جاء في “المركزية”:
أقوى من دوي الانفجار سيكون وقع احياء الذكرى السنوية الاولى لـ4 آب المشؤوم على اللبنانيين، بفئتيهم، المجروحة ارواحهم بفقدان اب او اخ او ام او ابنة او ابن او قريب او صديق او…والمفقودة ضمائرهم من المتورطين في جريمة العصر بالمباشر او غير مباشرة اهمالا او غض نظر او قلة مسؤولية، لا فرق، فالنتيجة واحدة.
الفئة الاولى التي يحرقها حتى اعمق اعماقها وجع الفراق او الاصابة او النكبة او التشرد، ستجتمع لترفع الصوت والصلاة على نية من انتقلوا الى دنيا الآب، حيث لا وجع ولا حزن ولا مرارة عيش يختبرها كل لحظة من شاء قدره ان يبقى حياً على هذه البقعة الجغرافية من العالم، وتناشد من تبقى من اصحاب الضمائر النيّرة في هذا الوطن احقاق الحق وتحرير مسار العدالة من قبضة الاجرام السياسي الذي يرفض حتى رفع الحصانات عمن يطلبها القضاء بحجج وذرائع لا تنطلي على احد وينصّب نفسه قاضيا يصدر الاحكام بطلب ادلة وبراهين لا تعلن عادة الا لحظة اعلان الاحكام.
اما فئة القتلة الذين لم يشبعوا على مدى عقود بطشاً وحروبا وسفك دماء فلطخوا ايديهم مجددا بدماء ابناء الوطن والعاصمة، فسيعايشون المشهد ذاته علّه يذكّرهم، بعدما نزعوا عنهم صفة الانسانية، ان العدالة ولئن قطعوا الطريق عليها في الارض، لا بدّ ستتحقق في السماء، سيذكرهم لبنان واهله في 4 آب بما اقترفوا وما تسببوا به من الم ووجع وموت ورائحة دماء الشهداء لا بدّ ستقض مضاجعهم يوما ما.
نعم هذه الذكرى ارادها كل شهيد في قبره وكل معانٍ جراء اصابته وكل مهجّر ومشرّد ومنكوب اصيب منزله وكل من تليق به صفة “لبناني وطني” لتذكير المجرمين كيف قتلوا الوطن وحلم ابنائه، وكيف يقف من بقي منهم مؤمنا بالقضية سداً منيعا في مواجهة مؤامراتهم الخبيثة الشريرة.
في 4 آب وبالتنسيق والتعاون مع مطرانية بيروت المارونية التي كان لها النصيب الاوفر من التفجير المشؤوم، يحيي اهالي الضحايا والمصابون والمنكوبون واللبنانيون الاحرار الذكرى. التجهيزات على قدم وساق وقد جنّدت المطرانية طاقاتها كلها، الروحية والشبابية لتنظيم واحياء الذبيحة الالهية التي يرأسها مبدئيا بحسب معلومات “المركزية” البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقد وعد الاهالي بأن يكون في عظته يومها صوتهم ولسانهم وصرختهم.
القداس سيقام في الباحة امام الاهراءات حيث وقع الانفجار وقد خصصت للمدعوين من الاهالي والمصابين وسكان المناطق المتضررة ستة الاف كرسي، مع العلم ان المتوقع حضورهم يفوق هذا العدد بأشواط.
الدعوات بدأت تصل تباعا للمدعوين، جميعا، الا الرسميين الذين يأبى الاهالي وكل معني بالجريمة تواجدهم في المناسبة، كيف لا، وهم يذبحونهم كل يوم بسيف عرقلة مسار التحقيقات. مطارنة، كهنة، وكل من يقف الى جانب المتضررين ويساعدهم ويآزر قضيتهم ومن بينهم محافظ بيروت مروان عبود، وهو على الارجح الوحيد من بين الرسميين المدعوين، فيما تغيب سائر الفاعليات السياسية والروحية التي كان غيابها عن القضية فاقعاً،كما تقول عائلات الضحايا.
المناسبة تنطلق في الرابعة بعد الظهر بمسيرات حاشدة من ثلاثة اتجاهات. الاولى من ناحية الفوروم دو بيروت ومن ضمنها اهالي شهداء المرفأ. هناك، امام فوج الاطفاء ستكون وقفة رمزية وتحية لارواح من قدموا الروح في سبيل انقاذ الاخر قبل ان تستكمل مسارها. الثانية من جهة ساحة الشهداء والثالثة من قلب الجميزة ومار مخايل والرميل وكل حيّ اصابته المصيبة. الجميع يلتقون امام تمثال المغترب مقابل الاهراءات ضمن اطار تنظيمي تتولاه جمعيات مدنية ابرزها فرح العطاء وفوج الكشاف اللبناني.
من هناك وبمواكبة امنية من الجيش اللبناني، يتجه الجميع نحو المرفأ على وقع صلوات اسلامية- مسيحية مشتركة ودعاء يتلوه مطارنة ورجال دين مسلمين ممن يدعمون الاهالي.
لحظة الانفجار تحديدا، في السادسة وسبع دقائق، دقيقة صمت على ارواح من رحلوا ، ثم تلاوة لاسماء الشهداء قبل ان تبدأ الذبيحة الالهية.
وسائل اعلام محلية وعالمية ستغطي الحدث وتتولى بعد القداس عملية نقل مباشر لحلقات حوارية مع اهالي الضحايا والمصابين لنقل الصرخة والصوت.
“هي قضية كل لبناني كان يمكن ان يكون هناك لحظة الانفجار، ان لم يكن في 4 آب، ففي يوم آخر”، يقول وليام نون شقيق الشهيد جو نون لـ” المركزية”، “لذا ضروري ان يقف كل لبناني شريف الى جانب قضيتنا لتحقيق العدالة وكشف من يقف خلف معاناتنا ليحاسب ويكون عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على اللبنانيين بعد اليوم. نريد من هذا اليوم ان يُحدث الفرق. توافدوا ايها اللبنانيون الى المرفأ في 4 آب احدثوا صدمة للسياسيين الفاسدين المجرمين. كونوا الى جانب القضية، فمن لم يخسر روحا خسر وطناً، فلنهز معا ضمائرهم وكما قتلونا بالروح “نقتلهم” بقوة الكلمة والحقيقة التي لا بدّ آتية مهما تأخرت.
إخترنا لك