كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
طارت الحكومة إلى أجلٍ غير مسمّى وذهبت معها أحلام اللبنانيين التي كانت معلّقةً على خشبة التأليف، وغابت الحلول وبشائر الفرج، وبات الحلم ان نبقى كما نحن ولا نصل إلى أتون جهنم حيث الإرتطام الكبير، يوم لا تنفع محاصصة حكومية أو ثقة، ويكفر فيه اللبنانيون بالعهد وبكل الزمرة السياسية الحاكمة التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه.
إرتفع منسوب الإيجابية لدى اللبنانيين خلال الأيام الماضية بقرب تشكيل الحكومة، بعد الأجواء التي بثت عن تفاهمات وتنازلات بين الأطراف المعنية بالتشكيل، لكن سرعان ما تبدّدت مع إعلان الإعتذار عن التشكيل حيث نزل الخبر كالصاعقة على رؤوس الناس، الذين كانوا ينتظرون أخباراً سارة تبرّد قلوبهم وتخفف عنهم وطأة الأوضاع الإقتصادية السيئة التي وصلوا إليها، وتلجم سعر صرف الدولار الذي يحلق في سماء الليرة من دون اي ضوابط، وتمنع المحتكرين وتجار الأزمات من الإستمرار في إفقارهم وإذلالهم في سبيل تأمين المحروقات والمواد الغذائية.
ما إن أعلن الرئيس الحريري إعتذاره عن تشكيل الحكومة حتى ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية التي هبطت إلى أدنى مستوياتها، ما أربك التجار واصحاب المحال التجارية، وبث فيهم الخوف من تسجيل خسائر في حال استمر في الإرتفاع، ما دفع بعضهم إلى اقفال محالهم بالرغم من فترة الأعياد ورغبتهم في تعويض بعض خسائرهم، حيث فضّل اصحاب محال الألبسة والأحذية وغيرها انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع وعلى اي سعر سيستقر الدولار، لتبنى عليه الأسعار التي ستباع على اساسها بضاعتهم. وحدهم اصحاب المحال التجارية والسوبرماركت أقفلوا ابوابهم أمام الناس كما في كل مرة بانتظار التسعيرة الجديدة للبضائع وفق أعلى معدّل سعر صرف، حيث أقفلت معظم المحال التجارية في بعلبك الهرمل، ورافقت إعتصامات عدة وقطع للطرق، لا سيما في محلة دوار دورس عند مدخل بعلبك الجنوبي ولكنها بقيت رمزية.
لا يشبه حال سوق بعلبك التجاري قبل ايام من عيد الاضحى حاله كما في السابق، فالشوارع فارغة وحركة الناس شبه معدومة، واصحاب المحال ممن فتحوا ابوابهم، يقفون أمام محالهم يراقبون حركة المارة، علّ أحدا منهم يدخل ويشتري على رغم أن فترة الأعياد تكون دائماً إستثنائية، وفق أحمد ر. صاحب أحد محال الألبسة في السوق التجاري، حيث أشار في حديث لـ”نداء الوطن” الى أن “الأسبوع الذي يسبق الأعياد لا يغلق سوق بعلبك ابوابه امام الناس من المدينة وخارجها، ويفتح حتى ساعات متأخرة من الليل لتلبية حاجات الناس للعيد، غير أن هذا العيد جاء في وقت صعب، فالبضاعة التي نعرضها قمنا بشرائها على سعر صرف 18 ألفاً واليوم وصل الدولار إلى 23 ألفاً فكيف سنبيع؟ ومن يتحمل مسؤولية الخسائر التي تتراكم فوق رؤوسنا”؟
وأوضح أحمد أن “الناس اليوم تشتري وفق حاجاتها وتحسبها عالفرنك، فمن لديه أولاد يشتري لهم قدر إستطاعته من دون أن يفكّر بنفسه وزوجته، فالكبير يتحمّل ولكن الصغير وفرحته بالعيد لا يمكن أن تؤجلها أو تتخطّاها”، مضيفاً بأن “حركة المبيع إلى تراجع في كل عيد، والناس اليوم يبحثون عن الطعام وكيفية بقائهم على قيد الحياة، ولا يفكرون بالثياب ومعظمهم بات يتوجه إلى محلات البالة للشراء أو إلى تصليح ثيابٍ قديمة”.
وعلى المقلب الآخر تجد الأوضاع في بعلبك شبه عادية، فحركة السير والزحمة في السوق تزداد في ساعات ما بعد الظهر، يعجّ السوق بالناس من دون بركة، يخيل إليك أن لا ازمة بنزين او دولار، والكل يعيش بهناء ورغد، لا تظاهرات أو قطع طرقات إحتجاجاً على الأوضاع المعيشية إلا في ما ندر. أما في الهرمل فالحال لا يختلف كثيراً عن بعلبك، والناس يئنّون من الأوضاع التي وصلنا إليها.