IMLebanon

كعب الناس

كتبت سناء الجاك في “نداء الوطن”:

ثقافة الكعوب راسخة على ما يبدو في القاموس البرتقالي. فالناس، كل الناس إن لم يستكثروا بخير الله لأنهم يتمتعون بنعيم العهد القوي، وبه يستغنون عن الماء والوقود والكهرباء والدواء والغذاء والعلم، ليس لهم إلا الكعب. وهو كثير عليهم، وعلى من خلفهم، حين يتجاسرون وينتقدون ويتحولون قطاع طرق ومروجي إشاعات.

لا فرق في امتشاق منطق الكعوب بين قائد مفدّى متمسّك بالكرسي ولابس جبة متمسّك بالكراهية. كذلك لا فرق بين نائب ومواطن من عامة الشعب في مرتبة الكعب. كلهم سواسية. وتحديداً أعداء الداخل من الكفار المارقين الذين يسمّمون العرق الطائفي الخالص الصافي بدعوات إلى إلغاء الحواجز بين اللبنانيين لأن الهموم والنكبات والمآسي الجهنّمية سبق أن ألغتها.

لا تسامح بعد اليوم، فالويل والثبور وعظائم الأمور لمن يعتبر أن الحديث عن الفساد والسرقة عند الأورنجيين يمر مرور الكرام. حينها يتصدى له اللئام وتفلت الجيوش الإلكترونية الجامحة.

على الجميع الإنتظام في الفكر الإلغائي والإنعزالي ونبش الأحقاد… فكل ما يحصل في لبنان لا هدف له إلا إبادة المسيحيين. وذلك وفق معادلة واحدة لا بديل عنها. وهي تقضي بترويج نظرية المؤامرة لشد عصب الناخبين المحتملين الخائفين من المسلمين والمتكفّلين بمساعدة التيار البرتقالي، ليعوض خسائره الفادحة بسبب الجشع والنهب والوقاحة بادعاء العفة، وتحميل غير هذا العهد ما ارتكبه منذ دخولنا إلى جنهم بفضله.

ألم نسمع أن تفجير المرفأ مخطط دولي لتهجير المسيحيين؟

حتى أن سقوط الضحايا من دون مراعاة للفرز الطائفي المقيت، هو مؤامرة على البرتقاليين الأشاوس.

أكثر من ذلك، الأشاوس لا يتوانون عن انتقاد البابا فرنسيس حتى عندما يتطلب الواجب المقدس الدفاع عن العهد القوي وسياسته وغيرته على المسيحيين. فقداسته لن يسلم من اللسان البرتقالي إذا ما اعتبر أن “حكام لبنان ومسؤوليه يغلّبون مصلحتهم الخاصة على مصلحة بلدهم”، أو عندما يشدِّد على وجوب عدم ترك هذا البلد “لمصيره تحت رحمة هؤلاء الذين يسعون بدون ضمير إلى مصالحهم الشخصية”.

حينها تبدأ الفلسفة المتعلقة بالوجود المسيحي في لبنان. فالواجب المشرقي المقدس، الذي لولا المحور لكان قد انقرض، لا يتوانى عن تصويب البوصلة الفاتيكانية وإرشاده بإتجاه الدور المحوري والمعنوي، المفروض بالكرسي الرسولي أن يلتزم به. وبالتأكيد، وفق المقاييس البرتقالية، كان يفترض بالسفير البرتقالي لدى حاضرة العاصمة المسيحية العالمية أن يضيء عليها، ويفرضها خريطة طريق، ويشكِّل سداً منيعاً بوجه الدخلاء الذين يوشوشون للحبر الأعظم بما يسيء إلى العهد وسيده وجبرانه.

ويا غيرة الدين إذا كان من يوشوش هو من المشكوك أصلاً بلبنانيته منذ الاحتلال العثماني حتى اعتناق المذهب الإرهابي الذي أدى إلى انقطاع أواصر العلاقات مع المجتمع الدولي، على اعتبار أن التاريخ بماضيه وحاضره وجهة نظر قادرة على تحريف الوقائع، وأهمها السياسات الخارجية للصهر العزيز التي تعمل في خدمة المحور ضد الدول الصديقة المعروفة بدعمها لبنان، حتى عندما تتعرض للشتائم والأحقاد والعمليات الإرهابية بمباركة محورية فاقعة.

ولا لزوم للعجب، فهذا ما يستحقه “الشعب الطز” الناكر للجميل، والمصر على عدم الهجرة ليرتاح ويريح. وكلما رفع منسوب أمنياته بوطن يليق بالكائنات البشرية، كلما عاجلته العبقرية البرتقالية بإجراءات وتصريحات من كعب الدست، تعيده إلى حجمه الحقيقي ومكانه الحقيقي حيث كعب الناس.