كان من المفترض أن يعقد المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل، مؤتمرا صحافيا الأحد الماضي، يشرح فيه بالتفصيل ملابسات مبادرة بري الحكومية، ومسارها، والتطورات التي أدت الى سقوطها سقوطا مدويا مع اعتذار الرئيس سعد الحريري عن عدم التشكيل وانسحابه من الملعب من دون تسمية بديل منه او تأمين الغطاء السنّي له.
غير ان الاوساط السياسية التي انتظرت هذا المؤتمر، تفاجأت بإلغائه. فلماذا تراجع عنه خليل؟ بحسب ما تكشف مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن الرجل كان سيتحدّث بطلب من بري، ليبق البحصة ويضع النقاط على حروف المبادرة، معرّيا من أفشلها ووضع العصي في دواليبها. غير ان رئيس المجلس، وفي ربع الساعة الاخير، طلب من معاونه الغاء المؤتمر، بناء على تواصل تم مع قيادة حزب الله، تمنّت فيه على عين التينة، التهدئة.
فبحسب المصادر، المؤتمر العتيد كان سيحمل تصويبا على الفريق الرئاسي وتصعيدا ضد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالشخصي، حيث كان خليل في صدد تحميله مسؤولية المصير القاتم الذي انتهت اليه المبادرة بسبب شروطه التعجيزية في شأن تسمية الوزيرين المسيحيين ومنع الرئيس المكلّف من ان تكون له كلمة في اختيارهما، وفي مسألة تمسّكه بالثلث المعطّل ايضا.
وقد ابلغ الحزب، بري، أنه يتّجه نحو اتصالات مع بعبدا وميرنا الشالوحي، لحثّهما على التهدئة وعلى تغليب لغة العقل والمنطق في التعاطي مع ملف التكليف بعد اعتذار الحريري، وللغاية، تمنّى عليه الا يُشعلها من جديد مع البياضة، كون السخونة ستؤثر على مساعي التهدئة… فكان للحزب ما اراد، وأحجم خليل عن عقد مؤتمره الصحافي.
وبالفعل، تتابع المصادر، سُجّل لقاء في الساعات الماضية (مساء الاحد على الارجح) بين وفد من الحزب وباسيل، تم خلاله التطرق الى الشأن الحكومي، وتم الطلب اليه ابقاء خطوط التواصل مفتوحة مع الاطراف كلّها وعدم الدخول في مواجهات، فالمرحلة تتطلب تنسيقا مع الجميع، سيما بين بعبدا والبياضة وعين التينة والضاحية، للخروج بتفاهم او تصوّر مشترك للمرحلة المقبلة.
التهدئة تم تأمينها اذا، لكن الاتفاق على التكليف لم يتأمّن بعد. وفق المصادر، الثنائي الشيعي لا يزال حتى الساعة، مصرا على عدم استفزاز الشارع السني ويريد اسما يحظى بمباركة الرئيس الحريري، أي ميقاتي على الارجح، لكن موافقة الاخير غير مضمونة بعد. اما باسيل، فيطرح اوّلا نواف سلام، الذي لا يحبّذه الحزب ولا يرتاح اليه، كما يطرح سمير الخطيب، وهو احتمال وارد بقوة اذا قبل الاخير كسر الالتفاف السني على الحريري، علما انه وافق اثر ثورة 17 تشرين قبل ان يرد التكليف الى اصحابه بعد ان اصطدم برفض بيئته السياسية والروحية له. كما ان الذهاب نحو حكومة لون واحد ومرشّح 8 آذاري كفيصل كرامي او فؤاد مخزومي، يعتبر حسان دياب ثان، خيار لا يحبّذه الثنائي الشيعي… الاتصالات بين الفريق الحاكم ستتكثف من اليوم الى الاثنين المقبل موعد الاستشارات، لكنّ انتهاءها الى اتفاق، وخروج الدخان الابيض من القصر، لا يزالان حتى الساعة غير مضمونين…