كما زرع الارشادان الرسوليان اللذان صدرا عامي ١٩٩٧ و٢٠١٢، بذور الاستقلال الثاني للبنان الذي ازهر خروجا للجيش السوري في اذار ٢٠٠٥، بما قدماه من دعم معنوي للبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا للبقاء في ارضهم، هكذا فعل لقاء الاول من تموز في الفاتيكان امس. كما قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اليوم، فإن الحبر الاعظم وضع قضية لبنان نصب عينيه، وفي الوقت عينه، اعاد وضع ملف بلد الارز على خريطة الاهتمام الدولي.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ “المركزية”، فإن المحادثات المكثفة التي حصلت امس في روما بين البابا والقادة الروحيين، عرضت تفاصيل الواقع اللبناني المنهار وغاصت في مسببات هذا الانهيار، قبل ان تعرض ما يمكن فعله لانقاذ البلاد واهلها. النقاش لم يحصل من زاوية مسيحية ضيقة، حيث كان اجماع على ان خلاص الوطن وقيام الدولة فيهما خلاص اللبنانيين والمسيحيين ضمنا.
في قابل الايام، ستبدأ نتائج يوم الصلاة والتأمل بالظهور، تتابع المصادر. ففيما الراعي سيضع القادة اللبنانيين السياسيين والروحيين في صورة مضامينه، ستواصل دبلوماسية الكرسي الرسولي اتصالاتها على الساحة الدولية، لتحث عواصم القرار على ايجاد حل للازمة السياسية والاقتصادية للبنان، لا على الاتفاق على البلد الصغير، وهو الامر الذي رفضه البابا في كلمته امس. وهذه المساعي التي انتجت منذ ايام اجتماعا أميركيا فرنسيا سعوديا كان لبنان محوره، سيتابعها الفاتيكان، مستعجلا تسوية غير مرتبطة بصراعات المنطقة. من هنا، كان احتضان فاتيكاني لفكرة حياد لبنان التي ترفع بكركي رايتها.
لكن للاسف، تضيف المصادر، كل المساعي الخارجية الفاتيكانية والدولية، ليست كافية لإخراج لبنان من الحفرة اذا لم يتعاون اولياء امره وإن لم يرغبوا بالتنازل والتفاهم، والتعالي على مصالحهم الخاصة، وهذا ما دعاهم اليه البابا فرنسيس امس.
فهل يستفيق ضميرهم ويتجاوبون مع ما يمكن ان يقترحه الخارج من مخارج، كالذهاب نحو حكومة انتخابات مثلا لا وجود لأي مرشح الى الاستحقاق فيها، تتولى مهمة ادارة الازمة بالحد الأدنى ومنع تفاقمها؟
الايام المقبلة ستحمل الجواب. وتحسبا للأسوأ، فإن الفاتيكان رسم خطة امس، للتخفيف من وطأة الانهيار على اللبنانيين، وليكون العالم الى جانبهم في معاناتهم، في انتظار جلاء الليل الذي لا بد سينجلي ولو بعد حين. فخروج المحتل استغرق نحو ٨ اعوام (الارشاد الرسولي الاول صدر عام ١٩٩٧) مهزوماً امام “الحق”…