كتب عمّار نعمة في “اللواء”:
كان من الواضح خلال الجلسة المشتركة الأخيرة لهيئة مكتب المجلس النيابي ولجنة الإدارة والعدل النيابية لبحث قضية رفع الحصانات عن النواب الثلاثة على خلفية جريمة المرفأ، النية لعدم التجاوب مع هذا المسعى الذي طلبه المحقق العدلي في القضية القاضي طارق البيطار.
ويبدو ان هذا الأمر قد اتخذ منحى سياسيا مستهدفا التحقيق وهو ما يعلمه اهالي الشهداء الذي تظاهروا احتجاجا على ذلك، وسيستمرون في تحركاتهم على الارض والتي ستكبر جاذبة المتعاطفين مع هذه القضية الانسانية التي قد تكبر ككرة الثلج.
وقد جاء هذا الرفض تحت عنوان برّاق هو طلب المزيد من الأدلة في القضية، أي بمعنى آخر عدم كفاية الأدلة التي قدمها المحقق العدلي. لكن بسؤال خبراء قانونيين حول هذه المسألة، يأتي الجواب واضحا بأن لا نص في النظام الداخلي للمجلس النيابي يدعو الى طلب من هذا النوع، وهو ما يعلمه القاضي بيطار تماما وما دفعه الى بعث طلبه، والذي يتردد أنه لن يقدم الى الهيئة واللجنة أدلة كهذه، فما وفره يعتبر كافيا في نظره لإحالة الامر الى المجلس النيابي للتصويت على رفع الحصانة.
خطة بديلة.. ومحكمة الرأي العام
والواقع اننا سندخل حال مراوحة على هذا الصعيد، ولبيطار خطة بديلة لجلب المستدعين إليه، من سياسيين وأمنيين. لكنه سيفضل أولا وقبل أي أمر انتظار الضوء الاخضر المجلسي لملاحقة هؤلاء النواب واستدعائهم بعد رفع الحصانة عنهم.
ويشرح الخبراء الدستوريون أننا في دورة انعقاد حكمية للبرلمان عملًا بأحكام المادة 69 من الدستور بسبب استقالة الحكومة، الأمر الذي يقود إلى القول إن أي ملاحقة جزائية بحق أي نائب خارج جريمة القول وخارج الجرم المشهود تستوجب في هذه المرحلة الحصول مسبقًا على إذن المجلس النيابي.
واستنادًا إلى المادة 89 من النظام الداخلي للمجلس، فإن مبدأ الحصانة النيابية متعلق بالالتزام العام، الأمر الذي يعني أن ليس في إمكان النائب التنازل عنه. وبحسب أحكام المادة 91 من النظام الداخلي للمجلس النيابي تقدم طلب الإذن بالملاحقة وزيرة العدل مرفقا بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز، تشتمل على نوع الجرم وزمان ومكان ارتكابه وعلى خلاصة عن الأدلة التي تستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة.
على أنه واستنادا إلى المادة 92 من النظام ذاته، يقدم طلب رفع الحصانة إلى رئيس المجلس النيابي الذي يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب، وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير بشأنه في مهلة أقصاها أسبوعان.
واستنادا إلى المادة 93 من النظام الداخلي، اذا لم تقدم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعيّنة، وجب على رئاسة البرلمان إعطاء علم بذلك إلى المجلس في أول جلسة يعقدها ويكون للمجلس النيابي أن يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافيًا، أو وضع يده على الطلب والبت به مباشرة.
ويلاحظ هؤلاء بأن ليس في أحكام النظام الداخلي ما يتعلّق بطلب لجنة الإدارة العدل وهيئة مكتب المجلس النيابي أدلّة إضافية، إنّما يفترض على الهيئة المشتركة أن تضع تقريرها مع تضمينه ما توفر من معطيات وأدلّة وترفعه إلى الهيئة العامة التي يعود لها إمّا رفع الحصانة أو رفض الطلب، ولكن ليس من نصوص ترعى تبادل الرسائل والطلبات بين القضاء والبرلمان في هذا الخصوص.
ويعود إلى الهيئة المشتركة والمجلس واستنادًا إلى المادة 98 من النظام الداخلي عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة، تقدير جديّة الملاحقة والتأكد من أنّ الطلب بعيد عن الغايات الحزبية والسياسية ولا يستهدف حرمان النائب من ممارسة عمله النيابي.
ومما لا شك فيه بأن بيطار تميز بجرأة كبيرة، وهو ماض في قضيته مهما كانت الظروف، أقله اليوم، لاستدعاء من يجب استدعاؤه. واذا ما فشلت مساعيه فهو لن يتوانى عن كشف المتورطين في القضية امام محكمة الرأي العام التي ستدينهم خصوصا امام الشعب وإزاء المجتمع الدولي الذي تبدو تلك الشخصيات في أمس الحاجة إلى تحسين الصورة تجاهه.