Site icon IMLebanon

انفجار المرفأ… التضحية بأقرب المساعدين لن تزعج الزعماء

كتبت “العرب اللندنية”:

قابل زعماء الأحزاب اللبنانية اتهامات طارق بيطار قاضي التحقيق في تفجير مرفأ بيروت تجاه وزراء سابقين ونواب في البرلمان وقيادات أمنية بالصمت، بالرغم من أن المتهمين هم في الصف القيادي الثاني لأبرز الأحزاب، ما يوحي بوجود استعداد للتضحية بهم مقابل وقف التحقيقات عند هذا الحد.

وقالت مصادر لبنانية مطلعة إن تلافي التصريحات من قادة الأحزاب الذين لديهم مساعدون مشمولون بالاتهام في القضية يظهر أن التحقيق هذه المرة أكثر جدية، وأنه قد يكون مسنودا من دول خارجية تشترط مقابل دعمها للبنان أن تتم إماطة اللثام عن الجهات المتورطة في التفجير كخطوة أولى ضرورية في مسار الحرب على الفساد.

وأضافت هذه المصادر أن الجميع منصاع لما جاء في اتهامات بيطار لوجوه الخط الثاني من الملحقين بالشخصيات السياسية الكبرى، وذلك خوفا من أن يضع أيّ تدخل للتأثير على القاضي، أو الضغط عليه لتغيير الاتهامات والمتهمين أو السعي لإجباره على التنحي كما حصل مع سلفه فادي صوان، الخط الأول من السياسيين أمام المساءلة الدولية في ظل مشاركة محققين أجانب بينهم أميركيون وفرنسيون في التحقيقات الجارية.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن القاضي بيطار سيستدعي رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وآخرين، لكنها قالت إنه لم يتم تحديد مواعيد بعد.

وأضافت الوكالة أن بيطار وجه “كتابا إلى مجلس النواب طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كل من وزير المال السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيدا للادعاء عليهم وملاحقتهم”.

وخليل وزعيتر محسوبان على حركة أمل الشيعية التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما يحسب المشنوق على تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري.

كما تشمل لائحة التحقيق في الانفجار، الذي تسببت فيه مواد كيمياوية مخزنة لسنوات بطريق غير آمنة، وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس.

وقالت وسائل إعلام لبنانية إن قائمة القاضي بيطار تشمل ضباطا في القيادتين السابقة والحالية للجيش، بينهم قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي ومدير المخابرات الأسبق العميد كميل ضاهر، إضافة إلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا.

ولاحظ مراقبون لبنانيون أن أهمّ شخصية تم ذكرها في قائمة بيطار هي شخصية اللواء عباس إبراهيم القريب من حزب الله، والذي لديه ترتيباته الخاصة مع الفرنسيين والأميركيين، وهو ما يوجه رسالة قوية على جدية التحقيق

ويعتقد المراقبون أن التضحية بالأسماء التي وردت في التحقيق أمر ممكن، ما قد يساعد في تهدئة الأوضاع وامتصاص الغضب الشعبي، وهو ما تريده الطبقة السياسية، وخاصة حزب الله الذي لا يهمه من ستتم محاكمتهم، ولكن ما يهمه هو الحفاظ على التوازنات القائمة التي تمكنه من الاستمرار كفاعل رئيسي في البلاد.

وأشاروا إلى أنه في الوقت الذي لن يعترض فيه برّي ولا الحريري على وزرائهما، فإن حزب الله سيظل راضيا طالما أن التحقيقات تقف عند حدود تهمة الإهمال بالنسبة إلى المسؤولين الذين بلغتهم معلومات بوجود متفجرات شديدة الانفجار في المرفأ ولم يتحركوا لمنع الكارثة، ومن بين هؤلاء قادة كبار في الأمن والجيش.

وحذّر المراقبون من أن يكون التحقيق الجديد جهدا استعراضيا لا قيمة له إذا لم يحدد الجهة التي تقف وراء جلب مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار وتخزينها بكميات كبيرة، وكل المؤشرات تقول إن حزب الله هو من يقف وراء ذلك.

وأبدى الكثير من اللبنانيين تفاؤلهم بمسار التحقيقات في ملف انفجار بيروت.

واتهم القاضي فادي صوان الذي كان يقود التحقيق في السابق نفس المسؤولين في العام الماضي، لكنهم رفضوا استجوابهم كمشتبه بهم واتهموه بتجاوز صلاحياته.

وأُبعد صوان عن التحقيق بقرار من محكمة التمييز بعد طلب من خليل وزعيتر. وشكل ذلك انتكاسة كبرى بالنسبة إلى ذوي الضحايا الذين يطالبون بتحقيق العدالة. وبررت محكمة التمييز تنحية صوان بما وصفته بشكوك مشروعة في حياديته لأسباب منها أن منزله لحقت به أضرار في الانفجار.

وتشير المصادر السابقة إلى أن قادة الأحزاب يعرفون أن الوضع بلغ درجة من السوء إلى درجة أن الضغط لتغيير القاضي قد يشعل ثورة ثانية في البلاد في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وتحميل الطبقة السياسية مسؤولية الظروف القاسية التي يعيشها اللبنانيون.

وتنامى غضب اللبنانيين من عدم محاسبة أيّ مسؤولين كبار عن الانفجار الذي قتل المئات وأصاب الآلاف ودمر أحياء بأكملها في وسط بيروت، وسط شكوك في أن تفضي التحقيقات إلى نتائج ذات قيمة بسبب تجارب سابقة أكدت قدرة الأحزاب على تزوير تلك التحقيقات وإفراغها من أيّ مضمون.

وتحسبا لردود فعل شعبية غاضبة أظهر بعض الذين وردت أسماؤهم في التحقيق تفهما واستعدادا للتعاون.

وأصدر زعيتر وهو نائب من كتلة رئيس البرلمان نبيه برّي وخليل بيانا مساء الجمعة وقالا إنهما سيتعاونان مع قاضي التحقيق للمساعدة في تحديد المسؤولين عن الانفجار حتى قبل إصدار الإذن.

وقال سمير جعجع قائد القوات اللبنانية إن القرارات التي أصدرها القاضي طارق بيطار هي نقطة بداية جدية للكشف عن ملابسات جريمة انفجار مرفأ بيروت وتوقيف المجرمين وإحقاق الحق.

وأضاف جعجع في تغريدة له على تويتر السبت “نحن من جانبنا سنضع كل جهودنا لعدم ترك أيّ أحد أو جهة تعرقل مسار العدالة”.