أغلقت الصيدليات أبوابها اليوم لساعات، احتجاجاً على اعتداء أحد المواطنين على موظّفي “صيدلية نغم” في الطريق الجديدة، أمس، بحجة عدم تزويده بالدواء لابنته المريضة. ونشرت صاحبة الصيدلية تسجيلاً صوتياً سمّت فيه الشركات التي تستورد الدواء وتخزّنه في المستودعات، قبل أن تتّهم وزارة الصحّة بحماية الشركات هذه وغضّ نظرها عن التهريب. في حين أن الشركات المستورِدة توضح انها تحتفظ بالأدوية في مخازنها بسبب تأخّر مصرف لبنان عن فتح الاعتمادات اللازمة. وهذا ما يدفعها إلى تخزين الدواء حرصاً على أرباحها.
في الواقع بين تقاعس المسؤولين ومعلومات التخزين، تضع الدولة المواطنين في المواجهة. فهل يصعّد أصحاب الصيدليات؟ وهل من بوادر حلحلة في أزمة الدواء؟
نقيب الصيادلة غسّان الأمين أشار عبر “المركزية” إلى أن “تحرّكنا اليوم وقفة احتجاجية وليس إضراباً. فالصيدليات لا تتّخذ قرار الإضراب لأنها لا تتمنّع عن تسليم المواطن الدواء لتستخدمه كمتراس للضغط على الدولة. والتوقف عن العمل لساعات اليوم غايته إيصال رسالة إلى المسؤولين للتحرّك وإيجاد حلّ لأزمة الدواء، ويبدو أنها تسير على طريق الحلّ إذ سيعقد وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن مؤتمراً صحافياً لطرح الخطّة الجديدة لدعم الدواء وسيشهد السوق حلحلة بعدها”.
وتابع: “يبقى الشق الأمني بحاجة إلى معالجة والمطلوب من وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي التحرّك وإعطاء موضوع الصيدليات أولوية، والإيعاز للبلديات بتكليف شرطتها مهام حماية الصيدليات عبر القيام بدوريات ومنع التعديات”.
وأضاف الأمين: “هنا يكمن دور النقابة ومساعيها. أما التصعيد فإذا اتّخذ شكل الإقفال ومنع الدواء عن المرضى فهذا امر غير ممكن، وإنسانياً لا نحبّذه. وكذلك، المظاهرات لا تجدي نفعاً. نحن نناشد المسؤولين حضارياً وبرقي للتشديد على أن موضوع الدواء حسّاس وحاجة ضرورية للمواطن لا يمكن المجازفة فيه، لأنه يعرّض حياة الناس للخطر. لذا، المطلوب من المسؤولين إيجاد حلّ وتخفيف العبء على الصيدلي ووقف الاعتداءات التي يتعرّض لها، وإلا طفح به الكيل في نهاية المطاف وأغلق أبوابه متخلّياً عن عمله”.
وعن اعتبار المستوردين أن المشكلة مالية وحلّها ليس فقط بإصدار لائحة الأدوية المدعومة، علّق الأمين: “الأدوية ستنقسم إلى مدعومة وغير مدعومة. عندما نجد حلّا للثانية لأن فيها منافسة وجينيريك وأسعاراً متفاوتة نكون قد ساهمنا في حلّ نصف المشكلة. وتبقى الحاجة إلى إيجاد حلّ للأمراض المزمنة والمستعصية وعندما يصبّ التركيز عليها حصراً يصبح إيجاد الحلّ أسهل، على عكس ما يحصل راهناً إذ يسيطرالضياع في ظلّ دعم 5000 دواء”. مردفاً: “لدى مصرف لبنان 400 مليون دولار للدعم حتّى نهاية السنة أي 50 مليون دولار شهرياً حصّة وزراة الصحة. وفي المرحلة المقبلة سيصبح من صلاحيات الأخيرة التوقيع على فواتير الدعم لا المصرف وهو راهناً يعيش حالة ضياع وسط كمّ الفواتير الهائل لديه ويشعر أنه يغرق، بالتالي توقيع الوزارة للدعم يسهّل مهامه وتصبح الأمور اكثر تنظيماً وتحت السيطرة بين أدوية مدعومة وأخرى غير مدعومة”.
وبالسؤال إن كان مبلغ الـ 50 مليون دولار شهرياً ضئيلاً ويمكن أن يدخلنا في دوامة ويصعّب الاستيراد لأنه غير كافٍ، ردّ الأمين: “إذا تنظّمت العملية لن نواجه صعوبات. لكن بالتوازي مع العمل على البرنامج الحالي للدعم، يجب إيجاد حلّ للبضائع العالقة التي استوردت ولم تحظ بدعم، إذ يطالب مصرف لبنان بموافقة مسبقة لها، وهذه بحاجة إلى تسوية بين المصرف والحكومة ما يؤدي إلى سير الأمور بطريقة سلسة”.
عن المستلزمات والمعدّات الطبية؟
وفي ما خصّ أزمة نقص المستلزمات الطبية وارتفاع أسعارها في ظلّ الضياع وعدم اتّضاح السلع المدعومة من غير المدعومة، تكشف نقيبة مستوردي المستلزمات الطبية سلمى سابا عاصي لـ”المركزية” “أننا نعمل منذ فترة على سلّة كاملة متكاملة لحلول لأزمة استيراد المستلزمات والمعدّات الطبية من بينها التسعير. وأمس أعلن الوزير حسن السير بتسعير المغروسات حصراً، من دون ان يشمل القرار مختلف المستلزمات، في حين كنّا طالبنا بأهمية البحث في مواضيع أخرى منها الجودة، طريقة الدفع، القوانين، آلية الدعم… وكلّها لم يتم البتّ فيها، لذا سنرسل كتاباً إلى حسن للطلب منه تحديد موعد كي نناقش النقاط المختلفة هذه، كون أنصاف الحلول تؤدّي إلى مشاكل في حين أننا في حاجة إلى حلّ شامل”.
وعن التسعير، شرحت أنه “يساعد على تحديد نسب المصاريف والأرباح للشركات، وبالتالي لا تحدّد كلّ شركة نسبة الربح الخاصة بها، ولا تعتمد تسعيرة الضمان غير المدروسة ما يجعل الأسعار واضحة”، مؤكّدةً “اننا نؤيّد آلية التسعير وهي منصفة، لكنّ المشكلة أنها لا تطبّق في الوضع الراهن، خصوصاً مع الصعوبات في الاستيراد”.