عقب لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا، اعلن المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمود محي الدين ان الصندوق سيخصّص لبنان بـ 860 مليون دولار من ضمن برنامج قيمته 650 مليار دولار توزع على 190 دولة خلال الشهرين المقبلين.
قبل الاعلان هذا، وحتى قبل وصول المسؤول النقدي، منَّ الحكّام والسياسيون النفس بالملايين القادمة، بعدما افلسوا خزينة الدولة واهدروا ملياراتها في صفقاتهم وسمسراتهم وسرقاتهم، فإذا بها مثابة جائزة يانصيب يبحثون في كيفية توظيفها بما يعود عليهم بالمزيد من الارباح، يراكمونها في ايداعاتهم المصرفية في دول العالم، ما دامت مصارف لبنان التي تسببوا بخنقها حتى الرمق الاخير لم تعد آمنة لهذا الكم من المال، وهي بالكاد قادرة على النهوض من الهوّة التي دفعوها اليها من خلال سياساتهم الخرقاء التي “هشّلت” المستثمرين وهرّبت السياح وقطعت كل متنفس مالي عن البلاد.
ابرز ابداعات السلطة لتحقيق غايتهم من “لوتو” صندوق النقد، تمويل البطاقة التمويلية التي اقرتها السلطة التشريعية والافادة من الباقي لدعم المواد الضرورية. لكنّ ما اقترفوه على مدى عقود بحق لبنان واللبنانيين من دون محاسبة ولا مساءلة، ولّى زمانه ولم يعد الاوان اوانه. منذ ثورة 17 تشرين وانتفاضة الشعب ضدهم، باتت ممارساتهم كلها تحت المجهر الشعبي من جهة والعين الدولية “المحمرّة” من اقترافاتهم اللامتناهية من جهة ثانية، وهي لن تسمح لهم بعد اليوم بالتصرف بالمال العام وفق مقتضيات ومصالح جيوبهم.
تبعا لذلك، تكشف مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية” ان الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل ابلغ من يعنيهم الامر ان بلاده ترفض رفضا قاطعا استخدام مساعدة صندوق النقد لتغطية البطاقة التمويلية وفاتورة الدعم وتصر على توظيفها في مشاريع انمائية في البنى التحتية كتأهيل مصفاتي طرابلس والزهراني للافادة من النفط العراقي او اقامة شبكة نقل عام او انشاء معامل للطاقة على الغاز او تطوير شبكة الخليوي وتأهيلها وتحديثها، الى مشاريع اخرى من شأنها ان تخفف الاعباء وتغذي صندوق الخزينة على المدى الطويل، بدل المضي في افراغه في مشاريع استنزافية لا طائل منها واستثمارها في السياسة والبلاد على عتبة الانتخابات.
وتوضح ان دوكان كما سائر المسؤولين الفرنسيين الذين باتت ازمة لبنان شغلهم الشاغل، يركزون محادثاتهم، لا سيما مع القطاع الخاص على مرحلة الانقاذ وما يفترض ان تتضمنه من اقتراحات وحلول ومشاريع انمائية توقف الهدر وتدرّ الاموال وليس كتلك الآنية المطروحة على غرار البطاقة التمويلية التي ينتهي مفعولها ومعها مال الصندوق الى غير رجعة بعد اقل من عام.
المصادر تشير الى ان الادارة الفرنسية والمجتمع المدني اللبناني سيقفان سداً منيعا في مواجهة المنظومة السياسية الحاكمة التي لم يعد لها من همّ سوى الفوز في الانتخابات المقبلة في ظل تقلّص شعبيتها، وهي للغاية مستعدة لخوض حرب ضروس من خلال رشوة اللبنانيين ببطاقة تمويلية على غرار سلسلة الرتب والرواتب التي رشتهم بها في انتخابات العام 2018 فأفلست الخزينة، وستكمل على ما تبقى في انتخابات 2022 ببطاقة التمويل…لكن ما كان ساريا قبل 17 تشرين لم يعد كذلك بعده، والايام المقبلة كفيلة باثبات نظرية التغيير.