فيما سقف الدولة في لبنان مستمر في التآكل والانهيار وسط عجز كلّي لأهل السلطة عن مواجهة الأسباب ومعالجتها، لا يختلف اثنان على أن القفز فوق القوانين وعدم تطبيقها وغياب المساءلة والمحاسبة كانا السبب الأساس في وصول البلاد الى هذا الدرك الخطير الذي تشهده على المستويات السياسية والمالية والاجتماعية، حيث لم تعد المسكنات والمعالجات السطحية والجزئية تنفع في وقف التدهور والانحلال الذي تشهده كافة السلطات والمؤسسات العامة بعدما نخر الفساد كامل أعضائها ومفاصلها.
وبعيدا من التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت الذي نجم عنه عدد كبير من الضحايا وأدى الى تدمير جزء لا يستهان به من العاصمة وما إذا كان سيصل الى خواتيمه المرجوة، لا يمكن الا التوقف في هذه الاحوال العصيبة من حياة الوطن عند الخطوة القضائية التي خطاها القضاء بمباشرته التحقيق في الجريمة وطلبه رفع الغطاء والحصانة عن بعض القيادات السياسية والأمنية، من دون أن يكون لفريق أو كتلة القدرة على المعارضة نظرا إلى ما تنطوي عليه الجريمة من ابعاد انسانية واخلاقية.
في هذا السياق تعقد هيئة مكتب المجلس النيابي ولجنة الادارة والعدل اجتماعا مشتركا بعد ظهر غد الجمعة في عين التينة لدرس طلب رفع الحصانة عن النواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، الوارد من وزارة العدل في الموضوع.
“المركزية” أستطلعت بعض المواقف النيابية من الموضوع، فقال عضو هيئة المكتب، عضو كتلة “التنمية والتحرير”، النائب ميشال موسى أن الاجتماع المشترك بين هيئة المكتب ولجنة الإدارة والعدل يفرضه النظام الداخلي للمجلس عند طلب رفع الحصانة عن احد النواب للنظر في الموضوع واحالته الى الهيئة العامة. وأن الرئيس بري كان واضحا بقوله نحن مع تطبيق القانون، وتاليا فإن موقف الكتلة سيكون منسجما مع رؤية رئيسها.
بدوره، عضو الكتلة النائب قاسم هاشم قال ان من الضروري رفع الحصانات عن الجميع في لبنان، سيما وأن الحصانات عن النواب وسواهم تسقط في الارتكابات المباشرة والجرائم المشهودة. وموقف الكتلة من رفع الحصانة أو عدمه عبّر عنه رئيسها الرئيس بري بتأكيده ضرورة تطبيق القوانين. علما ان النائبين خليل وزعيتر أعلنا استعدادهما للمثول الرضائي والتلقائي امام قاضي التحقيق.
عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب فادي سعد قال: “طبيعي ان يأخذ التحقيق مجراه وأن نؤيده، لكن قبل رفع الحصانة النيابية التي توفر الحماية لممثل الشعب في النطاق الضيق لممارسته واجباته، يجب رفع الحصانات الطائفية والسياسية التي يتلطى وراءها مرتكبو المخالفات والمخلون بالانظمة والقوانين. ومع مطالبتي بحصرية التحقيق ودقته وألا يكون بهذه الشمولىة، لم نجد مسؤولا أو نائبا حتى الساعة موقوفا، فيما هناك العديد من الموقوفين ظلما في هذه القضية ولا يزالون في السجون.
عضو “تكتل لبنان القوي” النائب ايدي المعلوف اشار الى ان التيار من المطالبين برفع الحصانات، وقد تقدم من المجلس النيابي باقراح قانون في هذا الصدد، لأننا نعتقد ان هذه الامتيازات أدت الى ما نعيشه اليوم من انهيار سياسي ومالي وأجتماعي، لذا ضروري حجب كل الحمايات ومن اي نوع كانت، سياسية أم قانونية أم طائفية وحزبية عن الجميع، وذلك تمهيدا لتطبيق القانون ولتأخذ العدالة مجراها.
عضو كتلة “المستقبل” النائب عاصم عراجي قال: “لا أعتقد أن هناك كتلة او نائباً سيعارض تطبيق القانون وتاليا رفع الحصانة، علما اننا ككتلة لم نتخذ موقفا من الموضوع وننتظر اجتماع عين التينة غدا لتحديد الرؤية المشتركة. من جهتي انا مع رفع الحصانات والامتيازات عن الجميع، باعتبار أن اللبنانيين متساوون في الحقوق والواجبات ولا تمييز بين شخص وآخر.