شهد مدخل وزارة التربية في “الاونيسكو” اليوم تجمعا لمئات طلاب الشهادة الثانوية الذين قطعوا الطريق لمطالبة وزير التربية طارق المجذوب بإلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية أسوة بالمتوسطة، نظرا للظروف القاهرة التي تشهدها البلاد على الاصعدة كافة لا سيما الاقتصادية والاجتماعية والصحية وعدم توافر مادة البنزين للتنقل الى مراكز الامتحانات، التي تنعكس بكل تداعياتها ارهاقا نفسيا ومعنويا على الطلاب ، وقد تعذر على الكثيرين منهم لا سيما في المدارس الرسمية متابعة الدروس لألف سبب وسبب يبدأ بعدم امتلاك الحواسيب للدرس “اونلاين” ولا ينتهي بالانقطاع المتواصل للكهرباء.
حتى الساعة لا تبدو وزارة التربية في وارد التراجع عن قرارها. فالتحضيرات اللوجيستية اكتملت استعدادا لتوزيع بطاقات الترشيح على التلامذة، والامتحانات قائمة “الا اذا حصل أمر طارئ ومفاجئ” بحسب ما أكد مصدر تربوي لـ”المركزية”.
الاراء تتضارب بين مؤيد للامتحانات ورافض لها ولكل منهما وجهة نظره المدعمة بالحجج والبراهين. ويجزم المعترضون بأن الامتحانات ستكون صورية وغير عادلة وبالتالي غير ذات قيمة ،من الأفضل ان تلغى خاصة بعد تقليص المنهاج الى الثلث وإلغاء ست مواد مع السماح للتلميذ باختيار مادة من بينها، الى جانب عدم تحقق الاهداف التعليمية لدى غالبية الممتحنين، خاصة في المدارس الرسمية او مدارس الأطراف حيث البنية التحتية من كهرباء وانترنت غير مؤمنة. اضف الى ذلك ان فترة العودة الى التعليم المدمج لم تحقق أهدافها لناحية استكمال المنهج بصورة سليمة.
كما يعتبر البعض ان اعتماد مواد اختيارية دون أخرى، يحرم الممتحنين في الصف الواحد من ظروف موحّدة خلال الامتحان. وقد يمنح اختيار مادة معينة أفضلية لتلميذ على آخر في مادة أخرى مختارة لناحية سهولة أو صعوبة الامتحان. وإضافة الى الضغط والتعب النفسي الذي يعاني منه التلامذة جراء التعلم عن بعض وعدم استيعاب المواد بشكل كامل كيف سيتمكن التلميذ من إجراء الامتحانات في ظل الطقس الحار في عز آب خاصة مع انقطاع الكهرباء المستمر وعدم القدرة على تشغيل المكيفات.
ويرى اخرون ان التجارب السابقة في إعطاء الإفادات لم تؤثر سلباً على قيمة الشهادة أو سمعة لبنان التعليمية، وان تدهور التعليم له أسباب أخرى لا ترتبط بالشهادة، فامتحانات دخول الجامعات تحكم بين الطالب المجدّ والتلميذ المقصر، ويطالبون بتنظيم امتحانات اختيارية للتلامذة الذين يودون الالتحاق بجامعات في الخارج تشترط شهادة رسمية.
أما على المستوى الصحي، فتشكل مراكز الامتحانات لاستيعاب ما يقارب 40 ألف تلميذ، بؤراً خطيرة لإعادة تفشي وباء كورونا، خصوصاً مع تزايد حالات المتحور الهندي “دلتا”، ما يتطلب إجراءات وقائية مشدّدة. إلا ان المصادر التربوية أكدت لـ”المركزية” ان الوزارة أخذت كافة الاجراءات الوقائية اللازمة.
رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي نزيه جباوي أكد لـ”المركزية” ان “هيئة التنسيق النيابية تؤيد إجراء الامتحانات خاصة لشهادة الثانوية العامة. “كان لنا موقف من الشهادة المتوسطة نظرا لحساسية الشهادة من حيث عدم تلقي الطلاب المستوى المطلوب من التعليم وكثرة عدد المراكز والوضع الاقتصادي والمحروقات. اليوم مع الشهادة الثانوية العامة قد يختلف الامر لدينا 200 مركز اي اقل من مراكز البريفيه، وفي الوقت نفسه هناك مطالب وضعناها بين يدي الوزير، إذ لا يمكن معاملة الأستاذ في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، كما في الامتحانات السابقة، ان لجهة بدل المراقبة او بدل التصحيح”.
أضاف: “قمنا، كهيئة تنسيق، في الاسبوعين الماضيين بجولة على معظم الكتل النيابية وزرنا اللجنة الوزارية المكلفة دراسة كيفية تطبيق البطاقة التمويلية، وزراء المالية والاقتصاد والشؤون الاجتماعية واخذنا منهم ضمانة ان البطاقة ستشمل كل موظفي القطاع العام والاساتذة والمعلمين والمتعاقدين. اما عن بدل النقل فقد أكد وزير المال انه انجز مشروع قرار برفعه من 8000 ل ل الى 24 الف. أما بالنسبة الى مطلب الاستشفاء، فقد أوضح وزير المال أنه بصدد طلب نقل اعتماد بألف و200 مليار ليرة نصفها للاستشفاء لأن المستشفيات تحاسب بالدولار اليوم في السوق السوداء اما تسعيرة المؤسسات الضامنة فما زالت على دولار الـ1500. هذه المطالب اذا تم تنفيذها قد لا تفي بالحاجة المطلوبة كليا لكنها تحلّ جزءا من المشكلة”.
وتابع: “وقد وعد الاساتذة ايضا بالحصول على 10 دولارات عن كل يوم حضور، من الاموال التي ستصل من الدول المانحة، وهي مفصولة عن الاتعاب التي سينالها الاستاذ من الوزارة لقاء المراقبة والتصحيح، عبارة عن مساعدة كبدل نقل، خاصة مع غلاء سعر البنزين، فلا يمكن محاسبة الاستاذ على البنزين بسعر 20 الف ليرة. ولكن لا نعرف اذا ما سيتم احتسابها على اساس الـ12000 كسعر صرف للدولار. كما ستحاول الوزارة عدم اعتماد مراكز بعيدة كما كان يحصل في السابق، نظراً للوضع الاقتصادي وارتفاع سعر المحروقات. وهناك أيضاً مشروع قانون لرفع بدل المراقبة وتصحيح المسابقات بانتظار توقيعه من وزير التربية، كما يحتاج الى توقيع وزير المال الذي أعلمنا ان لا مانع لديه من التوقيع في حال توافرت الاعتمادات. واعتقد ان الاعتمادات متوافرة خاصة مع إلغاء الشهادة المتوسطة لهذا العام وإلغاء بعض المواد”.
وعن إمكان الطعن بالامتحانات بسبب إلغاء بعض المواد، أجاب: “من يريد الطعن يمكنه فعله لأي سبب لكن في النهاية هناك قانون يحكم”.
وعن تشغيل الكاميرات، قال: “لا اعتقد انه سيتم استخدامها هذه السنة بسبب المشكلة اللوجيستية من انقطاع الكهرباء وعدم توافر المازوت، انما الامر يعود الى الوزارة”.
وعن الحديث عن لجوء الوزير الى اساتذة التعليم الخاص بدل الرسمي في حال عدم التجاوب معه، قال: “لا اعتقد ان الامر صحيح، لم نسمعه من الوزير”.
وأكد جباوي ان اسئلة الامتحانات، بحسب ما افدنا من دائرة الامتحانات، ستكون عادية ككل الدورات السابقة، وقد ساعدوا التلميذ من خلال تخفيض المنهاج والمواد الاختيارية، مشيراً الى ان تلامذة القطاع الرسمي مهيؤون تماما كما الخاص لإجراء الامتحانات ومتابعة طلاب الشهادات كانت اكثر من 90 في المئة. وختم: “لا يمكننا ان نحمّل التلامذة ما تحملوه السنة الماضية خاصة اولئك الذين سافروا ولم تقبل الجامعات بالافادة، فالاساتذة تعبوا كثيرا مع طلابهم هذه السنة ولا نريد ان يذهب تعبهم هدراً”.
هل يرضح الوزير لمطالب التلامذة او يسير قدما بالامتحانات رغم المطبات والعثرات التي تعترض طريقها؟ الجواب رهن الايام القليلة المقبلة…