في زيارة لافتة شكلا ومضمونا، حطّ نائب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، في واشنطن مطلع الاسبوع حيث استقبله كبار المسؤولين. والتقى الثلثاء، وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الذي أكد التزام أميركا بالعلاقة الدفاعية مع السعودية. كما عقد محادثات في وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” مع كبار العسكريين، خاصةً كولين كال، وكيل وزارة الدفاع للسياسة، حيث ناقشا قضايا منها “جهود إنهاء الحرب في اليمن”.
وقد أكدت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” التزامها “بالعمل مع السعودية لإنهاء الحرب في اليمن”، مضيفةً “ملتزمون مع السعودية بمواجهة نشاطات إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة”. واذ شددت على أن “الولايات المتحدة ملتزمة بالعلاقات الدفاعية مع السعودية”، نددت “بالهجمات العابرة للحدود التي تشنها ميليشيات الحوثي بدعم إيراني”.
نائب وزير الدفاع السعودي، اجتمع ايضا بمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان لبحث “الشراكة الراسخة بين الولايات المتحدة والسعودية، والأمن الإقليمي، والالتزام الأميركي بمساعدة السعودية للدفاع عن أراضيها بوجه الهجمات التي تشنها جماعات موالية لإيران”. كما بحث المسؤولان أهمية تنسيق الجهود لضمان تعافٍ اقتصادي متين، وللتقدم في ملفات المناخ، ولتخفيف التصعيد في الشرق الأوسط.
في الشكل، توضح مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، ان الأمير خالد بن سلمان (الشقيق الاصغر لولي العهد الامير محمد بن سلمان) هو أرفع مبعوث سعودي يزور واشنطن منذ أن تولى جو بايدن الرئاسة في كانون الثاني الماضي، ويجري محادثات مع مسؤولين كبار حول حرب اليمن والتهديدات الصادرة من إيران. اما في مضمونها، فالزيارة تؤسس لفترة تنسيق وتعاون جديدة بين الدولتين بعد مرحلة “فتور” اذا جاز القول، بدأت غداة دخول بايدن البيت الابيض. اذ ان الاخير سرعان ما مدّ اليد لايران، في مقابل إبرازِه تشددا تجاه المملكة، حيث ضغط الرئيسُ الأميركي على الرياض في قضايا مختلفة منها “حقوق الإنسان”. كما انه اعلن انه سيقيم العلاقات من خلال الملك سلمان نفسه، وليس من خلال نجله الأمير محمد، كما كان حاصلا في عهد سلفه دونالد ترامب.
الا ان هذه السياسة سرعان ما تبدّلت بعد ان “جرّبت” ادارة الديموقراطيين الليونةَ مع الجمهورية الاسلامية، – اكان نوويا عبر محادثات فيينا او عسكريا عبر رفع الحوثيين، ذراعِهم العسكرية في اليمن عن قائمة الجماعات الارهابية، دون جدوى – بحيث استفادت الجمهورية الاسلامية من هذه البوادر الايجابية، لترفع اكثر سقف شروطها في المفاوضات، ولتعكّرّ اكثر الامنَ في المنطقة، عبر استهداف السعودية او حتى القواعد الاميركية.
وعليه، فرملت واشنطن مسارَ الانفتاح على الجمهورية الاسلامية. فردّ الاميركيون على الغارات “الايرانية” على قواتِهم، بالمثل، كما تمسّكوا بشروطهم لرفع العقوبات، قبل ان تقرر واشنطن، دائما ضمن عملية اعادة النظر في حساباتها الاقليمية، اعادة مدّ الجسور بينها والسعودية، وتدعيمها، وفتح صفحة تعاون وتنسيق بين الجانبين، لا تقتصر فقط على الملف اليمني (وإن كان يحتلّ الاولوية سعوديا)، بل على الشراكة لايجاد حلول لازمات لبنان والعراق وسوريا، وكلّ الدول التي للمملكة ثقل فيها. وبحسب المصادر، نتائج هذا التقارب والتواصل، اللذين لا يعجبان ايران من طبيعة الحال، ستبدأ بالظهور قريبا على الساحة الاقليمية، تختم المصادر.