Site icon IMLebanon

الحريري لا يُناور… ولكن “مشروع الوكالة” لا يلقى قبولاً

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

المشهد الحكومي مقفل. لا كلام ولا محاولات بين القوى السياسية لاختراق الجمود. الجميع في حال انتظار، ولو أنّ “حزب الله” يتحدث عن أيام فاصلة بين الخيط الأبيض والخيط الأسود. سبق للأمين العام السيد حسن نصرالله أنّ أعلن أنّ الأيام القادمة ستكون حاسمة، كذلك أعلن نائبه الشيخ نعيم قاسم أنّ الأسبوع القادم سيكون حاسماً، ولكن لا تطورات في الأفق تشي بأنّ الوضع الحكومي قد يشهد في القريب العاجل أي تبدلات جذرية، على عكس الحراك الدولي الذي يسجّل العديد من اللقاءات والمواقف ولو أنّها تصب في منحى البحث عن بعض “الأوكسيجين” لمنع الوضع الداخلي من الوقوع في الفوضى الشاملة.

وحده البيان الصادر عن مكتب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بدا وكأنه تطور نوعي في السياق الحكومي. اعتبر المكتب الإعلامي للحريري أنّه “في بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية في 9 تموز الحالي، أنه بناء لاتفاق مسبق، جرى اتصال هاتفي بين الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ورئيس حكومة لبنان المكلف سعد الحريري… وقد أكد الجانب الروسي ضرورة دعم كل الجهود في سبيل الإسراع بتشكيل لبنان حكومة مهمة قادرة، من التكنوقراط، برئاسة الرئيس سعد الحريري. كما شدد على ضرورة الوصول إلى توافق وطني بين كل القوى السياسية والطائفية الأساسية الفاعلة، على مبادئ الوحدة الوطنية ووحدة الأراضي اللبنانية والاستقلال والسيادة”.

فهل سيكون الموقف الروسي الصريح مقدمة لتراجع الحريري عن ورقة الاعتذار التي يهدّد برفعها بوجه خصومه؟

لقد بات جلياً، أنّ رئيس “تيار المستقبل” يسير في حقل ألغام، سواء إن أحرق ورقة الاعتذار وقرر “التشمير عن ساعديه” للانخراط مجدداً في مشروع تأليف حكومة قد تكون الأكثر كرهاً من جانب اللبنانيين نظراً للقرارات الصعبة التي قد تضطر لاتخاذها، وهو بذلك كمن يطلق النار على رجليه أو حتى في صدره في عملية انتحارية ستقضي عليه بشكل نهائي خصوصاً وأنّ السعودية لا تزال في المقلب الرافض لعودته إلى السراي الحكومي وبالتالي إنّ باب المساعدات التي يعوّل عليها للحؤول دون غرق البلد بشكل كامل، قد يبقى موصداً… وسواء قرر اشهار ورقة انسحابه من الحلبة الحكومية من دون أن يضمن السيناريو البديل أو المكمل لقرار اعتذاره، لأنه قد يكون بمثابة خروج نهائي من الساحة اللبنانية التي قد تتحوّل إلى مستنقع للفوضى… وسواء اكتفى بالجلوس على رصيف انتظار التطورات الخارجية لتحمل تسوية تعيد الاستقرار السياسي والمالي إلى لبنان، وهو سيناريو لا يقلّ كلفة عما سبقه من السيناريوات لأنّه بمثابة قرار بالموت على البطيء.

بالنتيجة، هو واقع بين سلسلة خيارات سيئة، أحلاها مرّ. ولهذا يجزم المطلعون على موقفه بأنّه لا يناور أبداً في طرحه مسألة الاعتذار كآخر دواء، ولو كان كيّاً له لكنه قد يفتح الباب أمام مسعى قد يخرق الجمود الحاصل ويساعد على التخفيف من حدّة الأزمة الاقتصادية. ويؤكدون أنّ الحريري حاول خلال الأيام الماضية البحث في اسم بديل له قادر على الإمساك بالوضع ليؤلف حكومة انتخابات تسمح بتقطيع المرحلة، لكنه لا يزال يواجه برفض الثنائي الشيعي البحث في أي اسم ثان، ويصرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري و”حزب الله” على أنّ رئيس تيار المستقبل هو رئيس الحكومة المقبلة.

وعليه، يرى المطلعون أنّ رئيس الحكومة المكلف يترك باب المشاورات مفتوحاً ويعطي نفسه كما لبقية القوى السياسية المزيد من الوقت قبل أن يقول كلمته النهائية والتي قد لا تظهر إلّا بعد عيد الأضحى، خصوصاً وأنّ الحراك الدولي من شأنه أن يساعد على ازالة بعض الألغام والعراقيل، بدليل موقف موسكو الذي يؤشر بوضوح إلى أنّ الحريري لا يزال رجل المرحلة.