بالتوازي مع انفجار 4 آب يبقى المشهد الحكومي متصدراً كل المتابعات والأولويات، من زاوية انّ التأليف يشكل المدخل الوحيد لفرملة الانهيار المالي وتبديد قلق الناس وتهدئة النفوس المحتقنة وتبريد الاحتقان الاجتماعي. وعلى رغم إدراك الجميع لهذه الحقيقة، إلا ان أحداً من المعنيين بالتأليف لا يعمل بموجبها من خلال تقديم التنازل المطلوب الذي يفتح الباب أمام ولادة الحكومة، حيث ما تكاد تهدأ على خط الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل حتى تشتعل مجددا، وغالباً بلا مقدمات ولا أسباب موجبة، وكأنّ كل الهدف توجيه رسالة إلى من يعمل على خط التقريب بين الطرفين مفادها «ما تعذِّب حالك، فلا حكومة برئاسة الحريري».
وكانت معلومات قد تحدثت عن انّ الرئيس المكلّف في صدد تقديم تشكيلة حكومية جديدة لرئيس الجمهورية ميشال عون هذا الأسبوع، ولم يعرف ما إذا كان الهدف من التصعيد الأخير ثَنيه عن تقديم هذه التشكيلة، او الضغط للتفاوض حولها قبل تقديمها، او تذكيره بضرورة ان يأخذ في الاعتبار مطالب العهد، وفي مطلق الحالات لا يفيد في شيء تقديم تشكيلة جديدة على وقع إطلاق نار متواصل، لأن أي خطوة من هذا النوع يجب ان تتمّ في مناخات إيجابية وروح تعاون وليس على طريقة رفع العتب، إلاّ إذا كان الحريري يرمي من ورائها الى الاعتذار
ولكن يستبعد ان يُقدم على الاعتذار وحتى على تقديم تشكيلة في الوقت الذي أعلن فيه عن اجتماع مرتقب للحريري مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومعلوم انّ القاهرة على غرار موسكو تشجعه على الاستمرار في مهمته لا الاعتذار، ولا شك في انّ هذا اللقاء سيمُدّ الحريري بجرعة دعم معنوية في اللحظة التي تحوّل فيها الملف اللبناني أولوية دولية في سياق مشاورات غربية وعربية مفتوحة ترمي إلى منع اي انفجار اجتماعي وتوفير المساعدات الانسانية اللازمة وفتح الباب لتأليف الحكومة.
وفي الوقت الذي ما زال قادة تيار «المستقبل» يؤكدون انّ توجه الحريري ما زال ينحو الى الإعتذار، كشفت مصادر «بيت الوسط» عن زيارة للحريري إلى القاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس المقبل. وربطت المصادر عبر «الجمهورية» بين هذا اللقاء وبين اللقاء الذي كان قد انعقد بينهما في العاصمة المصرية قبل اسبوعين تقريباً، وانتهى الى اتفاق على التشاور في سبل مواجهة المرحلة الراهنة من الازمة اللبنانية وما يعوق تشكيل الحكومة والأزمة الاقتصادية والنقدية.