تغيّرت الحكومة الاسرائيلية ورئيسها، الا ان سياسات الكيان العبري الكبرى، ومقاربته الملفات الساخنة في المنطقة، من النووي الايراني مرورا بتمدد ايران نحو حدوده الشمالية وتحديدا في سوريا ولبنان، وصولا الى مراقبته سلوك حزب الله، لم تتبدّل.
بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن تل ابيب ترصد من كثب التطورات في لبنان. وهي تحمل قضية “الازمة اللبنانية” الى كل عواصم العالم، من الولايات المتحدة الى اوروبا، منبّهة إلى ان اي انهيار اضافي للوضع في بيروت، ماليا واجتماعيا، سيكون مقدّمة لاشتداد “سيطرة” حزب الله على الارض وعلى “القرار” في لبنان، فهو الفصيل الوحيد المسلّح، ناهيك بأنه يمسك بالغالبية في البرلمان، فيما يشغل قصر بعبدا اقرب حلفائه، رئيسُ الجمهورية العماد ميشال عون.
عينُ الكيان العبري لا تغفل اذا عن الحزب. وفي السياق، قال الجيش الإسرائيلي، امس، إن حزب الله يعرّض حياة المدنيين للخطر من خلال خزن أسلحة داخل أحياء سكنية في منطقة في جنوب لبنان. ونشر حساب الجيش الاسرائيلي على “تويتر” صورا قال إنها لمستودع أسلحة تابع لحزب الله يبعد 25 مترا فقط عن مدرسة عبّا في محافظة النبطية. وذكرت نائبة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيلا واوية في بيان إن حزب الله يعرض حياة أكثر من 300 تلميذ للخطر المحدق، مضيفة أن الموقع هو “واحد من آلاف الأهداف، الموجودة في حوزة القيادة الشمالية العسكرية، والتي سيتم استهدافها في أي حرب قادمة في لبنان”. وأضافت أن “حزب الله لا يتوانى عن زرع مستودعاته العسكرية في عمق المناطق السكنية، مما يجعل مواطني لبنان في خطر وعلى فتيل قنبلة موقوتة”. وفي مقطع مصور على حسابه في “تويتر”، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن حزب الله “يلعب بحياة اللبنانيين وبمستقبلهم”، مذكرا بالانفجار الذي وقع قبل نحو عام لمخزن سلاح في عين قانا تابع للحزب المدعوم من طهران.
وفق المصادر، فإن تل ابيب ستستخدم هذه المستندات في الاسابيع القليلة المقبلة، في مجلس الامن، خلال الجلسة التي ستعقد للتجديد لليونيفيل. واسرائيل ستضع في متناول حليفتها الاولى دوليا، الولايات المتحدة، هذه المعطيات، لتخوض الاخيرة من جديد، معركةَ توسيع صلاحيات القوات الدولية العاملة في الجنوب ضمن منطقة القرار 1701، كما انها ستستخدمها لتأليب المجتمع الدولي ضد الدولة اللبنانية، على اعتبار انها تغطّي خروق الحزب للقرار الدولي.
وبينما من الصعب التكهن بمصير هذه الخطة (كون الاوروبيين غالبا ما يضغطون لابقاء القديم على قدمه في ما خص تفويض اليونيفيل، وشكلها وعديدها ومهماتها)، تشير المصادر الى ان الهدف الاسرائيلي لا يقف عند حدود “نيويورك”، بل ان ما تسعى اليه قبل اي شيء آخر هو إبقاء مسألة “سلاح الحزب” حيّة وحاضرة في صلب دائرة الاهتمامات الدولية والاقليمية. فخلال المحادثات الجارية في فيينا وفي اي تسوية جار رسمها اليوم للمنطقة، بين الاميركيين والروس وبين هؤلاء واللاعبين الكبار اقليميا كدول الخليج، تشدد اسرائيل على ان تلحظ هذه الحلول علاجا لسلاح الحزب، لا ان تأتي لمصلحته. فالهاجس الاول للكيان العبري هو التخلّص من عبء حزب الله الجاثم على حدوده الشمالية والذي بات بصواريخه واسلحته يهدد العمق الاسرائيلي وامن اسرائيل القومي. فهل تفلح جهودها ام ان ايران مستعدة للتضحية بكل شيء، باقتصادها وشعبها وبـ”فيينا”، مقابل الحفاظ على ورقة حزب الله؟!