Site icon IMLebanon

أهالي الشمال يروون لياليهم في جهنم: سهرانين عالشمعة والبرغش أكلنا

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

تلك روايات ليست من غزة المحاصرة ولا من قندهار ولا حتى من مجاهل أفريقيا، إذ إنه لم يعد ينقص اللبناني في هذه الأيام، إلا أن يستعمل حجر الصوان ويشعل به النار في بيته ومن حوله، حتى تكتمل نقلته من القرن الواحد والعشرين إلى العصور الحجرية وعصور إنسان ما قبل التاريخ. فلقد نجح العهد القوي باعادة هذا البلد الصغير والضعيف مئات السنين إلى الوراء تمهيداً لإزالته عن الخريطة. حتى في عز الحرب الأهلية، لم يشهد لبنان أوضاعاً صعبة ومأسوية مثل تلك التي يشهدها اليوم؛ ويعيشها اللبنانيون. إنها جهنم التي بشّر بها رئيس الجمهورية ميشال عون اللبنانيين.

الجديد في يوميات المواطن اللبناني في سكنه الجديد في جهنم هو اضطراره للعودة إلى استخدام الشمع في زمن العتمة الشاملة وانقطاع مادة المازوت ما أدّى إلى توقف مولدات الإشتراك. فالمواطنون في طرابلس وعكار يقضون لياليهم الجهنمية على ضوء الشمعة أما لياليهم في عزّ الحر وفصل الصيف فلا نوم ولا من ينامون، إذ لا مجال لتشغيل المكيفات في حين أن البرغش يفعل فعله مع الناس فينقلهم من جهنم إلى قاعها.

على وسائل التواصل الإجتماعي يروي المواطنون في الشمال يومياً مآسيهم ولياليهم الحزينة والمقيتة في سكنهم الإضطراري الجديد في جهنم. وفي هذا الصدد كتبت هيام مصطفى على صفحتها الخاصة على الفيسبوك “الليلة كلها ما قدرنا نمنا لأنو لا كهرباء اجت ولا اشتراك وعدا عن أنو كل الليل سهرانين على الشمعة كمان والبرغش أكلنا… الله ياخدكن كلكن لوين وصلتونا”… بالمقابل قالت ريهام بعدما نشرت صورة لشمعة أشعلتها في منزلها في الليل “تتشوفو لوين وصلنا مع العهد النحس والزمرة الحاكمة”، بينما علّق نزار على قطع الكهرباء المستمر وكتب “إذا شي نهار لقيتوني ببلد تاني بيكون البرغش حملني وطار فيي”.

صرخة الطلاب

طلاب الجامعات وتلاميذ المدارس وهم الفئات الأكثر معاناة هذه الأيام، يدرسون على ضوء الشمعة ويعانون الأمرّين مع الحرّ. يقول عبد الباسط إسماعيل من عكار وهو تلميذ ثانوي “لم أر أسوأ من سياسات وزارة التربية في لبنان، وفي وقت لا يمكنهم تأمين الأوراق ولا يزالون يصرون على إجراء الامتحانات… كيف ندرس في مثل هذه الظروف؟ ع الشمعة مندرس يا خلق”؟

وانطلاقاً من هذه الروايات والمنشورات والآراء، لا بد من الإشارة إلى أن مناطق الشمال وطرابلس وعكار تعاني جميعها من انقطاع متواصل في التيار الكهربائي وكذلك كهرباء مولدات الإشتراك وعموم ما يحصل عليه المواطن من تيار كهربائي في تلك المناطق ما بين كهرباء رسمية وخاصة لا يتجاوز 4 ساعات تغذية في أحسن الأحوال، ويضطر الناس في هذه الظروف الصعبة والأيام الحارة للنوم من دون تكييف، وعلى ضوء الشمعة التي كانت حتى الأمس القريب شيئاً من الماضي لم يعد يُستخدم إلا في إحياء حفلات عيد الميلاد ليس إلا. ومع تكرار الإنقطاع في التيار هذه الأيام لجأ الناس إلى شراء الشمع من المحلات، علماً ان أسعاره شهدت ارتفاعاً كبيراً بحسب ما تؤكد السيدة نجاة (أم علاء)، مشيرة إلى أنها اشترت أمس كيس الشمع (10 شمعات) بـ 50 ألف ليرة.

أقسى ما يمكن أن يتخيله عقل اللبناني هو أن تصبح الشمعة وسيلة الإنارة لديه، بعدما وعدوه زوراً بالـ 24 / 24. تحترق الشمعة وتذوب؛ ويذوب معها كل يوم قلب اللبناني المعذّب في بلد الآلام والأوجاع؛ ولك يوم وجع إضافي؛ ويبقى السؤال: ماذا بعد؟