كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
تسلمت الأمانة العامة لمجلس النواب بعد ظهر أمس كتاب المحقق العدلي في ملف تفجير المرفأ القاضي طارق بيطار، والذي يطلب رفع الحصانة عن النواب: علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق وفقاً للأصول بعدما تحول عبر النيابة العامة التمييزية ووزارة العدل، وبات السؤال الآن ماذا سيفعل مجلس النواب؟ وما هي الخطوات التالية دستورياً وقانونياً؟
بداية، لا بد من التذكير بنصوص المواد التي وضعت في الدستور اللبناني وفي النظام الداخلي لمجلس النواب، حول آلية رفع الحصانة والتي ربما ترسم مساراً أو إتجاهاً لهذا الملف.
فالمادة 39 من الدستور تقول: “لا تجوز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء مجلس النواب بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته”.
كما تقول المادة 40 من الدستور أنه “لا يجوز أثناء دورة الإنعقاد إتخاذ إجراءات جزائية نحو أي عضو من أعضاء المجلس، أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً إلا بإذن المجلس، ما خلا حالة التلبّس بالجريمة، أي الجرم المشهود”.
وفي حين جاءت المادة 90 من النظام الداخلي للمجلس لتؤكد على نص المادة 40 من الدستور، أشارت المادة 89 من النظام إلى أن مبدأ الحصانة النيابية متعلق بالإنتظام العام.
كما أن النظام الداخلي تحدث عن الإجراءات الواجب إتباعها من خلال المواد (91-98) والتي تبدأ عبر تقديم طلب الإذن بالملاحقة من خلال وزير العدل، مرفقاً بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تشتمل على نوع الجرم وزمان ومكان إرتكابه، وعلى خلاصة عن الأدلة التي تستلزم إتخاذ إجراءات عاجلة، وهذه الخطوة يُفترض أن تكون قد حصلت عبر الكتاب أو الطلب الذي وصل إلى مجلس النواب أمس.
ويعود إلى رئيس مجلس النواب إجرائياً دعوة هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب، وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير بشأنه في مهلة أقصاها أسبوعان،عملاً بأحكام المادة 92 من النظام الداخلي للمجلس.
وهذا يعني أنه يجب أن ننتظر دعوة الرئيس نبيه بري إلى هذا الإجتماع لكي نبدأ إحتساب مهلة الأسبوعين.
وإذا لم تقدم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المحددة، وجب على رئاسة المجلس إعطاء علم بذلك للمجلس في أول جلسة يعقدها، وللمجلس أن يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً، أو وضع يده على الطلب والبت به مباشرةً.
وللهيئة المشتركة وللمجلس عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة تقدير جدية الملاحقة، والتأكد من أن الطلب بعيد عن الغايات الحزبية والسياسية ولا يستهدف حرمان النائب من ممارسة عمله النيابي. (المادة 98 نظام داخلي).
وما تقدّم يطرح أكثر من تساؤل بحاجة إلى الوقت للإجابة، فهل سيدعو بري الهيئة المشتركة إلى الإجتماع قبل الإطلاع على الملف وما يحتويه؟ وفي حال الإجتماع: هل ستكتفي هذه الهيئة بمهلة الأسبوعين، أم أنها تحتاج إلى المزيد وهو ما يتطلب جلسة نيابية عامة لا أحد يستطيع التكهن بموعدها؟ كذلك كيف تتم عملية تقدير جدية الملاحقة والتأكد من أن الطلب بعيد من الغايات الحزبية والسياسية؟ وماذا تغير بين طلب المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان وبين الطلب الحالي؟
مصادر قانونية ودستورية تقول لـ”نداء الوطن”: “يجب التمييز بين الفئات التي شملها طلب المحقق العدلي، فهناك فئة المحامين الوزراء الذين يحتاجون لإذن ملاحقة من نقابة المحامين، وهذه الفئة يفترض أن يكون البت بها سهلاً لأن المادة 15 من قانون تنظيم مهنة المحاماة تحسم الأمر لجهة التمانع، فهي تمنع على المحامي ممارسة المهنة عند توليه الوزارة وهكذا تسقط التحفظات التي كانت تحول أمام مجلس النقابة إعطاء الإذن، لأن الجرم عادة يكون ناتجاً عن ممارسة المهنة، وفي حالة الوزراء المحامين لا توجد ممارسة مهنة.
اما فئة الموظفين، فكل موظف يخضع تسلسلاً لمسؤول، فالمدير العام للأمن العام يتبع لوزير الداخلية وهو المعني بإعطاء إذن الملاحقة، أما مدير عام أمن الدولة فهو يتبع لمجلس الدفاع الأعلى وإدارياً إلى رئيس الحكومة الذي يُعطي الإذن. وتلفت المصادر إلى أن المادة 61 من قانون الموظفين أعطت النائب العام التمييزي البت بالأمر في حال مرور مهلة 15 يوماً من دون الحصول على جواب من الجهات المعنية.
وتبقى مسألة الحصانة النيابية التي حددت آلية التعامل معها مواد الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، إلا أن السؤال هو حول الإجتهاد أو التفسير القائل بأن مجلس النواب في حالة إنعقاد أم لا في ظل حكومة تصريف الأعمال؟
وكان نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أكد أن “لا أحد يستطيع أن يعتدي على صلاحيات مجلس النواب، وسنتعاطى بكل ايجابية مع الطلب، وتحت السقف الدستوري”، مشدداً على أن “تقديم الطلب ضروري لأن هناك حصانات للنواب، ونحن في مرحلة عقد مفتوح بوجود حكومة مستقيلة، ما يعني أن المجلس يعتبر منعقداً، وعلى هذا الأساس فإن كل الإجراءات القانونية في هذه الفترة لا تجوز بحق النائب”.
وقال: “لأخذ الإذن من الهيئة العامة للمجلس لا بد من أدلة جدية، وإذا أردنا إجراء محاكمة عبر المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فنحتاج الى مستندات دقيقة”.
تبقى الإشارة إلى أنه سبق وطُلب رفع الحصانة عن النواب السابقين معين المرعبي وعقاب صقر وبطرس حرب، ولم يبت مجلس النواب في أي منها، فيما رفعت الحصانة عن النائبين السابقين يحيى شمص وشاهي برصوميان لأسباب قضائية.
ويُتخذ قرار رفع الحصانة بالأكثرية النسبية وفقاً للمادة 34 من الدستور، أي أن حضور 65 نائباً يؤمن نصاب الجلسة وتصويت 33 منهم بالموافقة يكفي لرفع الحصانة عن زميل لهم.
وتنص المادة 34 على أنه “لا يكون إجتماع المجلس قانونياً ما لم تحضره الأكثرية من الأعضاء الذين يؤلفونه وتتخذ القرارات بغالبية الأصوات. وإذا تعادلت الأصوات سقط المشروع المطروح للمناقشة”.