ترويقة كشك وبيض بقورما في العاقورة مطلع آب إن شاء الله.
يتصدى المجلس الأعلى للدفاع، الملتئم بهيئتيه الشرعية والوزارية، بالكلام المفخّم المقعّر المزوزق الحازم الجازم، لكل ما يمسّ كرامة الوطن والمواطن. يكفي أن صوت اللواء الأسمر بلسم شافٍ لكل جراح النفس وأوجاع الظهر.
إِشارة لا بد منها لقد أنجزتُ هذا المقال بعونه تعالى وأنا في وسط الطابور الأول الممتد بين الدورة ونهر الموت.