Site icon IMLebanon

لُعبة الأكثرية للهروب من التحقيق العدلي

جاء في “المركزية”:

على مسافة ايام من الذكرى الاولى لانفجار المرفأ، تبدو السلطة السياسية عاقدة العزم على تحريك السكين اعمق في جراح اللبنانيين وذوي الشهداء والضحايا والمشردين والمصابين. ففيما المحقق العدلي في الجريمة يطلب الاذونات ورفع الحصانات لملاحقة عدد من السياسيين والامنيين، يبحث اهل الحكم عن مخرج للالتفاف على هذا المطلب وقد وجدوا على الارجح ضالتهم.

الصيغة السحرية التي تقيهم شر المثول أمام طارق البيطار، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ “المركزية”، تقوم على احالة النواب والوزراء المستدعين، الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، بعد ان يمثلوا امام لجنة من نواب وقضاة يتم تشكيلها.. وبهذا الشكل، تُحوّل القضية هذه من يد القضاء العدلي الى المجلس الآنف الذكر. وفق المصادر، ما تحاول السلطة التنفيذية اليوم فعله، من خلال توقيع كتل برلمانية على طلب احالة الملف الى المجلس الاعلى، تريد منه ظاهريا القول انه يخدم قضية كشف حقيقة الانفجار سيما بعد ان رفض بيطار تقديم اي مستندات وادلة اضافية الى البرلمان؛ وتزعم قوى السلطة ان اللجنة العتيدة هي البديل من رفع الحصانة، لان هذا الرفع يحتاج الادلة التي لن يقدمها المحقق العدلي… لكن في الواقع، المنظومة تتحايل على القانون ونصوصه، لان ما قدمه اليها بيطار كاف وواف لرفع الحصانات، ان هي ارادت ذلك… لكن اللجوء الى اللجنة والمجلس مسرحية كبيرة توهم بها الشعب انها حريصة على كشف الحقيقة… لكن هل من عاقل يصدق ان لجنة مؤلفة من النواب ستحاكم النواب وتحاسبهم؟!

على اي حال هذه اللعبة غير البريئة مكشوفة من قبل الرأي العام والعالم، وقد عّراها تكتل الجمهورية القوية المعارِض من داخل البرلمان.

ففيما انتقدها رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع مرارا، عقد النائب في كتلة “الجمهورية القوية” جورج عقيص مؤتمرا صحافيا، امس، طالب فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري بدعوة الهيئة العامة للمجلس للتصويت على طلب الاذن برفع الحصانة عن النواب غازي زعيتر ونهاد المشنوق وعلي حسن خليل، وأعلن “رفضنا القاطع لعريضة الاتهام بحقهم الجاري توقيعها من قبل بعض الزملاء”، ودعا المجتمعين المحلي والدولي الى مناصرة موقفنا الذي نعلنه اليوم من مجلس النواب”. واعتبر عقيص “ان ما يجري اليوم من قبل الأكثرية في المجلس النيابي هو تهديم للشرعية، من خلال مخالفة النصوص والأعراف، وفي آن معا اشاحة النظر عن وجع ضحايا انفجار 4 آب الذين استطاعوا عبر سنة من الزمن نقل اوجاعهم الى كل لبناني ولبنانية”. وقال “لا بد لي من تقديم الملاحظات التالية: أولا: ان الكتاب الذي ارسله المحقق العدلي الى مجلس النواب بواسطة وزارة العدل، هو بالضبط خلاصة الادلة التي يملكها والتي كونت الشبهة لديه، فيكون المحقق قد التزم بنص المادة 91 من نظام المجلس الداخلي، ويكون قراره بعدم الاستجابة لطلب الهيئة المشتركة مبررا.

ثانيا: لقد صار لزاما على الهيئة العامة للمجلس النيابي ان تنعقد من اجل البت بطلب الاذن برفع الحصانة والملاحقة، اذ ان عناصر عرض الموضوع على الهيئة العامة اكتملت وصار عليها حسم الامر بالتصويت. لم يكتف المجلس النيابي بما تقدم، بل عمد بعض النواب الى توقيع عريضة اتهام بحق النواب الثلاثة المشتبه بهم، عملا بالمادة 70 من الدستور، تمهيدا لملاحقتهم امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ان المجلس المذكور ليس صاحب صلاحية في الجرائم المدعى بها من قبل المحقق العدلي، ولا يمكن للمجلس النيابي حجب صلاحية القضاء العادي من خلال المباشرة بتحريك عريضة الاتهام النيابية”.

وقال: “أستطيع التأكيد بكل حرية ان توقيع هكذا عريضة يهدف فقط الى عرقلة التحقيق العدلي الذي يحقق منذ سنة تقريبا في هذه الجريمة، والظهور امام الرأي بأن المجلس بصدد تحمل مسؤولياته، في حين ان القاصي والداني يعلم علم اليقين، وفضلا عن مسألة عدم اختصاص المجلس الأعلى، ان الاخذ بعريضة الاتهام سيفضي الى انشاء لجنة تحقيق برلمانية يعلم الله متى ستنجز مهامها وكيف ستنجز مهامها، كما الله وحده يعلم متى سيكتمل تشكيل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وكلنا نعرف من سيعرقل عمل اللجنة اذا تشكلت وعمل المجلس الاعلى اذا اكتمل عدده”. وتابع “انطلاقا من كل ذلك، اطالب دولة الرئيس بري بدعوة الهيئة العامة للمجلس للتصويت على طلب الاذن برفع الحصانة عن النواب المشتبه بهم (1) ونعلن رفضنا القاطع لعريضة الاتهام الجاري توقيعها من قبل بعض الزملاء (2) وندعو المجتمعين المحلي والدولي الى مناصرة موقفنا الذي نعلنه اليوم من مجلس النواب، وغدا قد نردده مع اكثرية الشعب اللبناني في اي مكان مناسب في لبنان، اذا لم يتم الاخذ بموقفنا (3).

وبعد، وامام هذه المعطيات القانونية والدستورية، هل ستستمر الاكثرية في سياسة التذاكي والتشاطر على القانون، تحت مرأى اللبنانيين والعالم، فتكون كمن يصب الزيت على نار اللبنانيين وجراحهم، وتدفعهم بسلوكها هذا نحو الانفجار قبيل مرور سنة على ذكرى الانفجار- الزلزال؟