Site icon IMLebanon

حسمُ الحريري قريب… فهل يُكلَّف أديب مجدّداً؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

لم يعد خافياً ان البحث بالموضوع الحكومي بات مجمداً. كأن الكل سلم بأن لا امكانية لتشكيل حكومة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري في المدى المنظور. وعلى ما يبدو فان “حزب الله” سلّم هو ايضاً بصعوبة الموقف، يوم رفض أمينه العام ان يكون حكماً بين الخصمين المختلفين حول تشكيل الحكومة.

تراجع البحث الحكومي ليتقدم عليه الهمّ الأمني وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وسط توقعات بارتفاع وتيرتها في الأيام المقبلة. الى حد قول البعض ان الأزمة الحقيقية كأنها لم تبدأ بعد في ظل الحصار الدولي المستمر على لبنان، بمعزل عن ملف المفاوضات الايرانية الاميركية.

كانت آخر مستجدات الحكومة تفيد بتقدم حققه “حزب الله” بعد المرونة التي ابداها رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل تجاه الوزيرين المسيحيين، والاتفاق على ان يختار رئيس الجمهورية ميشال عون من جملة اسماء يقترحها الرئيس المكلف، وإعادة النظر بمسألة منح الثقة للحكومة بترك الخيار لنواب كتلة التيار النيابية، بمنح الثقة للحكومة او الامتناع عنها والموضوع رهن قرار الحريري.

لكن مصادر سياسية متابعة تستبعد ان يقدم باسيل تنازلات تتعلق بالحكومة الى الثنائي الشيعي لرغبته في تقديمها الى الحريري وجهاً لوجه، وتركن في قولها هذا الى ما تسميه اشارات معينة صدرت بعيداً عن الاضواء تفيد برغبة باسيل في تقديم تنازلاته للحريري مباشرة، لحاجته اليه في معركته الرئاسية مستقبلاً، لكن مثل هذا اللقاء مستبعد بنظر المصادر الا في حال فوّض رئيس الجمهورية باسيل التفاوض بالشأن الحكومي نيابة عنه، وهذه ايضاً مستبعدة، لذا فالسيناريو الاكثر احتمالاً هو ان يقدم الحريري تشكيلة حكومية يقبل بها الجميع، وفي حال رفضها باسيل فسيذهب الرئيس المكلف حكماً الى الاعتذار. حسم الحريري لموقفه لم يعد بعيداً. أما السيناريو لما بعد الحريري فهو قيد الاعداد لكن خارجياً وليس محلياً بدليل الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية كل من اميركا وفرنسا والمملكة السعودية التي رفعت على ما يبدو الفيتو عن لبنان، وعاد سفيرها وليد بخاري للحديث عن تشكيل حكومة قادرة على تحقيق ما يتطلع اليه الشعب اللبناني.

وقد تسهم العودة السعودية في تسهيل مهمة الجانب الفرنسي الذي يسعى جهده لتأمين تشكيل حكومة غايتها الاساسية الاشراف على الانتخابات النيابية، وليس بعيداً ان يكلف برئاستها مجدداً السفير مصطفى اديب الذي زكته فرنسا سابقاً وتميل لاعادة التجربة مجدداً، بسبب حيادية الرجل وامكانية تبنيه من قبل الحريري لكونه لا يشكل منافساً سياسياً له مستقبلاً، وسيكون عمله محصوراً بمهمة محددة وهي الاتفاق مع البنك الدولي واصلاح قطاع الكهرباء والانتخابات النيابية.

من العوامل الاضافية التي تعزز احتمال تكليف اديب رغبة فرنسا في تجنب استفزاز المملكة التي تستعد للتوقيع معها على صفقة لشراء الاسلحة، والتماهي مع رغبتها بعدم دعم الحريري لرئاسة الحكومة ولذا تقول المعلومات هنا ان فرنسا لمحت للحريري بضرورة اعتذاره، على سبيل المساعدة في حلحلة أزمة الحكومة.

كل ما تقدم مرهون بقرار الحريري الذي سيكون حاسماً فور عودته الى لبنان، فرئيس الحكومة المكلف يسرّ لمقربين منه بحجم استيائه من الاجواء المحيطة بعملية تشكيله للحكومة، وهو يعيش اسوأ حالاته وأصعبها، بالمقابل لن يكون باسيل في أحسن حالاته وهو الضائع وقراره باستقالة نواب تكتله يصطدم بمعارضة حليفه، بينما قد لا يكون مستعداً بعد لخوض انتخابات نيابية مبكرة في ظل الأزمة الراهنة.

“مسكّرة” هي العبارة الأكثر تداولاً بين المعنيين بملف الحكومة. وبين الكل فان وضع “حزب الله” هو الأصعب بالنظر لموقعه في العلاقة بين الحليفين الخصمين، وبين الحليف الأقرب والرئيس المكلف. المفارقة ان كل طرف يريد من “حزب الله” ان ينفذ مآربه السياسية بينما تلاقوا على احراجه. عملياً استطاع حلفاء “حزب الله” ان يعقّدوا مهمته كي لا نقول إفشالها وتماهوا في تأكيد عدم مونته عليهم. فشل “حزب الله” بمونته على حلفائه كما فشل إقناعهم ان الحكومة غير مرتبطة بملفات المنطقة. وليس بعيداً ان يكون موضوع الحكومة اساسياً في الكلمة التي سيلقيها امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله الاثنين المقبل، طالما ان اي خطوة ايجابية لم تسجل بعد استنجاد رئيس “التيار الوطني الحر” بالامين العام، وقيام “حزب الله” بمسعى لم يكتب له النجاح لغاية اليوم. والسؤال هنا هل يمكن للسيد نصرالله ان يعرض في كلمته العراقيل التي أفشلت مسعى “حزب الله” وتسمية الاشياء بأسمائها، ام انه سيستعين على مصابه بالكتمان لابقاء الباب مفتوحاً امام الساعين؟