كتب عمر البردان في “اللواء”:
لن تتوقف المشاورات السياسية بين الكتل النيابية في عطلة عيد الأضحى المبارك، من أجل بلورة الصورة في ما يتصل بالاستشارات النيابية الملزمة التي دعا إليها رئيس الجمهورية ميشال عون، الإثنين المقبل، بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري، بهدف السعي من أجل إيجاد شبه توافق على الشخصية التي سيصار إلى تسميتها، وإن كانت الصورة يكتنفها المثير من الغموض حول هذا الموضوع الذي تدور بشأنه انقسامات واسعة بين القوى السياسية.
وفي حين لم تتضح بعد صورة المشاورات المتصلة بالتكليف، وتحديداً ما يتعلق بموقف الكتل النيابية، ووسط مخاوف من أن لا يصار إلى تشكيل حكومة، باعتبار أنه قد لا يسمى رئيس مكلف إذا حصلت مقاطعة سنية للاستشارات الملزمة، بسبب إبعاد الحريري، فإن الأوساط المعارضة، لا تستبعد أن لا يكون رئيس الجمهورية مستعداً لتسهيل تشكيل حكومة، في حال اقتضت مصلحة «حزب الله» الإبقاء على حكومة حسان دياب، بالرغم من المعاناة التي يمر بها اللبنانيون. وهذا ما سيزيد النقمة الداخلية والخارجية على الطبقة السياسية التي تتحمل مسؤولية أساسية في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه.
وفيما يخشى أن تزداد عزلة لبنان العربية والدولية بعد الفشل الذريع في التوصل إلى تشكيل حكومة جديدة، فإن انتقال ملف العقوبات الأوروبية على معطلي تأليف الحكومة إلى الإطار القانوني، يؤشر إلى مرحلة شديدة التعقيد سيواجهها لبنان إذا استمرت الطبقة الحاكمة في وضع العراقيل أمام تأليف حكومة موثوقة من شخصيات اختصاصية توحي بالثقة، وبإمكانها إخراج لبنان من هذه الورطة التي تستوجب اتخاذ إجراءات استثنائية على قدر كبير من الأهمية، لوقف انزلاق البلد نحو الهاوية، مع تفاقم الأزمات الحياتية والاجتماعية والمعيشية، بحيث بات اللبناني عاجزاً عن تأمين أدنى مقومات معيشته اليومية، في وقت تزداد حالات البؤس والفقر بوتيرة سريعة، وهو ما دفع المنظمات الإنسانية الدولية إلى التحذير من أن لبنان بات على شفير المجاعة الكبرى.
واستناداً إلى معلومات «اللواء»، فإن هناك أسماء عديدة يعمل فريق العهد على غربلتها، في ما يتعلق بتسمية الشخصية التي ستكلف تشكيل الحكومة، على أن يعمل في مرحلة لاحقة على تسويق أحدها بين مكونات الثامن من آذار، على غرار ما جرى مع الرئيس حسان دياب، في حال لم يصر إلى تسمية شخصية توافقية، تحظى بمظلة دار الفتوى ولا تلقى معارضة الرئيس الحريري وتياره السياسي. وعندها سيذهب العهد إلى تكرار نسخة حكومة تصريف الأعمال الحالية، أي حكومة اللون الواحد التي لن تكون قادرة على القيام بالمهمة الإنقاذية المطلوبة منها، من أجل وضع لبنان على السكة الصحيحة، باعتبار أنه يستحيل أن يقوى فريق لبناني لوحده على عملية الإنقاذ هذه، ما سيجعل أي حكومة على هذا المستوى مكبلة وغير قادرة مطلقاً على القيام بالمهام المطلوبة منها.
وإذا كان «حزب الله» مستعداً للسير بحكومة من لون واحد، فإن مصادر كتلة «التنمية والتحرير»، تشدد لـ«اللواء»، على أنه لا بد من تأمين أوسع تأييد للرئيس المكلف الذي سيخلف الرئيس الحريري، بالنظر إلى المهام الوطنية الجسام التي تنتظر الحكومة المقبلة، ما يفرض حصولها على أكبر دعم من الكتل السياسية والبرلمانية، خاصة وأن التعامل مع المنظمات الدولية والمؤسسات المالية العالمية، لا بد وأن يكون من قبل حكومة تمثل جميع المكونات السياسية اللبنانية، لا أن تكون ممثلة لفريق معين، ولا تحظى قراراتها بالدعم السياسي المطلوب من كل هذه المكونات.