Site icon IMLebanon

الأحدب: على نواب طرابلس الاستقالة حقناً للدماء

كتب أحمد الأيوبي في “اللواء”:     

عبرت طرابلس الأسبوع الماضي «قطوعاً» جديداً، وأثبت أبناؤها أنّ وعيهم أكبر من الاستدراج نحو الصدام مع الجيش وأنّ المؤسسة العسكرية صارمة في مسارها نحو فرض الاستقرار، وهذا ما أكده قائد الجيش جوزاف عون خلال زيارته للفيحاء، عندما شدد على أنه «من غير المسموح لأي كان المس بأمن المدينة»، مؤكدا أن أمن طرابلس واستقرارها مسؤولية الجميع، متوجهاً إلى أهالي طرابلس بالقول: «نحن منكم ووجعكم وجعنا، وأمنكم أمانة في أعناقنا واستقرار المدينة مسوؤليتنا جميعاً»، و«من غير المسموح لأي كان المس بأمن المدينة»، مؤكدا أن لا تساهل أو تهاون مع من يعبث بالاستقرار كائنا من كان».

خلفية الأحداث

على وقع إشاعات مكثفة ومركزة حول وفاة أطفال بسبب انقطاع الكهرباء وعمليات تحريض واسعة على الجيش وتحميله مسؤولية الوضع الاقتصادي والاجتماعي، اشتعلت مناطق طرابلس الشعبية وحمل بعض أبنائها السلاح وقاموا بإطلاق الرصاص فاتحين الباب أمام صدامات مع الجيش وتسلّل مجموعات الشغب إلى الشوارع ومحاولتها فرض سيطرتها وإغلاق المؤسسات التجارية والمطالبة بإخراج الجيش من مناطق في المدينة.

النائب السابق مصباح الأحدب قال لـ«اللواء» إن الإطار العام الذي تجري فيه الأحداث هو استمرار مخطط وضع طرابلس في مواجهة مع الجيش اللبناني وهذا مرفوض، لكنه اعتبر أنّ هناك ذريعة لا بدّ من نزعها، وهي استمرار مشاركة السياسيين في السلطة وفي مجلس النواب، وقيام الجيش بحمايتهم، مما يضع المؤسسة العسكرية في حالة صدام مع الناس، وهذا أمر مرفوض، داعياً إلى استقالتهم، وإلى انحياز الجيش إلى جانب المواطنين.

استقالة النواب ضرورة لوقف الصدام

وشدّد الأحدب على ضرورة استقالة نواب طرابلس، لأنّ وجودهم في السلطة، مع عجزهم عن تأمين أيّ شيء لأبناء المدينة الغارقة في كلّ أشكال القهر والحرمان، وهذا مصدر غضب طبيعي، واضطرار الجيش لحمايتهم عنصر توتر دائم، مع تفاقم الأزمة وازدياد الصعوبات المعيشية، وهذا سيحوّل المواجهة إلى صدام بين المحتجين وبين الجيش، لذلك، وحقناً للدماء، وسحباً للذرائع، ومنعاً لتوسع حالات الفوضى، لا بدّ من استقالة من تولى تمثيل المدينة ولم يستطع أن يفعل شيئاً لأجلها.

ولفت الأحدب إلى أنّ المسلحين الذين ظهروا في المدينة كانوا يكيلون الشتائم للنواب، وكثيرون منهم لا يزالون ملاحقين بملفات أمنية عن الفترات السابقة، يبقيها السياسيون مسلطة عليهم لابتزازهم واستخدامهم في الألعاب الأمنية المكشوفة، وهؤلاء هم أنفسهم الذين ينزلون إلى الشارع للاصطدام مع الجيش بذريعة أن الجيش يقمع الشعب، معتبراً أن هذه الألاعيب لم تعد تنطلي على أحد.

وأوضح الأحدب أنّ هذا المسار يتزامن مع استمرار السعي لتحويل طرابلس إلى مدينة «داعشية» لتبرير ضربها، لكنّ هذا الأمر بات معروفاً لدى الجميع، وخاصة الجيش الذي نراهن على حكمة قائده العماد جوزاف عون لإفشال كلّ هذه المخططات الشيطانية، على قاعدة أنّ دور الجيش هو حماية السلم الأهلي، وليعلم الجميع أنّه إذا انهار الأمن في طرابلس، فإن الانهيار سيمتدّ إلى بقية المناطق، ولن تبقى المدينة ساحة معزولة تجري فيها الاختبارات الأمنية والسياسية، كما كان يحصل سابقاً، محذّراً الشباب الطرابلسي من الانسياق إلى التحريض ومن غياب الوعي، لأنه في كلّ مرة تجري التضحية بهؤلاء الشباب على مذبح المغامرات السياسية والأمنية.

طرابلس بين «الدعشنة» ونقاط القوة

يشرح الأحدب أنّ هناك وجهتي نظر حول وضع طرابلس:

– الأولى: تقول باستمرار تحويل المدينة إلى بؤرة داعشية وضربها تنفيذا لتوجهات تحالف الأقليات.

– والثانية تعتبر أنّ طرابلس تشكل نقطة قوة. لأنّه بعد ثلاثين عاماً من القمع ، نزل 115 ألف مواطن إلى الشارع ليقولوا: نحن مع لبنان الدولة ومتمسكون بها.

وتساءل: هل الحلّ بقمع هؤلاء المواطنين ومنعهم من حقهم في التغيير، ثم يجري استغلال اشخاص يحملون السلاح، هم بدورهم ضحية الاستغلال والابتزاز بالملفات الأمنية.. وهل يجب الاستسلام لفكرة الاصطدام بينهم وبين الجيش، وهم يريدون الاحتجاج على النواب، لأنّهم لم يكونوا أهلاً للقيادة، وجعلوا طرابلس خارج الخارطة اللبنانية وقد أتتهم الفرص وشكلوا حكومات وكانوا وزراء، وتركوا مدينتهم على ما نراه من إفقار وإهمال، لا بل إنّهم عجزوا عن ضمان وصول المساعدات إلى الناس، كما حصل في حالة المستشفى القطري الذي أرسلته الحكومة القطرية مشكورة لطرابلس، لكنه تبخّر ولم نعد نعرف عنه شيئاً.

واعتبر الأحدب أن استقالة النواب تسحب الذريعة لوقوع الصدام بين الناس والجيش، لأنّ هؤلاء النواب مسيطرون على مرافق الدخل في طرابلس، مثل المرفأ وغيره، فضلاً عن تنازلهم عن حقوق طرابلس في الدولة. فإمّا أن يقوموا بواجباتهم، وهذا غير حاصل، وإما أن يستقيلوا. أمّا أن يبقى الوضع على ما هو عليه فهو أمر مستحيل، مؤكداً أنّ هذه المعادلة يجب أن تتغيّر وأنّ مصادر دخول المال إلى المدينة يجب إعادة النظر في توزيعها لصالح التصدي للكارثة التي يعيشها الناس.

وأوضح الأحدب أنّ هناك أخطاء تقع، يجب أن تُصحَّح، ونحن مطمئنون إلى حكمة قائد الجيش، ونقول له إنّ طرابلس متمسكة بالمؤسسة العسكرية، وإنّ طريقة تعاطي السلطة الحالية التي تفسح المجال لتحرّك مجموعات من السياسيين وفي المقابل تدفع الجيش نحو القمع، فهذه مقاربة لا يستطيع الجيش تحمّلها، وهو يجب أن يكون حليف الناس، وهو يقف اليوم في «فوهة المدفع» ويدفع ثمن الأزمة التي تنعكس على عسكريين يخاطرون بحياتهم ويعانون من تداعيات انخفاض القيمة الشرائية لرواتبهم، وهذا غير مقبول، لأنّه لا يجب إنهاك الجيش في مواجهات مفتعلة في طرابلس، عليه أن يتجنّبها ويعلن تحالفه مع المواطنين.

مرحلة تأسيسية

وتابع الأحدب: على السياسيين أن يعلموا أنّ الجمود وبقاء الحال كما هو، سيعني حتماً الانفجار، وإذا كانت السلطة المركزية لا تفعل شيئاً فهذا لا يعني أن يسود العجز في طرابلس، وخاطب النواب بالقول: لا يمكنكم الجلوس في مقعد القيادة وأن لا تسوقوا المركبة، فالمدينة واهلها محسوبون عليكم لجهة اي مساعدة مالية خارجية، وأيّ خطوة للمساعدة محكومة بالمرور بهم، مثل إنشاء صندوق لطرابلس على سبيل المثال وهذا ما لم يقوموا به، فالرئيسان نجيب ميقاتي وسعد الحريري إضافة إلى الوزير السابق محمد الصفدي والبقية مسؤولون عن التحرّك لإيجاد الحلول، كما يحصل في بقية المناطق.

ونبّه الأحدب أخيراً إلى أنّنا على أبواب مرحلة تأسيسية يسودها عدم التوازن، بينما المطلوب تحقيق المواطنة الفعلية في لبنان، وهذه لا تتحقّق باستهداف فئة معينة، بل بتأمين التوازن ومنع تغليب طرف على آخر، لأنّ الاستقواء يؤسّس للمزيد من الصراعات ولا يسمح بقيام الدولة العادلة التي ينشدها اللبنانيون.