جاء في “المركزية”:
موقفان لافتان لاقيا قرار المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الذي أبلغ أمس هيئة مكتب مجلس النواب رفضه تزويدها أية مستندات إضافية تتعلق بالنواب نهاد المشنوق، غازي زعيتر وعلي حسن خليل، لرفع الحصانة عنهم واستجوابهم كمدعى عليهم في الملف.
الموقف الأول لرئيس مجلس النواب نبيه بري حيث قال: “لا حصانة على أيّ متورط في أيّ موقع كان وسنكون مع القضاء لأقصى الحدود”. والثاني لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي طالب في تغريدة برفع الحصانة “ولتأخذ العدالة مجراها، فيعاقب المرتكب ويبرّأ المظلوم”. موقفان من شأنهما رسم معالم جديدة لما يمكن أن تكون عليه توصيات الجلسة الثانية لهيئة مكتب مجلس النواب اللبناني مع لجنة الإدارة والعدل النيابية للنظر في طلب وزارة العدل رفع الحصانة عن ثلاثة نواب في إطار تحقيقات انفجار مرفأ بيروت.
لكن التغيير الجذري في المواقف تجلى في تراجع نواب وقادة أمنيين عن المثول أمام المحقق العدلي بعد كلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في اطلالته الاخيرة حيث أعلنوا تمسكهم بالأصول الدستورية والمعايير لتبرير عدم مثولهم أمام القاضي بيطار بعدما كانوا أبدوا استعدادا للمثول حتى لو لم ترفع عنهم الحصانة.
ورفض طلب رفع الحصانة في الجلسة الأولى لهيئة مكتب المجلس التي صوت عليها النواب باستثناء تكتل نواب الجمهورية القوية أثبت أن محاولات التحايل على القانون لا تنفع في قضية رأي عام، وتقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”: “يخطئ من يعتقد مقاربة مسألة رفع الحصانة بمواجهة بين فريقي 8 و14. إنها مسألة رأي عام لبناني ومواجهة مع أهالي 220 ضحية عشية الذكرى الأولى على جريمة تفجير المرفأ”. وسألت: “هل سيضع نصرالله نفسه في مواجهة الرأي العام في حال أصرّ على عدم مثول قادة امنيين وإعطاء إفادات مما يعني وضعه في فرضية الإتهام؟… إما أن يظهر نصرالله ليونة في مواقفه أو يذهب في المواجهة إلى النهاية في حال أصرّ على اعتبار معنويات الشيعة لا تُمسّ”.
النائب في تكتل الجمهورية القوية جورج عقيص أكد عبر “المركزية” “أن الكل يطالب في السياسة بضرورة عدم تسييس القضاء وتسيير عمله. لكن في السر والعملي لا نجد إلا عرقلة في عمل القضاء”. ولفت إلى أن “المسار الذي سلكته التحقيقات يؤكد أن السياسة تضغط بكل قوتها لمنع الوصول إلى الحقيقة. فعندما يرد طلب استقالة القاضي فادي صوان وتوافق عليه محكمة التمييز لأسباب غير مقنعة، وعندما يواجه القاضي البيطار بالعرقلة في دوائر مجلس النواب فهذا يؤكد المؤكد بأن السياسة تريد أن تحمي نفسها ولا تريد التعاون مع القضاء”.
وعن الأجواء المتوقعة في الجلسة الثانية بعد التطورات الحاصلة في المواقف السياسية أكد عقيص أن “بات من الواجب على المجلس النيابي أن يبت بالأمر سلباً أو إيجاباً وأن تبت الهيئة العامة بتوصية الهيئة المشتركة قبل الذكرى الأولى لتفجير المرفأ. وإلا فلتعطَ الفرصة للكتل النيابية بالتصويت إما بإعطاء الإذن برفع الحصانة أو التمنع، ولتتحمل الكتل المعارضة مسؤوليتها أمام الشعب وأهالي الضحايا”.
في انتظار نتائج توصيات الجلسة الثانية تبقى الخشية من أن تحمل في مضمونها خيبة لأهالي الضحايا “وهذا ما لا نتمناه. وإلا يكون الخيار بالإستجابة إلى طلب أهالي الضحايا وتكتل الجمهورية القوية بتشكيل لجنة تحقيق دولية تتولى مهام التحقيق في ملف تفجير مرفأ بيروت”. ويختم عقيص: “أتمنى أن يعي الجميع أهمية جريمة تفجير مرفأ بيروت التي تتجاوز كل الإعتبارات السياسية. وإذا لم يتدارك المعنيون خطورتها نكون أمام انفجار من نوع آخر وستمتد تداعياته إلى كل لبنان”.