كتبت يارا سعد في “الاخبار”:
باتت الغالبية الساحقة من اللبنانيين على يقين من أنّ أزمة البنزين، ومعها ارتفاع التعرفة «غير الرسمية» للسرفيس إلى 8 آلاف ليرة والفان إلى 3 آلاف، لن ترسو على برّ قريباً. هذا الأمر انعكس ارتفاعاً ملحوظاً على طلب الدراجات الهوائية أو الاستفسار عن مدى إمكانية استعمالها للتنقل، كما يؤكّد أصحاب المحال.
«تلفوني ما عم يهدى»، يقول صاحب محلّ بيع الدراجات الهوائية حسام جمال علي، ولولا انخفاض القدرة الشرائية «كنت بعت بلاوي». قبل أيام، اتّصلتْ به معلِّمة مدرسة «بدها بسكليت بثلاثة دواليب لتنتقل بها إلى عملها، وتوصِلَ ابنها إلى مدرسته، وغيرها كثيرون ما عاد بإمكانهم تحمّل عبء كلفة وسائل النقل». الإقبال «الشديد» على الدراجات، تقابله «صدمة» بعض الزبائن عندما يعرفون سعر الدرّاجة، «يظنّ الزبون أنّ السعر يراوح بين 500 و600 ألف ليرة، فيما سعرها لا يقلّ عن 75 دولاراً، وقد يصل إلى 120 دولاراً»، وهو ما بات اليوم يفوق رواتب كثيرين!
سعر الدراجة ليس وحده «الأزمة»، بل إنّ كلفة تصليحها أيضا تُشكّل عائقاً كبيراً قد يؤدي إلى «فرملة» اندفاع المُقبل على الشراء. ورغم أنّ بعض قطع الغيار لا يتجاوز سعره عشرين سنتاً «إلّا أنّ هناك قطعاً يصل سعرها إلى 20 دولاراً لأنّها مستوردة، هذا من دون أن نحسب أجرة المصلّح التي يتقاضاها بالليرة» يقول جعفر نور الدين، أحد أصحاب محال تصليح وبيع الدراجات الهوائية في عربصاليم، لافتاً إلى أنه «بفضل الدراجة لم أستعمل سيّارتي خلال أزمة البنزين إلّا مرّتين».
قد يكون التنقّل بواسطة الدراجة الهوائية بديلاً جيداً في القرى والمدن الصغيرة غير المكتظة، لكن الأمر مختلف في المدن الكبيرة المزدحمة بالسيارات، والتي تعاني حالياً من أزمة سير حادّة بفعل طوابير السيارات أمام محطات الوقود. وعليه، فإنّ «المطبّات» التي «يصطدم» بها خيار اللجوء إلى الدراجة الهوائية ليست سهلة، خصوصاً أنّ الدولة والمجالس البلدية، بحسب مهندس النقل رامي سمعان، «لم تحرّك ساكناً في موضوع شبكات النقل البديلة. ونحن اليوم ليست لدينا شبكات تنقّل سلس (السير على الأقدام، الدراجات الهوائية وغيرهما)، تسمح للناس بالتنقل الآمن، لأن كلّ ما انشغل عليه سابقاً كان لتعزيز دور السيارة بشكل فاحش».
وفقاً لسمعان، ثمة دراسات بشأن شبكات التنقل السلس جاهزة ومعدّة للتلزيم، لكن كلّها تم «تنييمها» استمهالاً لإيجاد حلول أخرى. «نحن الآن أمام فرصة لتنفيذ هذه الدراسات. كلفتها قليلة، وإمكان تمويلها من الجهات المقرضة عالية، علماً بأن أهمية شبكة التنقل السلس، ولا سيّما في المدن الكبيرة، ليست مؤقتة لإيجاد حلول للأزمة، بل هي شبكة دائمة للاستعمال والإنتاجية، وتُشكِّل دعامةً لشبكة النقل. فالإنسان، مهما تطوّرت الثورة الرقمية، سيظلّ يمشي للعمل والدراسة وغيرهما».
حتّى تنفيذ مشاريع شبكات التنقل السلس، وانفراج أزمة البنزين، ينصح نور الدين سائقي الدراجات بالتزام وسائل الأمن، سواء في القرية أم المدينة، ومنها تركيب صوت جرس أو «زمور»، وإضاءة، خصوصاً ليلاً، وارتداء خوذة الرأس تفادياً لأيّ حادث.